أبرز محطات حياة البابا شنودة في ذكرى ميلادة الـ 100
تحل اليوم الخميس الذكرى الـ 100 لميلاد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والذى ولد في 3 أغسطس 1923 فى منزل مبني من الطين، والطوب اللبن وسقفه من العروق الخشبية وجريد النخيل على الضفة الغربية لنهر النيل بقرية سلام التابعة لمركز أسيوط. وما زال هذا المنزل هو مصدر البركة للعديد من أقباط القرية الذين يعتبرون المنزل له طبيعته الخاصة كونه كان ميلادا لواحدا من أشهر الباباوات.
ولد البابا شنوده الثالث لأسرة من مركز سلام حيث كان والده من ذات القرية أما والدته فكانت من مركز أبنوب محافظة أسيوط وتحديدا من قرية الحمام ، وأصيبت والدته بعد ولادته بحمى النفاس فتركته رضيعا فأرضعته إحدى مسلمات القرية وكانت تسمى "الحاجه صابره " مع طفلها الذى كان فى نفس عمر البابا شنوده حينها، وشاركت نساء القرية بإرضاع هذا الصغير ورعايته حتى اشتد عوده، وتم تسميته حينها " نظير جيد روفائيل .وولد البابا شنودة الثالث باسم نظير جيد روفائيل، 3 أغسطس 1923، وهو البابا رقم 117، وكان أول أسقف للتعليم فى الكنيسة القبطية، حيث تم تدشين أسقفية خاصة لذلك الغرق، قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف بعد البابا يوأنس التاسع عشر 1928- 1942 ومكاريوس الثالث 1944- 1945، ويوساب الثانى 1946- 1956، الأمر الذى دفع الأقباط إلى وضعه فى قلوبهم وتخليدهم لذكرى ميلاده وذكرى وفاته كل عام، وكذلك الاحتفاظ بكل مقتنياته فى متحف خاص به بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، افتتحه قداسة البابا تواضروس الثانى فى شهر مارس عام 2013 وذلك فى الذكرى الأولى لرحيله.
اجتاز مراحله التعليمية الأولى في دمنهور والاسكندرية وأسيوط وبنها، وأتم دراسته الثانوية بمدرسة الإيمان الثانوية بجزيرة بدران بشبرا مصر فى سنة 1939م بدأ خدمته فى مدارس التربية الكنسية بكنيسة العذراء بمهمشة بالقاهرة، وفى سنة 1946م بدأ خدمته بكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بشبرا مصر، وفي سنة 1947م حصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا)، وفى نفس السنة (1947م) تخرج من كلية الضباط الاحتياط، وفي سنة ١٩٤٦م التحق بالكلية الاكليريكية وتخرج بها سنة ١٩٤٩م، وعمل في مجال التدريس وفى سنة ١٩٤٩م تكرس للخدمة وللتدريس بالإكليريكية، وقد تولى رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد (في أكتوبر (١٩٤٩م) وحتى رهبنته (في يوليو ١٩٥٤م)، وفى سنة ۱۹٥٢م اختير رئيسًا لمجلس ادارة بيت مدارس الأحد، ثم استقال منه ليتفرغ للإكليريكية وللخدمة، فى سنة ۱۹۵۳م قام بالتدريس في مدرسة الرهبان بحلوان.
في ١٨ يوليو ١٩٥٤م ترهب بدير السيدة العذراء (السريان بوادي النطرون باسم الراهب أنطونيوس السرياني، وصار أمينا لمكتبة دير السريان ومن عام ١٩٥٦ إلى عام ١٩٦٢ عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالى ٧ أميال عن مبنى الدير مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة، تمت سيامته قسًا يوما ٣١ أغسطس ۱۹٥٨م بيد أنبا ثاؤفيلس أسقف الدير وقتذاك.
وفي يونيو ١٩٥٩م اختاره البابا كيرلس السادس ليكون سكرتيرًا له.
وفى ٢٠ سبتمبر ١٩٦٢م تمت سيامته أسقفًا للتعليم باسم أنبا شنودة وأسس اجتماعات روحية للوعظ والتعليم بمنطقة دير الأنبا رويس بالعباسية.
