بوابة الدولة الإخبارية تنشر حلقات متخصصة من خواطر الشيخ الشعراوي 4 - الحمد لله
أعد الحلقات - محمد المصرى
وقفنا فى الحلقة الماضية من خواطر الشيخ الشعراوى حول كلمة "الحمد لله "فى القرأن الكريم أن الحمد ليس ألفاظا تردد باللسان، ولكنها تمر أولا على العقل ليعي معنى النعم.. ثم بعد ذلك تستقر في القلب فينفعل بها.. وتنتقل الي الجوارح فأقوم واصلي لله شاكرا ويهتز جسدي كله، وتفيض الدمعة من عيني.. وينتقل هذا الانفعال كله الي من حولي.
ونواصل اليوم الحلقة الرابعة من هذه الخواطر حيث يضرب الشيخ الشعراوى - رحمة الله عليه وجعل الجنة مثواه - مثلا لنا ليقرب معنى الحمد فى نفوسنا فيقول :
هب انني في أزمة أو كرب أو شيء سيؤدي الي فضيحة.. وجاءني من يفرج كربي فيعطيني مالا أو يفتح لي طريقا.. أول شيء انني سأعقل هذا الجميل فأقول انه يستحق الشكر.. ثم ينزل هذا المعنى الي قلبي فيهتز القلب الي صانع هذا الجميل.. ثم تنفعل جوارحي لأترجم هذه العاطفة إلي عمل يرضيه على جميل صنعه. ثم أحدث الناس عن جميله وكرمه فيسارعون إلي الالتجاء اليه.. فتتسع دائرة الحمد وتنزل النعم على الناس.. فيمرون بنفس ما حدث لي فتتسع دائرة الشكر والحمد.
والحمد لله تعطينا المزيد من نعم الله مصداقا لقوله تبارك وتعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7
وهكذا نعرف أن الشكر على النعمة يعطينا مزيدا من النعمة.. فنشكر عليها فتعطينا المزيد وهكذا يظل الحمد دائماً والنعمة دائمة..
ويشير الشيخ الشعراوى الى اننا لو استعرضنا حياتنا كلها فكل حركة فيها تقتضي الحمد، عندما ننام ويأخذ الله سبحانه وتعالى أرواحنا، ثم يردها الينا عندما نستيقظ، فإن هذا يوجب الحمد، فالله سبحانه وتعالى يقول: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت وَيُرْسِلُ الأخرى إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42] وهكذا فإن مجرد استيقاظنا من النوم، وان الله سبحانه وتعالى رد علينا أرواحنا، وهذا الرد يستوجب الحمد، فإذا قمنا من السرير فالله سبحانه وتعالى هو الذي يعطينا القدرة على الحركة، ولولا عطاؤه ما استطعنا ان نقوم.. وهذا يستوجب الحمد.. فإذا تناولنا افطارنا فالله هيأ لنا طعاما من فضله، فهو الذي خلقه، وهو الذي انبته، وهو الذي زرقنا به، وهذا يستوجب الحمد.
فإذا نزلنا الى الطريق يسر الله لنا ما ينقلنا الى مقر اعمالنا وسخره لنا، سواء كنا نملك سيارة او نستخدم وسائل المواصلات، فله الحمد، واذا تحدثنا مع الناس فالله سبحانه وتعالى هو الذي اعطى السنتنا القدرة على النطق ولو شاء لجعلها خرساء لا تنطق.. وهذا يستوجب الحمد، فإذا ذهبنا الى أعمالنا، فالله يسر لنا عملا نرتزق منه لنأكل حلالا.. وهذا يستوجب الحمد.
واذا عدنا الى بيوتنا فالله سخر لنا زوجاتنا ورزقنا بأولادنا وهذا يستوجب الحمد.
ولهذا فهو يؤكد لنا أن كل حركة حياة في الدنيا من الانسان تستوجب الحمد.. ولابد أن يكون الانسان حامداً دائماً..
وينصح الشيخ كل منا بأنه يجب على الأنسان أن يحمد الله على أي مكروه أصابه؛ لأنه قد يكون الشيء الذي يعتبره شراً هو عينه الخير.
فالله تعالى يقول :
" يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بالمعروف فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]
اذن فأنت تحمد الله لأن قضاءه خير.. سواء أحببت القضاء أو كرهته فإنه خير لك.. لأنك لا تعلم والله سبحانه وتعالى يعلم.
وأخيرا يقول الشيخ الشعراوى انه من موجبات الحمد أن تقول الحمد لله على كل ما يحدث لك في دنياك. فأنت بذلك ترد الأمر إلى الله الذي خلقك.. فهو أعلم بما هو خير لك.
البقية فى الحلقات القادمة إن شاء الله..