فتحى ندا الخبير الاقتصادي يكتب.. ( ثلاث عائلات تتحكم في إقتصاد العالم )
نظام عالمى جديد أم مجرد ثوب جديد وإطلالة مختلفة ≪ نيو لوك ≫ بفكر وثوب شرقى بدلا من الغربي الذى َسئِمَهُ العالم بعدما إنفضحت أسراره وأدرك الخصوم مواطن الهشاشة من بنيانه ؟
يُوصَفُ النظام العالمى الجديد بأنه ≪ نظام أفقي≫ لأنه يقوم على أُسُس تهدف الى تحقيق العدالة والتعاون المُثمِر من أجل تنمية مستدامة لجميع الأعضاء، ولآنه بُنيى على فكر تعاونى غير مُتسلط ولامُتآمر، نظام يديره تعددية قطبية بديلا عن نظام القطبية الأحادية السائدة المُتسيدة المُهيمنة على العالم منذ يوليو 1944م ≪ في نظام يوصف بأنه رأسي≫ ، ولأنه قائم على التعددية القطبية التي لن تدع مجالاً لدولة أن تهيمن أو تطغى على باقىي الدول أو تتحكم في حياة وأرزاق وثروات شعوبها وتسوقهم في إستغلال مَقيت لتحقيق مزيد من الهيمنة والتحكم، ولايَسمح بقتل رؤساء دول أو تقليب الرأي العام الشعبى ضدهم وإشعال الثورات ودعم الإنقلابات عليهم وتخريب بلدانهم بإيدى شعوبها فقط لان أحدهم فكر في إصدار عملة أخرى بديلة لعملة الهيمنة " مثل العقيد معمر القذافى الرئيس الليبي "، أو شرع في بيع الفائض من بترول بلده بعملة خلاف الدولار الأمريكي " مثل الرئيس صدام حسين – رئيس العراق".
النظام الجديد بدأت تتناثر الأنباء عنه بعد اجتماع وزراء خارجية الأربع دول الأعضاء المؤسسين في سبتمبر 2006 بمدينة نيويورك ≪ المؤسسين : البرازيل – روسيا – الهند – الصين وكان يرمز لهم بالإختصار ( بريك – BRIC), تلا ذلك اجتماع دبلوماسية واسعة النطاق في روسيا مايو 2008م، ثم عُقدت أول قمة لرؤساء الدول الأربع بروسيا في يونيو 2009م حيث أعلنت تلك القمة عن تأسيس نظام عالمي ثنائى القطبية، سبق ذلك الاجتماع لقاء لزعماء الدول الأربع في يوليو 2008م بجزيرة (هوكايد اليابانية) حيث كانت قمة " الثماني الكبرى"، واتفق الزعماء الأربع على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية بما فيها التعاون المالى وحل المسألة الغذائية، ثم انضمت دولة جنوب إفريقيا لهذا التحالف في 2010م لتصبح الرمزية لهذا التحالف ( بريكس – BRICS).
هذا النظام ثنائى القطبية الذى أُعلن عنه في يونيو 2009م هل سيكون نسخة عصرية من النظام الثنائى القطبية الذى خرج من رحم الحرب العالمية الثانية المنتهية في 1945م ذاك النظام الذى فرض على العالم مناخ الإستقطاب والحرب الباردة بين الإتحادين الأمريكي والسوفيتى مدة 44 سنة الى أن إنهار وتفكك الإتحاد السوفيتى في 1989م بيد أجهزة الولايات المتحدة الأمريكية، 44 سنة عاش العالم خلالها معاناة توتر العلاقات بين القطبين وحلفاؤهما على كافة الأصعدة، سباق تسلح حرم الكثير من الشعوب فرص التنمية المستدامة، وصًم القطبين آذانهم عن إستغاثات العلماء والمنظمات المنادية بضرورة الإنتباه الى خطر التلوث والإحتباس الحرارى الذي نعانى جميعا آثاره السلبية الخطيرة الآن، وتكتل رفع لافتة السلبية وأعلن قلة الحيلة ≪ دول عدم الإنحياز≫.
