توابع الحرب الفاشلة.. انهيار الحكومة الإسرائيلية وغضب ضد نتنياهو بعد إخفاق غزة
على مدار ١٠٠ يوم من الحرب فى غزة، حاولت الحكومة الإسرائيلية ادعاء التماسك، لكن فشلها الآن أصبح أكبر من أن يتمكن أحد من إخفائه، خاصة بعدما ظهرت الخلافات الداخلية للعلن، ما دفع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلى يوآف جالانت، لمطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسحب القوات الإسرائيلية من شمال غزة.
فى المقابل، يحاول نتنياهو ورجاله التقليل من حجم الانقسامات، لكن عرقلة المفاوضات وعدم وضوح الرؤية الإسرائيلية بشأن مستقبل قطاع غزة وانضمام بعض أعضاء حكومة الحرب للتظاهرات التى خرجت فى تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين- تعكس مدى تعقد الموقف فى الحكومة الإسرائيلية.
- انقسامات مستمرة وخلافات علنية وأزمة كبرى.. إسرائيل تحارب بلا هدف أو استراتيجية
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أكدت تفاقم الخلافات بين أعضاء مجلس الوزراء الحربى الإسرائيلى، التى بدأت تتسرب إلى العلن، ما يهدد بتقويض الاستراتيجية العسكرية التى تنتهجها إسرائيل فى غزة فى مرحلة حاسمة من الصراع.
وحسب الصحيفة، فإن المجموعة الصغيرة من صناع القرار فى زمن الحرب، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، وبينى جانتس، كشفوا علنًا عن تفاصيل أكبر معضلتين تواجهان إسرائيل حاليًا، وهما: التفاوض لإنهاء الصراع وتحرير المحتجزين، ومن يجب أن يحكم القطاع بعد انتهاء الحرب.
وتابعت الصحيفة أن الانقسامات فى الحكومة الإسرائيلية تعكس خلافات شخصية ومهنية طويلة الأمد بين المشرعين، الذين اجتمعوا بعد عملية طوفان الأقصى لتشكيل حكومة وحدة وطنية لمواصلة الحرب وطمأنة الإسرائيليين، إذ جمعهم عدو مشترك، لكن مع تصاعد الضغوط من إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، للحد من القتلى بين المدنيين الفلسطينيين فى غزة، وفشل الحكومة فى إعادة جميع المحتجزين- عادت الانقسامات بين القادة إلى الظهور.
وقال «جالانت»، يوم الإثنين الماضى، إن التردد السياسى بشأن من سيتولى مسئولية غزة ما بعد الحرب، سيضر بالحملة العسكرية.
وأفادت الصحيفة الأمريكية بأنه فى خطته التى أوضحها هذا الشهر، دعا «جالانت» إلى الحكم الذاتى الفلسطينى وتشكيل قوة عمل متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، مع شركاء أوروبيين وشرق أوسطيين، للإشراف على إعادة تأهيل القطاع، وتريد الولايات المتحدة أن تتولى السلطة الفلسطينية بعد تنشيط مهامها بمساعدة الدول العربية.
وتابعت الصحيفة أن ما زاد من تعقيد الأمور فى الداخل الإسرائيلى هو رفض نتنياهو مناقشة مرحلة ما بعد الحرب مع أعضاء الحكومة، خصوصًا بعد رفض مقترح عودة السلطة الفلسطينية لتولى الحكم فى غزة بضغط من الائتلاف اليمينى المتطرف. وأكد «جالانت»: «نهاية الحملة العسكرية يجب أن تكون مبنية على عمل سياسى».
وأوضحت الصحيفة أنه تحت ضغط من عائلات المحتجزين لدى حركة حماس فى غزة، يسعى «جانتس»، رئيس حزب الوحدة الوطنية، ونائبه جادى آيزنكوت، للدخول فى محادثات مع حماس لإعادة ما يقرب من ١٣٠ محتجزًا.
وفى الوقت نفسه، يقول نتنياهو وجالانت، وكلاهما فى حزب الليكود الحاكم، إن مواصلة الضغط العسكرى على حماس سيجبر الحركة على تقديم تنازلات.
وقال رءوفين حزان، أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة العبرية فى القدس: «من الواضح أن هناك فرقًا بين الجانبين، لو كان الأمر متروكًا لجانتس وآيزنكوت، فسيقبلان عرض حماس بوقف القتال والإفراج عن كل المحتجزين، بينما يرفض نتنياهو هذا المقترح».
