كيف يؤثر فارق السن بين الزوجين على الحياة الزوجية؟
فارق السن بين الزوجين أحد أهم الأمور التي لا يمكن اهمال تأثيرها على الحياة الزوجية، لأن فارق السن بين الزوجين ليس مجرد رقماً وله تأثيرات كبيرة على مسيرة الحياة الزوجية.
وفارق السن بين الزوجين إما أن يكون عاملاً مساعداً في نجاح الحياة الزوجية، وإما أن يكون عاملاً في التعجيل بفشل الحياة الزوجية.
ما هو فارق السن المناسب بين الزوجين؟
تتعدد الآراء حول فارق السن الأمثل بين الزوجين، وعلى الرغم من ذلك إلا أن فارق السن الذي يكون فيه الزوج أكبر من الزوجة من 10 : 12 سنة هو الأفضل عند كثير من الخبراء المعنيين، وذلك لأسباب عديدة مثل: أن الرجل يكون قد وصل إلى نضج المرأة التي تسبقه فكرياً، وبذلك يكون قادراً على احتوائها عاطفياً، وفكرياً وفي كل تفاصيل العلاقة بينهما، ولذلك تكون الزيجات التي يكون فيها فارق السن ما بين الـ 10 : 12 سنة، على الأغلب زيجات ناجحة، يسودها التفاهم، وخصوصاً إذا توافقت طباع كل من الزوجين معاً، ولم يوجد ما يفسد العلاقة بينهما.
وعلى الرغم من ذلك، توجد بعض الآراء تنادي بأن يكون فارق السن بين الزوجين من 5 : 7 سنوات، ليكون هناك مساحة جيدة للتفاهم بين الزوجين.
ومن ذلك يمكن القول بأن فارق السن المناسب بين الزوجين قد يبدأ من 5 سنوات إلى 12 سنة، وكلما زاد فارق السن بين الزوجين فوق الـ 5 سنوات كلما كان أفضل.
ماذا لو المرأة في نفس عمر الرجل؟
كثير من الزيجات اليوم يكون فيها فارق السن بين الزوجين من 1 : 2 سنة، و أحياناً في ما لا يزيد عن 4 سنوات، وهي ظاهرة منتشرة في بعض الزيجات التي تتم عبر التعارف بين زملاء وزميلات الجامعة الواحدة، أو الكلية الواحدة، وعلى الرغم من نجاح بعض الزيجات فيها، إلا أن هناك بعض الآراء التي تنادي بأن يكون فارق السن بين الزوجين أكبر لأن المرأة تنضج بسرعة تفوق نضج الرجل، ولذلك يكون تفكيرها أنضج، وأكثر اتزاناً من تفكير الرجل.
كما أنه توجد تجارب لزيجات لم يتجاوز فارق السن بين الزوجين فيها حد العام، انتهت بالفشل في يوم من الأيام لنفس السبب وهو أن نضج المرأة يفوق نضج الرجل.
وفي بعض الحالات ومع كبر عمر المرأة والرجل، قد ينزعج بعض الرجال من عمر المرأة لأنه لا يكبرها بفارق سن كبير، وقد يشعر بأنها بدأت في الكبر، وقد يبدأ البحث عن من تصغره في العمر، لأنه يفشل في احتوائها من ناحية، ولأنه لا يشعر برجولته في علاقته معها، وخصوصاً إذا كان نضج المرأة وحكمتها ملحوظاً بشكل كبير في العلاقة.
كما أن الرجل يجب أن يجد من تصغره في السن بعد ذلك وخصوصاً إذا ما وصل في منتصف العمر.
ماذا لو كانت المرأة أكبر سناً من الرجل؟
مجازفة ومغامرة كبيرة أن تدخل المرأة في علاقة مع رجل يصغرها بالعمر، وخصوصاً إذا تجاوز فارق السن بينهما أكثر من عامين أو ثلاث، أو زاد عن ذلك ليصل إلى 10 سنوات، لأنها قد تنتهي بجُرح كبير للمرأة.
والحقيقة أن كثير من النساء اللاتي يقبلن الزواج من رجال يصغرهن في العمر بفارق سن كبير، يعتمدن على شكلهن الذي يعكس عمر أصغر من أعمارهن الحقيقية، ولكن مثل هذه الأمور لا تُخفي عيوب زواج المرأة برجل يصغرها في السن، وهي عيوب قاتلة وواضحة وضوح الشمس لها وله، لأن المرأة تكون قد وصلت إلى درجة كبيرة جداً من النضج والحكمة والاتزان العاطفي، وقد لا تجد في المقابل ما يشعرها بأنوثتها في هذه العلاقة، لأنها لا تشعر بشخصية الرجل، ولا بحضوره القوي في حياتها، كما أنها قد تشعر بأنها تتعامل مع طفل في ثوب رجل، وهي حقيقة قد تُخفيها بعض النساء اللاتي وافقن على الزواج من رجال تصغرهن سناً بسنوات عديدة.
كما أن علامات الكبر ستظهر على المرأة أسرع من الرجل في هذه الحالة، وستظهر عليها أعراض كثيرة بالمضي في العمر، ولذلك يجب أن تتأنى المرأة المقبلة على الزواج من رجل أصغر منها في السن حتى لا تعرض نفسها لصدمة العمر.
وأخيراً، يعد أخذ فارق السن بين الرجل والمرأة في الاعتبار عند الزواج مسألة اختيارية تعود إلى الطرفين، حيث العبرة ،في الزواج برضا الطرفين الزوج والزوجة، وارتياح كل منهما للآخر، وهذا حق كفلته الشريعة للجميع، فلا تزوج البكر إلا بإذنها وإذنها صماتها، والثيب أحق بنفسها من وليها؛ لأنها صاحبة خبرة بالرجال، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة وهي تكبره بخمسة عشر عاماً، وسعد معها غاية السعادة، وظل يذكرها بعد مماتها ويصل ببره وإحسانه صداقاتها، وتزوج من عائشة والفرق بينهما نحو من أربعين سنة، وعاش معها كأحسن ما تكون السعادة، وتزوج عمر رضي الله عنه من أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين، وكان الفرق بينهما قرابة نصف قرن، ولا شك أن قدرة الرجل على العطاء والإنجاب تمتد إلى ما بعد الثمانين، وهذا طرف من حكمة الحكيم سبحانه، فإن الرجال تأكلهم الحروب والكوارث وعددهم أقل من أعداد النساء، فاقتضت حكمة الله أن يكون عطاء الرجل أكثر وأكبر.
وإذا كانت الفتاة راضية فليس من المقبول أن يوجد في المجتمع من يحرضها ويدعوها للتمرد على زوجها، وويل ثم ويل لمن يفسد المرأة على زوجها.
ونوصي الرجل بزيادة الاهتمام بزوجته الصغيرة وتقدير مراحلها العمرية، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يلاطفها ويداعبها ويسابقها وينافسها ليدخل السرور عليها.
وندعو أولياء المرأة أن لا يجبروا بناتهم على زوج لا يجدن سعادتهن معه، ومصادرة رأي الفتاة نوع من الظلم الذي لا يقره ديننا العظيم، وسوف يحول حياة الفتاة إلى جحيم لا يطاق، وقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع بريرة معروفة مشهورة، وكيف أنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: (أشافع أم آمر، فلما قال لها: بل شافع، قالت: يا رسول الله! لا أريده)، ولا شك أن بعض الآباء يتجاوز الحدود ويظلم بناته ويصادر حقهنَّ، وهذا أمر لا تقره هذه الشريعة التي أقامت الحياة الزوجية على الرضا والقبول.