الكاتب الصحفى ممدوح عيد يكتب .. حتى لا تتكرر المأساة
بعد انتهاء موسم الحج الماضي ، و توفي عدد من الحجاج المصريين ؛ صرح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بأن هناك خلية عمل لمتابعة وإدارة أزمة وفاة الحجاج المصريين، وذلك بناء على تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية .
و حتى لا أطيل بمعلومات تم تناولها في هذا الموضوع ، فأن القصة اساساٌ تكمن في عدة مشاهد :
المشهد الاول : هل عند المسافرين للحج بتأشيرة زيارة لديهم الوعي الكاف ، أو الثقافة الدينية لتفسير قول الله تعالى (: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، و هَذِهِ الآية هي وُجُوبِ الْحَجِّ فهل تأشيرة الحج تدخل تحت دائرة الاستطاعة .
الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية قال ، خلال تصريحات اعلامية ، ان دار الافتاء اصدرت فتاوى عديدة على شرط الاستطاعة ، موضحا أنه لابد أن يحصل كل إنسان على رخصة وتأشيرة والتأشيرة أصبحت عنصر من عناصر الاستطاعة وإذا لم تتوفر فالمسلم غير مطالب بالأداء.. ( علما بأن المتوفين اثناء مناسك الحج بتأشيرة زيارة و ليس تأشيرة حج رسمية ).
المشهد الثانى : " سماسرة المناسك " يجوبون البلاد و القري و النجوع ، ليخبروا المواطنين بأن الحج اصبح ميسر و انهم سوف يسافروا لتأدية مناسك الحج ، و أهالينا المتشوقين لاداء مناسك الحج لا يعلمون الفرق بين تأشيرة الزيارة و تأشيرة الحج الرسمية ، يحصل السمسار علي اموال الرحلة و الاوراق الخاصة بالحجاج ، و يتعامل هو مع شركة السياحة ثم يعطيهم موعد السفر و يختفي السمسار .
المشهد الثالث : شركات السياحة ملأت مواقع التواصل اعلانات و ضجيج للحج بدون تأشيرة رسمية ، و بالتالي قدم كثير من المصريين بل ان منهم من دخل القرعة و لم يتم اختياره ، فأن شركة السياحة توعده بأن لديها القدرة لتسفيره الي الحج .
المشهد الرابع : من يعلم من المواطنين بأن شركة السياحة سوف تقوم بتسفيره بتأشيرة زيارة ، فإن مندوب شركة السياحة يؤكد له بأن هذا أمر عادى و مضمون .
المشهد الخامس : سافر اعداد كبيرة إلي المملكة العربية للسعودية ، بل أن الأمر لا يتوقف علي المصريين فقط ، بل ان كثير من البلدان فعلت هذا الأمر و كان لزاما علي السلطات السعودية ان تتدخل ، فتلك الاعداد لن تسعها ارض المناسك " عرفة ، منى ، المزدلفة ، " فبدأت في ترحيل اعداد من المخالفين الي جدة ليذهبوا الي المطار و يرجعوا من حيث أتوا ، الإ انهم يقوموا بالدخول مرة اخري الي مكة .
المشهد السادس : يوم 8 من ذي الحجة بداية مناسك الحج ، مع العلم ان معظم الحجاج الغير نظامين من كبار السن ، ليس لهم اماكن في اتوبيسات المناسك التى تذهب اولاَ الي عرفة و بالتالي عليهم ان يقوموا بالمشى من مكة الي عرفة و هي مسافة تبلغ 23 كيلو متر مع العلم ان درجة الحرارة في هذا التوقيت تتعدى 55 درجة مئوية .
المشهد السابع : من استطاع ان يذهب الي عرفة ، ليس له مكان في اى مخيم ، لأن المخيمات خصصت للحجاج النظاميين و بالتالي عليهم ان يواجهوا درجة الحرارة المرتفعة جدا و البقاء في شوارع و طرقات عرفة حتى غروب اليوم التاسع من ذى الحجة ، و من استطاع منهم ان يتحمل عليه ان يذهب الي المزدلفة ماشيا ، ثم الي منى و هى مسافة 22 كيلو متر .
المشهد الثامن : من تحمل من الحجاج الغير نظاميين كل هذه المتاعب ، و استطاع الذهاب الي منى عليه الإبقاء بها ثلاث ايام ، بلا مخيمات أو دورات مياه ، فكل المخيمات مخصصة للحجاج النظاميين ، و عليهم ان يقوموا بالمشي يوميا ما لا يقل عن ثلاث كيلوا متر ذهابا و مثلهم ايابا لرمي الجمرات .
المشهد التاسع : لقد تساقط الحجاج اموات في كل هذه المراحل ، و ذنبهم في رقاب " سماسرة المناسك " و " بعض اصحاب شركات السياحة معدومين الضمير، لقد رموا بحجاجنا الي التهلكة ، كان كل ذنبهم انهم يتمنوا الحج و فؤادهم يهفوا الي مكة .
المشهد العاشر : ان معظم هؤلاء الحجاج الغير نظاميين ، لم يقوموا بتأدية المناسك بشكل صحيح ، و سقطت منهم أركان و واجبات الحج ، بسبب انهم لم يكن معهم مشرف بصحبتهم ، و لم يتم تأهيلهم الي كيفية تأدية الحج بشكل صحيح ، بل ان السماسرة و اصحاب الشركات هربوا منهم و اغلقوا هواتفهم ، و تركوهم يواجهوا مصيرهم بين الموت من جهة وتأدية المناسك بشكل خاطئ .
و حتى لا تتكرر، المأساة نحن ندق ناقوس الخطر، لقد كانت مأساة هؤلاء الحجاج من كل جهة ، لقد تكلفوا اموالا توازي ما دفعه الحجاج النظامين ، و من ناحية اخري تعرضوا للموت ، و ايضا عدم تأدية المناسك بشكل صحيح .
و للحديث بقية ان كان في العمر بقية