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من اتفاق نتنياهو وجانتس على استمرار الحرب، فإنهما على خلاف متزايد حول من يجب أن يحكم غزة بعد ذلك، وهو سؤال يصبح أكثر إلحاحًا مع انتقال إسرائيل إلى مرحلة أقل حدة من حربها وسعيها لمنع حدوث فراغ فى السلطة.
وتابعت: «حماس تستغل هذه الانقسامات الإسرائيلية، ونشرت شريط فيديو يوم الإثنين يظهر ما قالت إنه جثتا اثنين من المحتجزين فى غزة، وظهرت المحتجزة الثالثة، نوا أرغامانى، ٢٦ عامًا، على قيد الحياة فى الفيديو، قائلة إن الباقين قتلوا فى غارات جوية إسرائيلية، ودعت الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء الحرب».
وقال «جالانت» إن المرحلة الأكثر كثافة من القتال قد اكتملت فى شمال غزة، مضيفًا أن الجيش الإسرائيلى يقترب من استكمال القتال العنيف فى الجنوب، حول مدينة خان يونس.
وأكدت الصحيفة أنه ليس من الواضح، حتى الآن، ما إذا كانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالكامل توافق على تصريحات جالانت أم لا، لأنه فى وقت لاحق من تصريحاته، قال المتحدث العسكرى الإسرائيلى دانييل هاجارى: إن القتال فى الجنوب سيستغرق منا وقتًا، مؤكدًا أن الجيش أمامه المزيد من العمل للقيام به فوق الأرض وتحت الأرض فى شبكة الأنفاق الواسعة التى بنتها حماس.
وقالت ميراف زونسزين، كبيرة المحللين الإسرائيليين فى مجموعة الأزمات الدولية، إن الانقسامات فى مجلس الوزراء الحربى فى البلاد تخلق نوعًا من الشلل، الذى يمنع الحكومة من تنفيذ استراتيجية فعالة.
وأضافت «زونسزين» أن ذلك يمكن أن ينتهى بإعادة احتلال إسرائيل قطاع غزة، مثلما احتلت جنوب لبنان لمدة ١٥ عامًا منذ الثمانينيات، لكن فى هذه الحالة لن تكون هناك استراتيجية للخروج.
وأكدت الصحيفة أنه بعد دخول الحرب شهرها الرابع، دمرت إسرائيل مساحات واسعة من القطاع، وشردت ما يقرب من مليونى شخص وأدت إلى نقص واسع النطاق فى الغذاء والدواء، وتسببت فى ارتقاء قرابة ٢٤ ألف شهيد فلسطينى غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما تدعى إسرائيل أنها قتلت الآلاف من مقاتلى حماس وعطلت قدرة الجماعة على شن هجمات ضد إسرائيل، لكن إسرائيل لم تحقق هدفها الأول من الحرب، المتمثل فى تدمير حماس بالكامل، ولا يزال الجيش الإسرائيلى يسعى إلى العثور على الأنفاق وتدميرها، حيث يُعتقد أن زعيم حماس فى غزة، يحيى السنوار، وآخرين يختبئون فيها. وقالت «زونسزين»، إنه من المرجح أن يكون جالانت مدفوعًا بمزيج من الحسابات السياسية والعسكرية عندما يتحدى نتنياهو علنًا؛ لرفضه مناقشة الخطط لليوم التالى.
وتابعت: «أعتقد أنه يشعر بالمسئولية تجاه إرسال أشخاص يبلغون من العمر ٢٠ عامًا فى مهمة من الواضح أنها فاشلة».
- تصدعات بمجلس الوزراء الحربى بعد المطالبة بالتوصل لاتفاق مع حركة «حماس»
على جانب آخر، قالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، إن نتنياهو يتعرض لضغوط متجددة لإعطاء الأولوية للمحتجزين الإسرائيليين فى غزة، إذ يتأرجح بعض أعضاء حكومته الحربية وقادة المعارضة وقطاعات كبيرة من الرأى العام، وراء الدعوات لوقف العمليات العسكرية لتمكين إطلاق سراحهم.
وتابعت الصحيفة أنه فى حين واجه رئيس الوزراء الإسرائيلى أسابيع من الاحتجاجات من أقارب المحتجزين الـ١٣٦ المتبقين، فإن الدعم لوقف الهجوم ضد حماس للسماح بالمفاوضات زاد بشكل كبير فى الأيام الأخيرة عبر السياسة الإسرائيلية.
