محطات فى مشواره محمود ابوالفتح اول نقيب للصحفيين
هو محمود ابو الفتوح الذى ولد في 15 أغسطس عام 1893
و توفي في 15 أغسطس عام 1958
نشأ في مدينة الزقازيق بالشرقية
وتخرج من كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، وأدى اندماجه في العمل الوطني وتأييده للوفد وزعيمه سعد زغلول إلى فصله من الكلية عدة مرات، ولم يعُد إلى الكلية إلا بعد تعهد من والده الشيخ أحمد أبو الفتح أستاذ الشريعة الإسلامية في نفس الكليه.
عقب تخرجه من كلية الحقوق، التحق بالعمل مراسلًا وكاتبًا بجريدة "وادي النيل"، التي كانت تصدر بالإسكندرية براتب شهري قدره جنيه ونصف الجنيه. وقد كان لأسلوبه الجديد في التحرير الصحفي الفضل في سعي صاحب جريدة الأهرام إلى تعيينه بها...... كان أسلوب أبوالفتح أسلوبًا صحفيًا حديثًا، خاليًا من الطابع الأدبي والبلاغة التقليدية التي كانت تطبع الكتابة الصحفية آنذاك.
من ابرز انفرادات أبوالفتح الصحفية إثناء عمله مراسلًا للأهرام ركوبه منطاد زيبلن الألماني في رحلته الأولى، التي كانت رحلة تاريخية تابعها العالم،.... وكان أبو الفتح واحدًا من ثلاثة صحفيين شاركوا في هذه الرحلة وبعد أسابيع قليلة جاء انفراده الصحفي التالي، وهو تغطيته لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
في فبراير 1919 ـ قبيل اندلاع ثورة 1919 ـ اقترح أبو الفتح على سعد زغلول أن يُترجَم كل ما ينشر عن مصر والقضية المصرية في الصحف الأجنبية ، مع الرد على ما فيها من أكاذيب وإرسال الردود إلي نفس الصحف بالخارج باللغتين الإنجليزية والفرنسية، مع نشر هذه الاكاذيب والرد عليها في الأهرام ايضًا، فتحمس سعد زغلول للاقتراح وطالبه بتنفيذه.
وفي نفس الشهر، انفرد أبو الفتح بإجراء حديث مطول مع اللورد ألنبي، أنكر فيه ألنبي كل حقوق مصر، وقد أثار هذا الحديث ردود فعل واسعة....
سافر أبو الفتح مع سعد زغلول إلى أوروبا مستشارًا إعلاميًا للوفد المصري، إلى جانب تغطيته أخبار مفاوضات الوفد في لندن لجريدة الأهرام في رسالة صحفية مطولة كان يرسلها بشكل يومي.
ألف أبو الفتح بعد عودته من رحلته مع الوفد المصري كتابًا عنوانه "المسألة المصرية والوفد"، طلبه جمال عبد الناصر فيما بعد لقراءته أثناء مفاوضاته مع الإنجليز قبل توقيع المعاهدة معهم، وظل الكتاب في مكتبة عبد الناصر حتى وفاته.
بعد وفاة داوود بركات رئيس تحرير الاهرام، اتجهت التوقعات إلى محمود أبو الفتح كأبرز المرشحين لرئاسة تحرير الأهرام، غير أن أصحاب الجريدة ـ الذين كانوا ضد رئاسة المصريين لتحرير جريدتهم ـ عينوا أنطون الجميل رئيسًا للتحرير، مما جعل محمود أبو الفتح يفكر في إنشاء جريدة المصري، وقد شاركه في إنشائها الصحفيان البارزان محمد التابعي وكريم ثابت، رفيقاه في المكتب ذاته بجريدة الأهرام.
فاستقال ثلاثتهم من الأهرام، وباع والدة الشيخ أحمد أبو الفتح قطعة ارض دفع ابنه بثمنهما حصته في الجريدة، كما وضع التابعي وكريم ثابت مدخراتهما في مشروع الجريدة الجديدةالتي صدرت سنة 1936، وكانت ندًا قويًا للأهرام ولم يلبث التابعي أن باع حصته في الجريدة لحزب الوفدوتفرغ لمجلته الأسبوعية "آخر ساعة" ثم عين الملك فاروق كريم ثابت مستشارًا صحفيًا له، فاضطر ثابت إلى بيع حصته لأبوالفتح ، ثم اشترى أبو الفتح حصة الوفد التي أخذها من التابعي، فصار أبو الفتح المالك الوحيد للجريدة.
