صلاح السعدني ونور الشريف.. قصة صداقة دامت لأكثر من 40 عامًا في لقاء نادر
صداقه عريقة وعلاقة حميمة جمعت الفنان الكبير الراحل نور الشريف بالفنان الراحل صلاح السعدني، فلعلهما كانا الأقرب لبعضهما في هذا الجيل، جيل الزمن الجميل كما كان يطلق عليهم، فعاصرا سويًا البدايات والسعي وراء موهبتهما، وعاشا أحلامًا وردية سويًا، وكانا حينها لا يملكان قوت يومهما كما كانا يقولان، إلي أن أصبح كل منهما نجماً ساطعًا في سماء الفن، ولعل نور وصلاح التقيا في منطقة مهمة أعتقد أنها كانت سببا أساسيا في تلك العلاقة القوية، وهي الثقافة، فكان معروف عن نور وصلاح حبهما للقراءة وإطلاعهما الدائم وشغفهما بكل مفردات الحياة.
(قد يهون العمر إلا ساعة وتهون الأرض إلا موضعا) بدأ السعدني لقاءه مع صديق العمر نور الشريف في إحدى المرات، وهو على ضفاف النيل، مرتدياً جلباباً وعمه، ذلك اللقاء الذي إمتاز بالدفيء تشعر فيه بقربهم وحبهم الصادق لبعضهم، فتحوا صندوق الذكريات خلال هذا اللقاء، تذكروا بداياتهم في السيدة زينب والجيزة، ومن إحدى المواقف الطريفة الذي بدأ السعدني بها اللقاء، عندما قرر نور الشريف في يوماً ما في شهر رمضان أن يعزم السعدني علي الفطار، وذهب السعدني في اليوم المحدد وبالمعاد المحدد، رحبت عمت نور الشريف بالسعدني بمجرد أن وجدته أمامها في المنزل فوصف السعدني علاقتهم بأنهم كانوا أصدقاء قدماء، ولكن بمجرد أن رأه نور الشريف تغير لون وجه وظهر ملامح التوتر والإحراج عليه، فقد نسى نور أنه كان قد عزمه عليكى الفطار، ومازح نور السعدني في اللقاء حينما قال" مكنش عندنا أكل اليوم ده غير فول بقوطة" ليرد عليه السعدني بنفس المزاح" وأنا كنت جاي أفطر عشان معندناش أكل برده" فأي تصالح مع النفس هذا الذي كان بينهم.
ذهبا الإثنين ليفطرا عند صديقهم نبيل الهجرسي الذي وصفوه بالغني الذي لا يخلوا بيته من اللحمة، وظل هذا اليوم في ذاكرتهم حتى بعدما أصبحوا نجوماً كبيرة.
سأل السعدني نور الشريف عن سر المسرح الخشبي الذي كان يضعه في مكتبه، وكان السر في مخرج إنجليزي يسمى إدوارد يورجن كويك، الذي قرر عمل مسرح عرائس من الخشب وكل الممثلين خشبية بأحجام مختلفة عندما ضج من الممثلين الحقيقين والذين يقومون بالتمثيل حسب حالتهم المزاجية، ولكن عندما أقامها نور الشريف كشف أنها ساعدته علي فهم العلاقة بين الممثل والمخرج الذي وصفها بعلاقة خطيرة، ونفى الشريف النغمة السائدة بأن الممثل موهبة فقط، حيث قال أن العلم مهم جداً للمثل حتي لو لم يلتحق بالمعهد فلابد أن يثقف نفسه لأنه يجعل العلاقة بين المخرج والممثل أكثر قرباً.
استشهد السعدني خلال اللقاء بمقوله للإمام الشافعي، وهي عندما سأل الشافعي تعرف كذا فأجاب لا، وكذا بأجاب أيضاً، لا ، فعندما سألوه كيف لا تعرف وأنت الإمام الشافعي، رد عليهم لو عندي من الجمال بقدر مالا أعرف لصرت أغنى الناس، فصلاح السعدني ونور الشريف علاقة صداقة دامت لأكثر من خمسين عاماً، رحمهم الله فقد رحلوا عن عالمنا ولكن ستظل روحهم وأعمالهم وثقافتهم معنا إلي الأبد.