وأضافت أنه مع إظهار استطلاعات الرأى العامة حتى الشهر الماضى أن أكثر من ٥٧٪ من الإسرائيليين يعتبرون عودة المحتجزين أكثر أهمية من الإطاحة بحماس فى غزة، واجه نتنياهو فى نهاية هذا الأسبوع معارضة من داخل حكومته الحربية، وفقًا لشخص مطلع على المناقشات.
وأشارت إلى أن المعضلة التى تواجهها حكومته تفاقمت فى وقت متأخر من يوم الإثنين، بعد أن نشرت حركة حماس الفلسطينية شريط فيديو يظهر ثلاثة محتجزين إسرائيليين يناشدون نتنياهو شخصيًا.
وقالت نوا أرغامانى، واحدة من المحتجزين، فى الفيديو: «أوقفوا هذا الجنون وأعيدونا إلى عائلاتنا بينما لا نزال على قيد الحياة».
وأصر نتنياهو وقادته الأمنيون، كما فعلوا منذ بداية الحرب، على أن الضغط العسكرى المستمر واستمرار الصراع هو وحده القادر على تأمين عودة الرهائن.
وقال يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلى، يوم الإثنين: «إذا انتهت الحرب الآن، فإن مصير الرهائن سيكون محددًا لسنوات عديدة- فى أسر حماس»، وأضاف: «فقط من موقع القوة يمكننا ضمان إطلاق سراح المحتجزين».
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من الدعم الشعبى المستمر للهدفين الأصليين للحملة، والمتمثلين فى «تفكيك» حماس وإنقاذ المحتجزين، فقد ظهرت تصدعات داخل مجلس الوزراء الحربى الإسرائيلى الذى يضم مختلف الأحزاب، والذى تم تشكيله لملاحقة الحملة.
وطالب جادى آيزنكوت، وهو سياسى وسطى وقائد عسكرى سابق، الحكومة بالبدء فى التفكير خارج الصندوق، وإظهار الشجاعة فى السعى إلى التوصل إلى اتفاق أوسع مع حماس لإطلاق سراح المحتجزين، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وانضم «آيزنكوت» إلى ائتلاف نتنياهو مع زعيم حزبه بينى جانتس فى أكتوبر، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان آيزنكوت وجانتس، اللذان يُنظر إليهما على أنهما أقل تشددًا من نتنياهو، سيذهبان إلى حد دعم وقف إطلاق نار مستدام لتمكين إطلاق سراح المحتجزين.
وأعربت هاجر برودوتش، وهى واحدة من أكثر من ١٠٠ محتجز أطلق سراحهم كجزء من وقف مؤقت لإطلاق النار فى أواخر نوفمبر، عن مخاوفها الحقيقية بشأن مصير أولئك الذين ما زالوا فى الأسر، قائلة: «١٣٦ نعشًا ليست صورة للنصر. يجب على المجلس الوزارى الأمنى المصغر أن يجعل إطلاق سراح المحتجزين على رأس أولوياته وأن يوافق على أى صفقة تعيدهم إلى وطنهم.. لم يعد لديهم المزيد من الوقت». ويتردد صدى هذا الشعور لدى عدد متزايد من السياسيين، إذ قال يائير لابيد، رئيس أكبر جماعة معارضة فى إسرائيل لنفس التجمع، إن إطلاق سراح المحتجزين هدف أكثر إلحاحًا من الإطاحة بحماس فى غزة، مضيفًا: «يحيى السنوار سنقتله عاجلًا أم آجلًا، لكن الآن يجب إعادة المحتجزين إلى ديارهم».
وأوضحت الصحيفة أن مصر وقطر والولايات المتحدة تعمل بجد من أجل إحياء المفاوضات مرة أخرى والاتفاق على صيغة جديدة متعددة المراحل لإنهاء هذه الحرب وإطلاق سراح المحتجزين والسماح للمساعدات الإنسانية بدخول القطاع، وفقًا لمصادر أمنية.