هل النظام الجديد وليد الفكر الشرقى حقاً، أم هو≪ نسيج من فحيح الأفاعى≫ ؟
يفرض نفسه هذا السؤال لأسباب منها: أولاً: صاحب فكرة تأسيس تحالف بريكس والنظام العالمى ثنائى القطبية الجديد هي روسيا الإتحادية هي هي وريثة الإتحاد السوفيتى " أي أن أسباب الصراع تحت الرماد والنية في الإنتقام ورد الإعتبار حقيقة قائمة، ثانيا: أسياد المال ≪ أفاعي الاقتصاد العالمى: روتشيلد – مورغان – روكفللر – وأعوانهم ≫ هم من إجتمعوا وخططوا وفرضوا الدولار الأمريكي عملة رئيسية ومرجعية عالمية لجميع العملات بقرارات بريتون وودز في يوليو 1944م بحجة إمتلاك أمريكا للغطاء الذهبى الكافى لطباعة حاجة العالم من الدولار، ثم فرضوا الدولار الأمريكي عملة وحيدة لتداول النفط حول العالم بالإتفاق مع دول أوبك 1970م ثم تأكيد الإتفاق مع السعودية مقابل الحماية في 1975م، وهم هم من يملكون رؤوس الأموال والشركات متعددة الجنسيات " الإنترناشيونال " والعابرة للقارات وتعمل وتمتلك في جميع دول العالم وتهيمن على أقوى الإقتصادات العالمية - إن هذه العائلات تمتلك 90 % من أسهم البنوك المركزية في أغنى دول العالم( أمريكا و أوروبـا ) لذالك فهي صاحبة حق طباعة العملة الورقية لتلك الدول ( اللهم إلا روسيا بسبب العقوبات التي فُرضَت عليها جراء غزوها أوكرانيا). ثالثا: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من أنهى سيطرة عائلة روتشيلد الماسونية على البنك المركزى الروسى، وهو ماوصفه باعتباره إنهاء للنظام العالمى الماسونى، حيث بدأت سيطرة عائلة روتشيلد الماسونية سيطرتها على روسيا منذ عام 1917 وإلى عام 2017، وقد استطاعت العائلة الغامضة خلال قرن من الزمان السيطرة على البنك المركزى الروسى، وتحكمت فى طباعة الروبل الروسى، واستطاعت تصعيد العديد من أتباعها فى تشكيل الحكومات الروسية المتعاقبة. رابعا: الصعود الإقتصادى الصينى الذى يُزاحم بقوة الاقتصاد الأمريكي والنفوذ الذى تجلت بعض منتجاته في المصالحة الإقليمية بين السعودية وإيران، ثم دعم عودة سوريا الى الصف العربى، خامسا: الحرب الدائرة على الأراضى الأوكرانية بداية بالثورة البرتقالية ثم شبه جزيرة القرم وأقليم الدونباس ثم الغزو الروسى لأراضى أوكرانيا وضم الأربع أجزاء التي تمثل الشرق الأوكرانى الناطق بالروسية، سادسا: هؤلاء الأفاعي الذين يملكون أكثر من نصف الأموال والأصول والشركات في العالم هل هم في غفلة عما يحدث الآن وعن ما كان يدور في الكواليس ويتصاعد دخانه بين الفينة والأخرى منذ قرابة العقدين؟
لهذه الأسباب وغيرها "تفصيلاً" تجعل الإجابة: إن هذا النظام الجديد هو ≪ نسيج من فحيح الأفاعي ≫ لثوب يُحاك بيد تحالف بريكس، هذا وما تقدم يقودنا الى سؤال منطقيٌ آخر.. هل سيولد النظام الجديد ولادة طبيعية على وسائد المودة والرحمة والسلام أم سيخرج من رحم حرب عالمية ثالثة قد تكون هي التي بدأت تستعر نيرانها شيئا فشيئا منذ فبراير 2022م على الأراضى الأوكرانية؟، وإن كانت هل ستكون حربا بأسلحة تقليدية كالحربين الأولى والثانية أم غير ذلك؟
غالبا التاريخ يعيد نفسه مع تغيير في الملامح واللهجات وخاصة إذا كان المُحَرِك والمستفيد هو هو.
القطب العالمى القادم يصف نفسه بالإقتصادي غير العسكرى، في حين أن المعلوم بالضرورة من كتاب التاريخ أن الاقتصاد والسياسة ثعبانان يلتفان حول بعضهما ويتعاونان في لدغ الفريسة ثم التهامها إما على البارد بحصارها وبتجميدها إقتصاديا أو مشوية بنار الحرب.
والسؤال الخاتم هو: أين نحن من كل ذلك، هل نحن عضو فاعل ومستفيد في النظام الجديد أم سيتكرر التاريخ معنا أيضاً ونكون عضوا في تكتل عدم إنحياز جديد؟
الشواهد تقول أننا بإذن الله سنكون مشاركين والفرصة ستُتاحُ لنا كى نكون من المستفيدين، علينا جميعا العمل على حُسن إستغلال الفرصة المتوقعة والتي نأمل أنها محسوبة.