فى ذكرى رحيلها..فضائل أم المؤمنين السيدة خديجة رضى الله عنها
تحل اليوم 10 رمضان ذكرى وفاة أم المؤمنين السيدة خديجة رضى الله عنها، على أشهر الأقوال، هي أم المؤمنين، السيدة خديجة بنت خُوَيلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب، القرشية الأسدية، تجتمع مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جده قُصَي.
وأمُّها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم، يمتد نسبها إلى لؤي بن غالب الذي تنتسب إليه قريش.
وُلدت قبل عام الفيل بخمسة عشر عامًا تقريبًا، نشأت السيدة خديجة رضي الله عنها في بيت كريم مترف؛ فكان والدها زعيم بني أسد بن عبد العزى، شقيق عبد مناف وخليفته، وإليه ينتهي الفضل والكرم والسيادة بين قومه وعشيرته، يطيعونه ويهابونه ويحترمون رأيه ويقدرونه.
تزوجت قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أبي هالة بن زرارة التميمي، وكان أكثرهم مالًا وأوسعهم ثراءً، فعاشت معه تقدره ويقدرها، وولدت له بنت وهي: هالة، وولد وهو: هند. وعجَّل القَدَرُ بوفاة أبو هالة قبل أن يشبَّ طفلاه عن الطوق، وخلف لأسرته ثروة طائلة وتجارة رائجة رابحة.
وجاء في رواية أنها تزوَّجت بعده من عائذ ابن عبد الله المخزومي، فلبثت معه فترة من الزمن ثم مات أيضًا.
وبعد موت هذين الزوجين -وكانا من أشراف مكة- تقدَّم لخطبتها كثير من الرجال، ولكنها آثرت الانصراف إلى تربية ولديها، وإدارة شؤون تجارتها ومالها، حيث كانت ذات مال وفير، فكانت تستأجر الرجال ليتاجروا لها، وتجعل لهم مالًا نظير عملهم.
ولما اشتهر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكة بأنه الصادق الأمين، أرسلت السيدة خديجة إليه ليعمل عندها في التجارة، فوافق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخرج إلى الشام ومعه ميسرة غلام السيدة خديجة، فأُعجب ميسرة بأخلاق الحبيب وحُسن معاملته، وصدق حديثه، وتكامل شخصيته، وعظم أمانته، فلما عاد ميسرة إلى مكة حكى للسيدة خديجة ما رآه من أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأعجبت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ورغبت في الزواج منه، فتزوَّجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت أسنَّ منه بخمس عشرة سنة، فكان سِنُّها أربعين سنة وهو في الخامسة والعشرين، وكانت هي أولى زوجاته صلى الله عل وآله وسلم، وكان ذلك قبل البعثة النبوية المطهرة، وبعد البعثة النبوية كانت هي أوَّلَ مَنْ آمن به.
وكل أولاده صلى الله عليه وآله وسلم منها سوى إبراهيم فهو من مارية القبطية، فولدت السيدة خديجة: القاسم -وكان يكنَّى به صلى الله عليه وآله وسلم- وعبد الله وهو الطاهر والطيب، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة رضي الله عنهم.
روى الإمام أحمد بإسناده إلى السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء. قالت: فَغِرْتُ يومًا، فقلتُ: ما أكثر ما تذكرها حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، لقد أبدلك اللهُ عز وجل بها خيرًا منها. قال: «مَا أَبْدَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِـهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ» "مسند الإمام أحمد" (41/ 354، ط. الرسالة).
ومعنى قولها: (حمراء الشِّدق) سقطت أسنانها لكبر سنها حتى ظهرت الحمرة في شدقها، وهذا كناية عن كونها عجوزة، فهذا وصف وليس انتقاصًا.
وتُوفيت رضي الله عنها في حياته صلى الله عليه وآله وسلم في مكة سنة ثلاثة قبل الهجرة، ودفنت في المعلاة، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.