وفى يناير ۱۹٦٥م أصدر العدد الأول من مجلة “الكرازة"، وفى سنة ١٩٦٦م أصبح عضوًا بنقابة الصحفيين.
بعد نياحة البابا كيرلس السادس يوم ۹ مارس ۱۹۷۱م، تم ترشيحه للجلوس على الكرسي البابوي، وكان ضمن الثلاثة الذين اختيروا بالانتخاب يوم ٢٦ أكتوبر ١٩٧١م. وفي يوم الأحد ٣١ أكتوبر ۱۹۷۱م تم اختياره بالقرعة الهيكلية،
وفى يوم الأحد ١٤ نوفمبر ۱۹۷۱م تم تتويجه وتجليسه على الكرسى البابوي.
فى فبراير ۱۹۹۱م اختير رئيسًا لمجلس الكنائس العالمي عن الارثوذكس الشرقيين والشرق الأوسط، وفى ٨ نوفمبر ١٩٩٤م اختير رئيسًا لمجلس كنائس الشرق الأوسط عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وتجدد انتخابه لمرة ثانية سنة،۱۹۹۸م، ولمرة ثالثة ٢٠٠٣م.
قام بعدد ١٠٤ رحلة خارج مصر لأهداف رعوية ومسكونية للعديد من الدول في قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأستراليا.
وقام بسيامة أول بطريرك لإريتريا وهو أبونا فيلبس الأول ۱۹۹۸ م، كما قام بسيامة أبونا أنطونيوس الأول بطريركًا لإريتريا ٢٠٠٤م.
وقام بسيامة ١١٧ مطرانًا وأسقفًا وخور ايبسكوبوس، وكذلك سيامة ۱۰۰۱ كاهن للقاهرة والاسكندرية وبلاد المهجر،
وقام بعمل الميرون المقدس سبع مرات.
وفي سنة ١٩٧٣م أحضر إلى مصر رفات القديس أثناسيوس الرسولي
وصدرت في عهده بعض اللوائح، منها: لائحة المجمع المقدس (۱۹۸۵م)، ولائحة المكرسات(۱۹۹۱م).
وفى ٢٥ مايو ۱۹۸۰م أسس أسقفية لخدمة الشباب، وفى ١٩٧٦م تأسست أسقفية عامة لشئون أفريقيا, وفى ١٩٩٥م تأسست أسقفية للكرازة، وأسس معهد الرعاية والتربية ١٩٧٤م، ومعهد الكتاب المقدس ١٩٧٤م،
وفي عهده تم إنشاء المقر البابوي بمنطقة الأنبا رويس بالعباسية وتأسست في عهده مراكز ومؤسسات علمية وثقافية، منها: المركز الثقافي القبطى الأرثوذكسى،(۲۰۰۸م)، ومركز البابا شنودة للتنظيم وتكنولوجيا المعلومات (۱۵) نوفمبر ۲۰۰۰م)، ومؤسسة مار مرقس لدراسات التاريخ القبطى (۱۹۹۸م)، وانطلقت في عهده قنوات فضائية قبطية: قناة آغابي (۲۰۰۵م)، وقناة سي تي في (ctv) (۲۰۰۷م)، وقناة لوجوس (۲۰۱۰م)، وقناة مار مرقس میسات) (۲۰۱۱م).