اهتم أبو الفتح في جريدته بالشكل الصحفي الجذاب وأسلوب التحرير العصري،
قبل جريدة المصري، كانت الصحف والمجلات المصرية تهتم بالشعر والأدب والمطولات، حتى تبنت "المصري" أسلوبًا جديدًا في الصحافة اليومية. كان الأخبار تأتي في المقدمة ثم الرأي والرأي الآخر بأقلام المفكرين والسياسيين بأسلوب سهل بسيط.
واصل أبو الفتح انفراداته الصحفية بعد تأسيسه جريدة المصري، فقام بتغطية أحداث الحرب العالمية الثانية من خط النار، وصار ثالث صحفي يُسمح له بالدخول إلى خط ماجينو في فرنسا.
رغم توجهات أبو الفتح وأسرته الوفدية، لم يجعل جريدته حزبية بالمعني الضيق، بل عارض الوفد فيما كان يرى أنه انحراف عن جادة الصواب.
وكان كُتّاب الجريدة يمثلون مختلف الاتجاهات والمدارس والأجيال، ومنهم عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس وعبد الرحمن الخميسي ومحمود عبد المنعم مراد ولطفي الخولي وعبد العظيم أنيس وسعد مكاوي وحسن فؤاد ومحمود بيرم التونسي وزكريا الحجاوي وسام الكاريكاتير رخا.
اشترى أبو الفتح شركة الإعلانات الشرقية من أصحابها اليهود، وكانت هذه الشركة تصدر عدة صحف بالإنجليزية والفرنسية، منها "لا بورص إجبسيان" و"لو بروجريه إجبسيان" و"الإجيبشيان جازيت" و"الإجيبشيان ميل"
كان أبو الفتح صاحب فكرة إنشاء نقابة للصحفيين سنة 1941، ولما اشترطت الحكومة للموافقة توفير مقر مناسب للنقابة، تبرع أبو الفتح بشقته في عمارة الإيموبيليا ليجعل منها مقرًا.
شغل محمود أبوالفتح منصب نقيب الصحفيين 5دورات.. وهو أول نقيب للصحفيين المصريين
كان أبوالفتح اول نقيب بالتعيين عام 1941 كما كان أول نقيب منتخب من ديسمبر عام 1941 حتي ديسمبر عام 1942.. والمرة الثالثة من ديسمبر 1942 الي ديسمبر 1943 والرابعة من ديسمبر 1945 الي ديسمبر 1946 والخامسة والأخيرة من ديسمبر 1946 الي ديسمبر 1947
تم إحالة محمود ابوالفتح وشقيقة حسين الي محكمة الثورة بسبب موقف جريدة المصري المؤيد للديمقراطية والمطالبة بعودة الجيش إلى ثكناته أثناء أزمة مارس 1954رغم مساندة محمود ابوالفتح لثورة يوليو في بدايتها.
حوكم محمود أبو الفتح وشقيقه حسين أمام محكمة الثورة برئاسة قائد الجناح عبد اللطيف البغدادي وعضوية البكباشي أنور السادات وقائد الأسراب حسن إبراهيم. .كانت تهمة الأخوين أنهما "أتيا أفعالًا ضد سلامة الوطن ومن شأنها إفساد أداة الحكم".
كانت تهمة محمود أبو الفتح أنه "في غضون سنة 1954 وما قبلها... قام بدعايات واتصالات في الخارج ضد نظام الحكم القائم بقصد تقويض النشاط القومي للبلاد وأغرى موظفًا عموميًا بطرق غير مشروعة على المساهمة في إتمام صفقة تجارية لمصلحته الذاتية".
صدر الحكم بسجن محمود أبو الفتح غيابيا عقب سفرة الي العاصمة السويسرية جنيف ـ عشر سنوات غيابيا ومصادرة 358,438 جنيهًا من أمواله، ومعاقبة شقيقه حسين بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ. وظبقًا لهذا الحكم عُطلت جريدة المصري منذ يوم 5 مايو 1954.
كما تم مصادرة كل ممتلكات ابوالفتح وأسرته حتي فيلا والده بشارع احمد حشمت بالزمالك التي تحولت إلي مدرسة اعدادية
توفي محمود أبو الفتح في مدينة جنيف السويسرية في نفس يوم مولده 15 أغسطس 1958، عن عمر خمسة وستين عامًا، ورفض عبد الناصر أن يُدفن في مصر خشية أي مردود شعبي خلال الجنازة والعزاء، فطلب الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة من سويسرا نقل جثمان أبي الفتح إلى تونس لدفنه في مقبرة بنيت خصيصًا له، وشُيع أبو الفتح إلى مثواه الأخير في موكب جنائزي مهيب تقدمه بورقيبة وعدد من كبار المسؤولين التونسين والعرب.