الهيئة الإنجيلية: الخطاب الديني لابد أن يرتكز على قيم العيش المشترك
قال الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية إن هناك أهمِّيَّةٍ بالغة بفكرة "الدينوالمجتمع"، ويحتل الدين مكانة بارزةً في مجتمعاتنا العربية؛ وقد شهدنا خلال العقود الماضية هذا التأثير الكبير الذي ألقى بظلاله على كافة المجالات؛ وخصوصًا على الصعيدين السياسي والاجتماعي. ولهذا السبب من المهم أن تُركِّز الحوارات المشتركة، على هذه القضية. وأودُّ في هذه الكلمة أن أركز بإيجازعلى بعض النقاط المهمة:
وقبل كل شيء دعونا نفرق بين "الدين" و"الفكر الديني"؛ فالدين منظومة إيمانية جاءت في نصوص مقدسة يؤمن بها الإنسان ويكوِّن من خلالها علاقة مع الخالق، أما الفكر الديني فهو اجتهادات وتأويلات تحاول تفسير النصوص الدينية؛ وهذه نشاطات فكرية بشرية، خاضعة للمراجعة واختلاف الآراء والرؤىوالتوجهات الفكرية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تكون هذه الاختلافات مدعاة للصراع أو النزاع أو التقليل من شأن الآخر.
وتابع رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الإجتماعية خلال كلمته افتتاح الحوار العربي الأوروبي الثامن إنه ضمن مايتناوله الفكر الديني هو النظرة إلى العيش المشترك، والتسامح، والسلام المجتمعي. وهذا الفكر الديني ذو تأثير كبير أيضًا على السياسة والمجتمع والتنميةوالديمقراطية وغيرها من المفاهيم ستتناول محاورها مشاركات الحضور في هذا اللقاء، متابعا كما يجدر بنا أيضًا في هذا اللقاء أن نفرق بين دور الدين فيالمجتمع، وبين تحويل الدين إلى أيديولوجية أو استخدامه سياسيًّا، أو توظيفه بأي شكل من الأشكال وهذا من شأنه أن يبعد الدين عن أهدافه الأساسيةالسامية.
وفي إطار حديثنا عن الدين والمجتمع، يجب أيضًا أن نتفادى الانزلاق للدعوة إلى تديين المجال العام، فهذا أيضًا من المفاهيم التي لا تخدم الدين ولا المجتمع.
إذًا ماذا نقصد بالدين والمجتمع، والعلاقة بينهما؟ وكيف السبيل إلى إيجاد علاقة إيجابية صحية بين الدين والمجتمع تسهم في تعزيز العيش المشترك وتدعمجهود التنمية المستدامة وتتبنى قضايا مشتركة، مستخدمين في هذا التأثير الكبير والاحترام الجزيل للدين في مجتمعاتنا؟
إن العلاقة بين الدين والمجتمع في العالم العربي متجذرة ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا؛ إذ يشكل الدين محورًا رئيسًا في تشكيل منظومة القيم، وقد شكل الدين أيضًاتاريخ المنطقة وحاضرها مما يعني امتداد هذا التأثير للمستقبل، وأي محاولة لفهم تطورات العالم العربي، وكذلك أي تطرق لمفاهيم الحوار والأرضية المشتركة،يجب أن يضع في اعتباره مركزية الدين وتأثيره العميق على المواطنين في المنطقة العربية باختلاف دياناتهم ومذاهبهم.
وتابع: تبرز أهمية التفسير التعددي للنص الديني، باعتباره مفهومًا جوهريًّا في تطوير الفكر الديني، يعزز التعددية التي هي الأساس للمواطنة والعيشالمشترك. إن التفسير التعددي للنص الديني هو الذي يحترم البعد التاريخي للنصوص، ويفصل بين تفسير النص والنص ذاته. فالنص الديني هو وحي من الله،لكن يستقبله أناس مختلفين في الثقافة والتعليم. وتبعًا لكون البشر مختلفين، فستظل هناك دائمًا تفسيرات متعددة للنص الديني.
وهذا التنوع البشري المتمثل في الخلفيات المتعددة، يؤدي دائمًا إلى قراءات وتفسيرات عديدة. وبالتالي عند اختيار أحد التفاسير ومطابقته بالنص، فإنه يؤديإلى رؤية أحادية ضيقة. لكننا إذ قبلنا التعددية البشرية، فعلينا أن نقبل التعددية في التفسير. هذه التعددية سوف تزيد من ممارسة هذا المفهوم على المستوىالفقهي اللاهوتي، وكذلك على المستويين الاجتماعي والسياسي.
وتقع على المؤسسات الدينية مسؤولية كبيرة في نشر الخطاب الديني الذي يركز على قيم العيش المشترك، ويمتد دور المؤسسات الدينية إلى حوار الحياةالمشتركة والاتحاد سويًّا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع؛ فالمؤسسة الدينية ليست جزيرة منعزلة عن المجتمع إنما هي جزء منه لا تقدر أن تنفصلعنه. ولكي تتحقق هذه الأهداف، يجب على هذه المؤسسات الحوار حول القضايا المجتمعية، بما فيها قضايا الأسرة، وقضايا التنمية، ومواجهة الفقر، وقضاياالبيئة... وغيرها، بما لها من تأثير لدى الناس. ويقوم المجتمع المدني بدوره، إلى جانب المؤسسات الدينية والدولة، كحلقة وصل في الدعوة إلى قيم المواطنة والمساواة والعيش المشترك وتعزيزها والتوعية بها.