أستاذ نقد أدبي: مسلسل ”أرابيسك” يعبر عن الهوية المصرية بانتماءاتها المختلفة
قال الدكتور هيثم الحاج على، أستاذ النقد الأدبى ورئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، أن الكاتب الروائى أسامة أنور عكاشة والشاعر سيد حجاب استطاعوا أن يعبروا عن الحالة المصرية فى مسلسل "أرابيسك" بشكل قوى للغاية، لكن النقطة الأهم فى المسلسل كما يطرحها "عكاشة" هو فكرة الهوية المصرية وانتماءاتها المختلفة أو طبقاتها وتراكماتها إذا صح التعبير.
وأضاف " على "، خلال استضافته ببرنامج "الشاهد"، المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، ويقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، أن مصر بلد لها جدر عميق للغاية فى التاريخ، وهويته مبنية عبر هذه الجدر، وكل طبقة من طبقات الأرض تعطى لهذا الجدر مذاقا معينا أو شكلا معينا لهذه الهوية.
وأوضح أن كل ذلك يظهر على السطح فى هيئة تصرفات ولغة وعمارة وفنون وعادات واحتفالات بشكل ما، وكل ذلك ينتج عنه خليط معقد للغاية وبسيط أيضا فى نفس الوقت الذى يظهر فى الشخصية المصرية فى اللحظة الآنية.
وأشار إلى أن "عكاشة" نجح فى بلورة المسألة فى "فيلا الدكتور برهان" هى السؤال الأهم فى المسلسل عبر الحبكة التى حدثت داخله للوصول للسؤال الأخير بكيفية صنع " أرابيسك " الفيلا فى النهاية لكى تعبر عن الهوية المصرية.
قال الدكتور هيثم الحاج على، أستاذ النقد الأدبى ورئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، أن مصر تعتبر أقدم مربع فى التاريخ، فهى الدولة الوحيدة على مدار تاريخ البشرية التى احتفظت بحدودها بالمربع فى شمال شرق أفريقيا، يأتى عليها فترات قوة أو ظروف تاريخية ما تجعلها تتمدد بشكل بسيط ثم تعود من جديد.
وأضاف " على "، أن الفكرة التوسعية للشخصية المصرية غير موجودة، فهناك ارتباط كامل مع هذا المربع حول نهر النيل، ويأتى عليها فترات ضعف فيدخل عليها محتلين أو يقل حجمها نسبيا لكن فى النهاية تعود للمربع الجغرافى بكل مكوناته وتبنى أقدم دولة حقيقية فى التاريخ.
وتابع: "يمر عليها متغيرات وتواريخ لكن تظل فى النهاية هى الدولة بهذا الشكل، كما أن الشخصية المصرية قادرة على امتصاص الثقافات الأخرى، فكلما استطاعت الحصول من الحضارات المختلفة المحيطة بها تستطيع أن تجمعها وتصبغها برؤيتها وتعيد إنتاجها لإنارة الفضاء أجمع، وهذه خلاصة شكل الهوية المصرية على مدار التاريخ".
قال الدكتور هيثم الحاج على، أستاذ النقد الأدبى ورئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، أن المكون الدينى أساسى فى مصر لكن بطعم مصر المعتدل للغاية، وأن هذه المسألة لم تبدأ بعد طرح القوة الناعمة ثم العولمة بشكل ما.
وأضاف " على "، أنه يرى أن زيادة الضغط على المكون الدينى هو نوع من أنواع الغزو الثقافى الغربى الذى حدث عندنا، مردفا: "كأنه ضغط بأن تظهر بهذه الصورة فتظل محبوسا فى هذه الخانة، ويتعامل معك على هذا الأساس".
وأشار إلى أن ملء الفراغ السياسى فى الشرق بالدين جزء من هذه اللعبة، متابعا: "إذا عدنا للقرن ال 19 مع وجود الرحالة الأوروبيين الذين كانوا يستكشفون الشرق كان جزءا من محاولاتهم بأن يقنعونا أننا محبوسون فى قيم وأنها أقل تطور حضارة عما يفعلونه، وهذا كان نوعا من التبشير بفكرة العولمة والفوضى الخلاقة".
وواصل: "نوع من هذا الضغط يفجر لك القضية الدينية منذ أوائل السبعينيات لملء الفراغ السياسى فيتم هدم القوميات الموجودة".
قال الدكتور هيثم الحاج على، أستاذ النقد الأدبى ورئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، أن واحدا من العوامل المهمة لحدوث ثورة 30 يونيو بأنه كان هناك إحساسا بمحاولة سحب الهوية المصرية من المجتمع بما فيها الدينية، وبالتالى ثورة 30 يونيو هى محاولة للدفاع عن شكل الهوية المصرية بما فيها الدينية.
وأضاف " على "،أن الدين بحضوره المعتدل عنصر مهم عند المصريين منذ بداية التاريخ، وواحد من أركان الدولة المصرية القديمة، وأى محاولة لزحزحته عن هذه الخانة فى ظنه محاولة خارجية بالأساس.
وأشار إلى أن القصص فى كتب نجيب محفوظ كانت تعمق الهوية المصرية القديمة، مردفا: "إذا كنا نتحدث بأن القومية المصرية بدأ الإحساس بها مع اختيار زعماء الأزهر لمحمد على ثم ما فعله فى الجيش المصرى فى اعتماده على المصريين لأول مرة بعد 1811 ثم تنامت المسألة القومية المصرية بعدها".
وواصل: "لكن وقت كتابة نجيب محفوظ عن مصر القديمة كان يتوازى مع الدعوة لنقل الخلافة الإسلامية لمصر، وكأن نجيب يوجه بالإشارة بأن هناك جدور أخرى للهوية المصرية يجب التركيز عليها ليس فقط المكون الإسلامى أو العربي".