وتابعت: «مثل هذا الاتفاق، كما قال الوزراء الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون، سيسمح لحماس بالبقاء والخروج من الحرب منتصرة، وهى خطوة يرفضها الوزراء بشكل قاطع». وهدد كل من بتسلئيل سموتريتش إيتمار بن غفير، وهما سياسيان من اليمين المتطرف فى الائتلاف الحاكم لنتنياهو، فى الأسابيع الأخيرة، بإسقاط الحكومة إذا توقف الهجوم ضد حماس. كان نتنياهو، الذى تتراجع شعبيته فى استطلاعات الرأى، كارهًا الانفصال عن سياسته اليمينية المتطرفة وحلفائه؛ من أجل ضمان بقائه السياسى، لكن فى مؤتمر صحفى عقده فى نهاية الأسبوع، تحدث رئيس الوزراء عن «اعتبارات الأمن القومى الأوسع نطاقًا بسبب عدم إحراز تقدم».
- الانقسامات الإسرائيلية تعرقل الجهود المصرية القطرية لإنهاء الحرب.. وزعيم المعارضة: تحطمت قلوبنا يوم ٧ أكتوبر
وحسب مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، فإنه ليس من المستغرب أن الجهود الدبلوماسية التى تقودها الولايات المتحدة لإقناع إسرائيل بإنهاء حملتها العسكرية فى غزة تفشل، بسبب الانقسامات الكبرى فى حكومة نتنياهو، والهدف الذى يمكن أن تحققه هذه الحرب الفاشلة. وتابعت المجلة أن وزراء نتنياهو يخوضون نزاعات حادة حول ما إذا كان ينبغى لإسرائيل أن توافق على وقف دائم لإطلاق النار وإعطاء الأولوية لعودة ١٣٦ محتجزًا لدى حركة حماس، أو المضى قدمًا فى هدف القضاء على حماس، وهو ما يظن البعض أنه لا يمكن تحقيقه بالكامل.
وأضافت أن سلسلة من الاجتماعات العاصفة الإسرائيلية عقدت خلال الأيام الأخيرة، فشلت فى تصحيح خط الصدع، حيث عارض نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت قبول الصفقة التى تحاول مصر وقطر التوسط فيها، والتى من شأنها أن تشهد وقفًا دائمًا لإطلاق النار.
ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، التى أكدها مسئول إسرائيلى كبير تحدث إلى «بوليتيكو»، فإن بينى جانتس وجادى آيزنكوت- السياسيان المعارضين الوسطيين اللذين انضما إلى حكومة الحرب فى عرض للوحدة الوطنية- يتجادلان حول المحتجزين.
وأوضحت المجلة، أن الوسطاء القطريين والمصريين يكافحون منذ أسابيع، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على صفقة المحتجزين، مع إصرار حماس على ضرورة موافقة إسرائيل على وقف دائم للحملة العسكرية، مؤكدة: «إن وقف إطلاق النار المؤقت، الذى تستأنف إسرائيل بعده الحرب، ليس مقبولًا». ورفضت إسرائيل الشرط الذى طالبت به حماس، لكن جانتس وآيزنكوت شككا فى هذا النهج، وقال آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق، عضو حزب الوحدة الوطنية الذى يقوده جانتس، فى اجتماع لمجلس الوزراء نهاية الأسبوع، إن على إسرائيل أن تتوقف عن خداع نفسها بشأن قدرتها على القضاء على حماس. وقال فى الاجتماع، حسب ما أوردته القناة ١٢ الإخبارية العبرية وصحيفة يديعوت أحرونوت: «علينا أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، وإظهار الشجاعة، والتوصل إلى صفقة كبيرة من شأنها إعادة المحتجزين إلى الوطن».
وأوضحت المجلة، أن كلمات آيزنكوت تحمل وزنًا إضافيًا، لأنه يحظى بالاحترام عبر الطيف السياسى وكان أحد واضعى ما يسمى عقيدة الضاحية، وهى استراتيجية عسكرية تدعو إسرائيل إلى استخدام القوة غير المتناسبة ضد الأعداء، بما فى ذلك تدمير البنية التحتية المدنية، وحكم هذا المبدأ الحملة العسكرية الإسرائيلية فى غزة ردًا على عملية طوفان الأقصى، كما يحظى آيزنكوت بتعاطف واسع النطاق لأن ابنه وابن أخيه قُتلا فى أثناء القتال فى غزة.
يشعر جانتس بالقلق إزاء حياة الإسرائيليين الذين ما زالوا فى أيدى حماس، ويظهر باعتباره السياسى الإسرائيلى الأكثر احتمالًا أن ينهى مسيرة نتنياهو السياسية الطويلة، وحضر هو وآيزنكوت مسيرة يوم الأحد فى تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين بعد ١٠٠ يوم من الأسر.
