الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب : ”حريق الشرابية”... حين تكون الحكومة هي عود الكبريت!

لم يعد ما يحدث فى عزبة الورد بحى الشرابية مجرد إهمال،ما يحدث جريمة مكتملة الأركان! حريق تلو الآخر، كارثة تلد أختها، ودمار يتكرر كل عام كطقس موسمي، والحكومة؟ نائمة، متواطئة، شريكة في الجريمة!
كم مرة يجب أن تشتعل النيران؟ كم روحًا يجب أن تحترق؟ كم منزلًا يجب أن يتحول إلى رماد؟ كل هذا لأن الدولة قررت أن تكون "المتفرج الأكبر" على مسلسل رعب مملوء بالفوضى، العشوائية، والفساد المنظم! نعم، فساد منظم، لا لبس فيه!
كل من جلس على كرسي رئيس حي الشرابية يستحق المساءلة والمحاسبة. ليس فقط لأنه لم يمنع الكارثة، بل لأنه ارتضى أن يكون جزءًا منها. قرارات الحماية كانت ولا تزال موجودة، قرارات النقل تم اتخاذها منذ عام 2010، بل وتم تخصيص أماكن بديلة، لكن لا أحد نفذ، ولا أحد راقب، ولا أحد حوسب! وكأن الضحايا لا يُحسبون من أبناء هذا الوطن!
مغالق الأخشاب تحوّلت إلى قنابل موقوتة، محشوة بالأخشاب، بالماس الكهربائي، وبالجهل والتواطؤ. الكل يعلم أن الكهرباء تُسرق، أن التوصيلات عشوائية، أن وسائل التدفئة بدائية، أن الخطر محدق فى كل لحظة، لكن الدولة بأجهزتها المحلية تمارس أشنع أنواع "اللامبالاة الإجرامية"، تُطالع النيران كأنها عرض مسرحي، ثم تخرج علينا ببيانات جوفاء بعد فوات الأوان!
الدولة تعرف، لكنها لا تريد أن تتحرك، لماذا؟ لأن مصالح "كبار المنتفعين" أقوى من أرواح الغلابة، لأن رؤوس الفساد في الإدارات المحلية أكبر من القانون، وأعتى من قرارات دوائر صنع القرار!
ما يحدث فى الشرابية ليس مجرد فشل إداري، بل هو تواطؤ قذر بين مسئولين مرتشين، وبين شبكة من الفاسدين الذين يحمون واضعي اليد ويباركون فوضى الموت اليومي، هل تحتاج الدولة إلى محرقة جماعية حتى تصحو من سباتها؟! هل تنتظر أن تموت الشرابية كلها دفعة واحدة؟!
الأموال التي تنفقها الدولة على سيارات الإطفاء، ومواد التبريد، وتعويضات الضحايا، وأجهزة الدفاع المدني، كفيلة بإقامة مدينة جديدة كاملة للمغالق والمخازن، لكن لا أحد يفكر، ولا أحد يريد الحل، لأن الحكومة أسيرة شبكة الفساد المزمنة التي تحكم المحليات في مصر.
الشرابية تدفع الثمن، والمواطنون يعيشون على أعصابهم، ينامون بجوار جدار من الخوف، يستيقظون على روائح الاحتراق وأصوات الانفجار، بينما يجلس المسئولون في مكاتبهم المكيفة، يعدّون أيامهم حتى قرار النقل أو الترقية أو المعاش، لا فرق!
هذه ليست قضية مغالق أخشاب فقط، هذه قضية دولة فاشلة فى حماية أبنائها. دولة عاجزة، مُخترقة، تتباهى بالإنجازات بينما تُدفن الحقيقة فى رماد الكوارث.
حريق الشرابية ليس قضاءً وقدرًا... بل هو عار على جبين الدولة المصرية، لن يُمحى إلا عندما تتم محاكمة كل مسئول عن هذه الكارثة، ليس بالكلام، بل في قاعات القضاء.، وعندها فقط، قد تبدأ النيران فى الانطفاء! وحتى يحدث ذلك... انتظروا الحريق القادم!
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد مدير تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية والخبير المالى والاقتصادى