سمر مجاهد تكتب «الخيانة الإلكترونية والتفكك الأسري»
لقد أدى إنتشار وسائل الإتصال الحديثة أو ما بات يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي إلى تفشي ظاهرة الخيانة الزوجية الإلكترونية والتي تعد من أخطر مهددات الحياة الزوجية والسبب الرئيسي لفشل الزواج وإنهائه.
فإن الخيانة الزوجية وباء يقضي على كيان الأسرة المصرية، أينما تواجد إنهارت الأسرة وقضت على آمال أطفالها، ولقد زادت حالات الخيانة الزوجية بزيادة إستخدام الإنترنت، حيث وسع من دائرة الذين يقعون في براثن الزوجية.
كما أثبتت الدراسات أن 65 % من حالات الطلاق في مصر ناتجة عن الخيانة الإلكترونية، وهو ما يكشف عن مدى التفكك الذي أصاب الأسرة المصرية والذي تحطمت معه العلاقات والروابط الأسرية نتيجة الإستخدام الخاطئ للتكنولوجيا.
فلقد كانت تُعرف الخيانة سابقًا بأنها القيام بممارسة علاقة جنسية أو حتى وجود مشاعر لشريك آخر، إلا أنه مع انتشار الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية المختلفة أصبح هناك حاجة إلى تعريف جديد للخيانة.
فالخيانة الإلكترونية هي تواصل مع شريك آخر إلكترونيًا وإرسال رسائل وصور جنسية أحيانًا.
فلقد أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة خاصة عالمًا واسعًا من الأشخاص والتواصل معهم بحرية تامة وخصوصية مزيفة، والتي بدورها جعلت الخيانة أسهل من عدة نواحي، ألا وهي، ليس هناك خوف من أن يراهما أحدًا، فعلاقتهم تكمن على الإنترنت، ليس هناك قلقًا من الأمراض الجنسية، فعلاقتهما وراء الشاشة تحد من الأمراض المنقولة جنسيًا، ليس هناك قلقًا من إيجاد الوقت والمكان المناسب للخيانة، وبالإمكان إخفاء الهواتف الذكية التي تُساعد على الخيانة أو وضع كلمة سر عليها، فقد لا تكون هذه الخيانات الإلكترونية في بدايتها بالأمر الكبير، إلا أنها مع مرور الوقت تُصبح مثلها مثل الخيانة الطبيعية تمامًا، فقد تتكون مشاعر حب ما بين الطرفين، مما يتسبب في هجر الشريك عاطفيًا وإحداث فجوة عميقة في ما بينهما.
هل الخيانة الإلكترونية تقتضي قبول دعوى الطلاق للضرر؟
هل تعترف المحكمة بالخيانة الإلكترونية من تصوير وتبادل رسائل الحب، وتعتبر هذا السلوك خيانة وتقضي بقبول دعوى الطلاق للضرر؟
نعم تقضي المحكمة بالطلاق، في قضايا الطلاق للضرر، عندما تتأكد من وقوع ضرر على الزوجة سواء نفسي أو مادي، وفي حالة خيانة الزوج لزوجته بدون وقوع حادث زنا، لابد من توافر دليل أمام القاضي بوقوع ضرر لدى الزوجة حتى لو كان ضررًا نفسيا، ليقضي بقبول دعوى الطلاق للضرر، كما أنه في قضايا الطلاق للضرر لا يتم التركيز على فعل الزوج وسلوكياته بقدر التركيز على الضرر الواقع على الزوجة بسبب تلك السلوكيات، فعلي سبيل المثال تعاطي الزوج للمخدرات ليس سببا للطلاق، ولكن ما يترتب عليه من ضرر للزوجة هو سبب الطلاق، ومن هنا فخيانة الزوج لزوجته إذا تسببت في وقوع ضرر عليه يحكم القاضي بقبول دعوى الطلاق.
هل تعترف محاكم الأسرة بالخيانة الزوجية الإلكترونية؟
إن الخيانة الزوجية جريمة غير مثبتة في عرف القانون، لا يمكن إثباتها من قبل المختصين في القانون سواء من طرف السلطات القضائية أو الضبطية في ظل الشروط التي يضعها القانون، فإن الخيانة فرع من فروع الزنا، ومن الناحية الشرعية يعاقب مرتكب الزنا للمتزوجين وغير المتزوجين، ومن جانب القانون يعاقب عليها المتزوجين فقط، أما غير المتزوجين فتدخل عقوباتهم ضمن باب الفاحشة.
كما أنه من الصعب إثبات الخيانة الإلكترونية، إذا تمكنت الزوج أو الزوجة من حذف تلك الرسائل، حتي لو كان الطرف الآخر علي علم بالخيانة فإن الأمر متعلق بالدليل المؤيد لذلك.
فإذا علم الزوج أو الزوجة بوجود رسائل تؤكد خيانة الطرف الآخر مع أحد الأشخاص، وتقدم ببلاغ وثبت من هذه الرسائل وجود علاقة محرمة مع آخر، فيقوم برفع محضر رسمي وهنا يأخذ به قاضي الأسرة، مؤكدا أن هناك أكثر من وسيلة لإثبات جريمة الزنا والخيانة الزوجية.
ما هي وسائل إثبات جريمة الزنا والخيانة الزوجية؟
هناك عدة وسائل لإثبات جريمة الخيانة بصفة عامة والخيانة الإلكترونية بصفة خاصة، وهي وجود مكالمات تليفونية تؤكد وجود علاقة جنسية بين الطرفين، وتبادل الرسائل بين الرجل والمرأة بعبارات تحتوي علي وجود علاقة محرمة، وحالة التلبس بوجود علاقة غرامية ومكاتبات غرامية، كما أن وجود رجل في مكان مخصص لسيدات يثبت في علاقة غير شرعية.
فيما حددت المادة رقم 276 من قانون العقوبات المصرى، عقوبة جريمة الزنا بالحبس 6 أشهر للزوج وسنتين للزوجة، وحال تنازل الزوج، يتم وقف تنفيذ العقوبة حتى لو كان الحكم نهائيا، وبين أنه لإثبات الجريمة لا بد من وجود أدلة دامغة وقرائن مباشرة إذ لابد من ضبط الزوجة في حالة تلبس في بيت الزوج أو مكان الجريمة أو العكس.
وبالخاتمة نكتشف أنه بالرغم من حدوث طفرة إلكترونية كبيرة داخل المجتمعات بسبب تنامي وسائل الاتصال الحديثة والطفرة التكنولوجية التي حدثت في السنوات الاخيرة، والتي غيرت معالم كثيرة في حياتنا مما جعل العالم قرية صغيرة، إلا أنها أنتجت سلبيات كثيرة داخل المجتمعات كما يقول بعض الباحثين الإجتماعيين التربويين. وبالتالي يتحتم على الجميع بذل مجهودات للبحث عن حلول لهذه السلبيات.