جولة ثقافية لجائزة الشيخ حمد للترجمة في هنغاريا
نظم المركز الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، عددًا من اللقاءات والفعاليات الثقافية في جمهورية هنغاريا (المجر).
وذلك في إطار جولة على مدار ثلاثة أيام للتعرف على واقع الترجمة بين اللغتين الهنغارية والعربية، بمناسبة اختيار الهنغارية ضمن اللغات المستهدفة في مسار الإنجاز للموسم العاشر من الجائزة.
وزار وفد الجائزة الذي ضم المستشارة الإعلامية والناطقة الرسمية للجائزة الدكتورة حنان الفياض والدكتور امتنان الصمادي، الأكاديمية المجرية للعلوم (قسم الدراسات الشرقية) في بودابست، وبرفقة الدكتور خالد سعد منسق الزيارة والأستاذ بمركز العالم العربي المعاصر التابع لجامعة "أوتفوش لوراند" (ألتا) في المكتبة الشرقية التي تضم ترجمات متنوعة إلى العربية، و206 مخطوطة، و170 من المجلدات وكتب التراث العربي الإسلامي.
ومن أبرز مقتنياتها ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الهنغارية التي أعدها المستشرق روبرت شيمون إلى جانب تفسير شامل للقرآن، وترجمة أعمال "شاندور بتوفي" الذي يعد من أبرز شعراء المجر في القرن التاسع عشر.
وزا الوفد مسجد بودابست الكبير حيث مقر هيئة مسلمي المجر الذي أنشئ بتبرع من الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، استمع الوفد إلى شرح من مدير المركز الإسلامي الدكتور عبد الغني السبئي عن الهيئة التي أصدرت أكثر من خمسة عشر مصنفاً مترجماً إلى الهنغارية، من أبرزها "الأربعون النووية" و"صفة المسلم".
وأوضح "السبئي أن المصحف الشريف تُرجمت معانيه من قِبل الهيئة بتنقيح النسخ السابقة المنقولة عن التركية والإنجليزية والعربية وطُبع منه حوالي ألف نسخة.
وتحدث إمام المسجد الشيخ فارس القديمي اليمني عن المرافق التابعة للمسجد المخصصة لتعليم اللغة العربية بالصورة التقليدية وباستخدام التقنيات المتطورة، لافتاً إلى أن مبنى المسجد يشكل فرصة لالتقاء المسلمين من مختلف الجنسيات والتآلف والتآخي في المناسبات الدينية والأعياد.
كما زار الوفد مركز ابن سينا للدراسات الشرقية، والتقى رئيسَه البروفيسور "ميكلوش ماروث" الذي يعدّ أحد أهم الباحثين في حضارات الشرق والمعروف بخبرته الواسعة في الدراسات الإسلامية والأوروبية الشرقية. وتشمل أعمال "ماروث" مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك الفلسفة الإسلامية، واللاهوت، والأدب، واللغويات. وتسهم أبحاثه بشكل كبير في الحوار الأكاديمي حول الفكر الإسلامي الوسيط وتقاطعه مع ثقافات وتقاليد فكرية أخرى.
وأوضح "ماروث" أن المعهد الذي تأسس عام 2002 يحظى بدعم الحكومة المجرية، أصبح مركزاً للبحوث العلمية متعددة التخصصات، إذ يستضيف المؤتمرات والندوات ويشارك في تبادلات أكاديمية لتعزيز تلاقح الأفكار وإثراء المعرفة في أوساط العلماء والطلبة، فضلاً عن أنه يهتم بالترجمة في الحقول العلمية والفكرية.
وفي اليوم الثاني من الجولة، التقى الوفد بالدكتور "زولتان"، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة "أوتفوش لوراند" التي تأسست عام 1635م، وهو متخصص بالتراث الشعبي والأنثربولوجيا. واستعرض "زولتان" واقع حركة الترجمة في هنغاريا، مشيراً إلى أن المتخصصين بالحضارة العربية في هنغاريا قليلون جداً والترجمات من الأدب العربي إلى اللغة المجرية محدودة.
وأوضح أن قسم اللغة العربية بالجامعة يشهد سنوياً التحاق حوالي 15 طالباً في مرحلة البكالوريوس، وطالبين سنوياً في مرحلة الماجستير، وبعضهم يتسربون نظراً للصعوبات التي يواجهونها خلال تعلم اللغة.