وأسس إيبارشيات جديدة بمصر وبلاد المهجر. وبالرغم من مسؤولياته العديدة والمتنوعة إلا أنه كان يقضى ثلاثة أيام أسبوعيا في الدير، وحب قداسته لحياة الرهبنة أدى إلى انتعاشها في الكنيسة القبطية حيث تم فى عهده سيامة المئات من الرهبان والراهبات وإنشاء العديد من الأديرة القبطية داخل وخارج مصر وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت
وقام قداسته بافتقاد إيبارشيات مصر والخارج عدة مرات وكذلك افتقاد كنائس مصر وبلاد المهجر، وافتقاد الأديرة داخل مصر وخارجها
والعديد من الاتفاقيات المسكونية والمؤتمرات واللقاءات والحوارات اللاهوتية والمسكونية وكانت له مواقف وطنية كثيرة منها: مساندة القضية الفلسطينية، وقضية القدس ومساندة الوطن خلال حرب ٦ أكتوبر ۱۹۷۳م، واستطاع أن يعبر بالكنيسة إلى بر الأمان أثناء القرارات التي أصدرها الرئيس أنور السادات في سبتمبر ۱۹۸۱م ومنها قرار الغاء تعيينه بابا للإسكندرية، وأقامته الجبرية بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون لمدة أربعين شهرًا، وعاد إلى مقر كرسيه فى يناير ۱۹۸٥م.. وفى سنة ۲۰۱۱م أصدرت اللجنة الدائمة" للمجمع المقدس برئاسة قداسته بيانًا بتاريخ ۱۵ فبراير ۲۰۱۱م أكدت فيه تأييدها لثورة ٢٥ يناير ۲۰۱۱م، والإشادة بدور الجيش المصري والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وما أصدره من بيانات.
مؤلفاته يبلغ عددها حوالي ١٥٠ كتابًا، وتشمل العديد من المجالات الروحية واللاهوتية والعقائدية وغيرها وتمت ترجمة العديد من مؤلفاته إلى لغات متعددة. كما كانت له مقالات بمجلة الكرازة وجريدة وطني وجريدة الأهرام وجريدة الجمهورية وجريدة أخبار اليوم، ومقالات أخرى بمجلة الهلال، وله حوالي ۲۰ قصيدة روحية إلى جانب العديد من أبيات الشعر، وغيرها.
تنيح مساء يوم ٨ برمهات ۱۸۲۷ ش الموافق ۱۷ مارس ۲۰۱۲م، وتم صلاة الجناز على جسده الطاهر الثلاثاء ۲۰ مارس ۲۰۱۲ وسط حضور العديد من ممثلى الكنائس في العالم ورجال السياسة ومئات الآلاف من الشعب المسيحيين والمسلمين. ودفن بمقبرة خاصة بدير القديس الأنبا بيشوي بناء على وصيته، وقد جلس على الكرسي البطريركي لمدة ٤٠ سنة و٤ أشهر و٤ أيام وبهذا يعتبر سابع البابوات من حيث طول مدة الجلوس على الكرسى المرقسى، وعاش ۸۸ سنة و٧ أشهر و١٤ يوم.
وكان للبابا شنودة مواقف وطنية عظيمة خاصة فى قضية الأراضى المحتلة وتحذيراته المستمرة لأقباط المهجرة من اللجوء إلى دول أجنبية للدفاع عن قضيتهم قائلا " المسيحيون مصريون والدستور المصري يكفل لهم حقوق المصريين ولا داعي لأى تدخل أجنبى.
حكاية 3 رؤساء عاصرهم البابا شنودة الثالث
عاصر الراحل البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ثلاثة من رؤساء الجمهورية المعاصرين وهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والرئيس الراحل محمد حسني مبارك، والمشير محمد حسين طنطاوي.
اختلفت علاقة الراحل البابا شنودة الثالث مع رؤساء مصر طيلة مدة تحليسه بطريركًا على كرسي مار مرقس الرسول، فلم تكن علاقته بالرئيس محمد أنور السادات على الصعيد الجيد، بل كانت متوترة للغاية وشهدت العديد من الأزمات، كان آخرها تحديد إقامة البابا شنودة الثالث، في دير وادي النطرون 1981، قبل فترة قصيرة من اغتيال السادات أثناء احتفالات الذكرى السابعة لنصر أكتوبر 73.
بينما كانت علاقته مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مميزة وهادئة، حيث أفرج مبارك عن البابا ومنحه الحرية لاختيار المكان الذي يرغب في الإقامة به، بعد 4 سنوات من تولي الرئيس الراحل مبارك مقاليد الحكم في أكتوبر عام 1981، ضمن حركة إفراج عن عدد من المعتقلين، والتقى مبارك بعضهم، وكان منهم البابا شنودة الثالث.