وفى ذلك التجمع، قال زعيم المعارضة يائير لابيد، إنه على الرغم من أن هزيمة حماس وإعادة المحتجزين هدفان على نفس القدر من الأهمية، فإنهما ليسا بنفس القدر من الإلحاح.
وأضاف: «لقد تحطمت قلوبنا فى ٧ أكتوبر، طالما أن هناك محتجزًا إسرائيليًا واحدًا فى أنفاق حماس، ستبقى قلوبنا مكسورة». وشدد على أن إعادة المحتجزين إلى الوطن يجب أن تأتى أولًا.
وأوضحت المجلة، أن نتنياهو، الذى يبدو أن بقاءه السياسى مرتبط بحرب أطول، متمسك بالحاجة إلى مزيد من القتال للقضاء على حماس، وكرر هذا الموقف يوم الأحد، قائلًا: إن «أحد الأمور التى أصبحت واضحة بما لا يدع مجالًا للشك، هو أننا يجب أن نستمر فى هذه الحرب، وستستغرق عدة أشهر»، ويقول هو وجالانت إن أهداف الحرب الأصلية المتمثلة فى تدمير حماس وتأمين إطلاق سراح المحتجزين لا تتعارض مع بعضها بعضًا، بل هى فى الواقع مرتبطة ببعضها البعض، ويقولان إن الضغط العسكرى المستمر على الجماعة المتشددة هو وحده الذى سيضمن حرية الأسرى.
وقال الوزير إيهود أولمرت، وهو من أشد منتقدى نتنياهو، لصحيفة بوليتيكو، إن إسرائيل تقف على مفترق طرق، وإنه يشعر بأن الضغط الشعبى يتزايد لإعطاء الأولوية للمحتجزين، مضيفًا: «ثمة شكوك كبرى بشأن ما إذا كان هدف العملية فى المقام الأول، إبادة حماس، كان واقعيًا، ومن ناحية أخرى الخوف من احتمال فقدان المحتجزين».
يعتقد «أولمرت» أن إسرائيل قد انتصرت بالفعل من خلال إلحاق أضرار جسيمة بحماس، وأن هدف القضاء على الجماعة الفلسطينية كان دائمًا مبالغًا فيه، وهو الموقف الذى اتخذه فى بداية الحرب، لكن هذا أصبح الآن واضحًا للآخرين.
ويشعر البعض فى حزب الوحدة الوطنية، الذى يتزعمه جانتس، بالإحباط، ويعتقدون أنه يجب عليه هو وآيزنكوت الانسحاب من حكومة الحرب، التى يتمتع فيها جانتس بعضوية كاملة ويتمتع آيزنكوت بوضع مراقب، لكنه يشارك فى المداولات، وقال أحد أعضاء الكنيست: «نحن بين المطرقة والسندان، لكن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو».
وفى الوقت الذى يناقش فيه نتنياهو الخطوات التالية، جرى تقليص حجم العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة مع تقليص القوات للسماح لجنود الاحتياط بالعودة إلى وظائفهم، وتمكين إعادة الانتشار لتعزيز شمال إسرائيل، حسبما قال مايكل ميلشتاين، الرئيس السابق للشئون الفلسطينية فى وكالة الاستخبارات الإسرائيلية.
وتابع: «إسرائيل عند مفترق طرق، كفى كل الشعارات وكل الأفكار القائلة بأن لدينا مرحلة ثالثة أكثر لطفًا من الحرب، هناك خياران: التفاوض بشأن المحتجزين أو السيطرة الكاملة على غزة».
وأكدت المجلة أن صفقة المحتجزين ليس وحدها سبب اشتعال الانقسامات فى الحكومة الإسرائيلية، بل إنهم منقسمون أيضًا حول ما يجب فعله بشأن حزب الله اللبنانى، وما إذا كانت هناك حاجة إلى رد عسكرى بعيد المدى فى الشمال، فالافتقار إلى الوضوح فى التفكير الاستراتيجى الإسرائيلى يزيد من صعوبة قيام عاموس هوشستين، المفاوض الذى اختاره الرئيس جو بايدن، بالتوسط فى صفقة لتهدئة المناوشات عبر الحدود الشمالية لإسرائيل.