كما زار الوفد أكاديمية (MT) الخاصة التي تعنى بتدريس اللغة العربية للطلبة المجريين. وكانت الأكاديمية تأسست عام 2010 على يد المصري المجري الدكتور "ميشيل ماركو" وزوجته المجرية "تينا" بهدف التعريف باللغة العربية وتعزيز التبادل بين الثقافتين المجرية والعربية. ويزيد عدد الطلبة الذين التحقوا بها عن سبعمئة طالب.
وتحدث "ماركو" عن تجربته في ترجمة عدد من كتب الفلسفة للفارابي والكندي بالتعاون مع الدكتور "روغاشي يوللا"، وكذلك في ترجمة قصص لأدباء مجريين إلى العربية.
وأقيمت ضمن فعاليات الجولة، محاضرة بجامعة "أوتفوش لوراند"، بحضور البروفيسور حسن السيد الذي يعمل بالترجمة الفورية ويعدّ أقدم أستاذ بالجامعة، وهو رئيس الجالية المصرية والعربية في المجر.
وتحدث الدكتور عبد الغني السبئي عن البلاد المجرية وتاريخها العريق، وعن شعرائها ومفكريها، مشيراً إلى أن 16 من جوائز نوبل مُنحت لمجريين.
وقال إن الحضارة المجرية بحاجة إلى أن تُترجم للعالم العربي، وأكد أهمية الدور الذي تلعبه جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في تحقيق التقارب بين الشعوب والأمم.
أما الدكتور عبد المنعم قدورة، رئيس مجلة "الدانوب الأزرق"، فأشار إلى الحاجة الملحّة للتعريف بعلماء المجر ومفكريها في العالم العربي، وقال إن التواصل بين اللغتين العربية والمجرية من شأنه أن يغني التجربة الحضارية الإنسانية.
وأشاد الدكتور منير العراقي بمبادرة الجائزة للاطلاع على واقع الترجمة في الدول التي يتم اختيار لغاتها ضمن اللغات المستهدفة في كل موسم، مؤكداً أهمية التحاور بين الشعوب والبناء على المشترَك الإنساني، وهو ما يمكن أن تقوم به الترجمة.
والتقى الوفد في نهاية الزيارة الدكتور راشد ضاهر مؤسس ومدير مركز العالم العربي المعاصر الذي بيّن جهوده الفردية في تذليل الصعوبات ومواجهة التحديات لإنشاء المركز ضمن سلسلة معاهد جامعة "أوتفوش لوراند" التي تزيد عن ثلاثين معهداً ويدّرس اللغة العربية بها.
وقال إن مختلف لغات العالم تجد دعماً من دولها ومن جمهورية المجر على حد سواء لتفعيل التفاهم الدولي إلّا أن مركز العالم العربي بات مهدداً بسبب قلة الدعم العربي، وكان آخر متبرع لتشغيل المركز رجل أعمال صيني، آملاً ألّا يُترك ميدان التعريف باللغة والثقافة العربية فارغاً في المستقبل.
وأشاد ضاهر بزيارة الوفد من جائزة الشيخ حمد للترجمة كنوع من رفد حركة التفاهم الدولي التي يتطلع إلى إنجاحها بين الأمتين العربية والمجرية، مؤكداً بحكم ازدواجية جنسيته العربية والمجرية أن الشعب المجري متعطش لمعرفة ثقافة العالم العربي والاطلاع على الحضارة العربية العريقة.
يُذكر أن باب الترشح والترشيح لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في موسمها العاشر مفتوح حتى نهاية مايو 2024م.
وتتوزع الجائزة في هذا العام على مسارَين، أولهما ترجمة الكتب المفردة من إحدى اللغتين الرئيستين وإليهما (من العربية إلى الفرنسية، ومن الفرنسية إلى العربية، ومن العربية إلى الإنجليزية، ومن الإنجليزية إلى العربية). وثانيهما مسار الإنجاز في اللغات الرئيسية والثانوية، إذ خُصصت جوائز الإنجاز هذا العام للترجمة بين العربية واللغتين الرئيسيتين (الإنجليزية والفرنسية)، وكذلك للترجمة بين العربية واللغات الفرعية التي تشمل: البلوشية، والتترية، والهنغارية، ولغة يورُبا.