دكتور أحمد سعيد يكتب .. ولكم فى «الدفن» صحة وعافية
من تجربتي الشخصية بالدفن فى رمال سيوة فأن واحة سيوة تعتبر من أهم المقاصد السياحية فى مصر وتتمتع بمناخ جاف ويزورها السيّاح من كل أنحاء العالم لمشاهدة تلك البقعة النادرة التى نرجع لعصر ماقبل المدنية وهى حياة الطبيعة رحلة بلا تكيف او مراوح او ماء ساقع رحلة تجعل الزائر يعمل (اب ديت) تنشيط لخلايا جسمه بالكامل
ولأن الواحة ظلت فى عزلتها فترات طويلة من الزمن حيث تصل المسافة من القاهرة لسيوة ٩٠٠ كم، فقد لجأ أهلها إلى البحث عن بدائل طبية ووصفات من الطبيعة لمعالجة الأمراض التى كانت تصيبهم فى الماضي، ومع مرور الوقت توارث أبناء الواحة الخبرات فى مجال العلاجات بالطبيعة حتى صارت من المهن التى تميز الواحة عن غيرها، خاصة العلاج بالدفن فى الرمال الساخنة أو ما يعرف بحمامات الرمال، تحت سفح جبل الدكرور
وياتى روادها من جميع المحافظات المختلفة أملا فى التخلص من آلام الروماتيزم والروماتويد والانزلاق الغضروفى ،وآلام العمود الفقرى، وتعتبر أيضا علاجا للحد من التوتر والقلق والأرق، وعلاج لآلام الركب والمفاصل والخشونة.
ويقول الشيخ عمر، إن الواحة قديما لم تعرف مهنة الطب، وكان الأهالى يعالجون بالوصفات الطبيعية التى يتوارثونها جيلا بعد جيل، مثل العلاج بالحجامة والعلاج بالثوم والعلاج بالردم فى الرمال الساخنة، والعلاج بالنزول فى الملاحات التى تخرج من باطن الأرض وتجعل من لايستطيع السباحة يطفوا على الماء لان مياها تندفع من جوف الارض لأعلى وهى احسن علاج للامراض الجلدية فموسم العلاج بالدفن فى الرمال مثلا يكون بين منتصف شهر يونيو ومنتصف شهر سبتمبر.
طبيعة الرمال الساخنة بواحة سيوة لها من الخواص ما يجعلها قادرة على علاج الكثير من الامراض وكثرة عيون المياه الغنية بالعناصر العلاجية والاستشفائية التى تندفع من باطن الارض.
أصول الدفن
بعد رحلة طويلة داخل أعماق الصحراء الغربية القاحلة استغرقت نحو 10 ساعات متواصلة، رأيت بيوت أهل سيوة مبنية بنفس لون الأرض مبنية بمادة «الكرشيف» التى تشبه الطمى الممزوج بالملح ولها خواص الأسمنت، وأينما امتد البصر وقع على بساتين النخيل والزيتون الممتدة على كامل مساحة الواحة حتى امتزجت مع صفرة الصحراء لتشكل لونا آخر تزيد زرقة السماء المملوءة بالسحب الناصعة البياض من جماله وتضيف اليه سحرا خاصا.
فى «مكان الدفن» القريب من جبل الدكرور وجدت مصطفى عمرطالب طب الاسنانة بجامعة الاسكندرية دمس الخلق ابن الشيخ عمر، و الذى يساعد والده ومعه بعض المعالجين من الشباب جميعهم لديهم خبرة بالدفن فى الرمال فى استقبالنا، وقدم لنا شرحا مبسطا عن فوائد «الدفن فى رمال سيوة» و لابد ان يكون المريض له قدرة على تحمل الردم او الوجود فى الخيمة العلاجية لانها تكون مغلقة دون اى فتحات تهوية ويمكث فيها نصف ساعة, عملية الدفن فى الرمال الساخنة .
يقول الشيخ عمر - أحد أشهر المعالجين بالواحة - أن «كورس» العلاج يتراوح بين 3 أيام أو 5 أيام حسب المرض الذى يشكوا منه «المردوم» ،وإنه يتم عمل حفرة أفقية على قدر طول الشخص الذى يتم عملية ردمه فى الفجر، وتترك الحفرة فارغة لكى «تتحمص» من اشعة الشمس حتى الساعة الثانية بعد الظهر ثم يوضع الشخص داخلها بدون ملابس ويتم تغطية جسمه بالكامل بالرمال الساخنة عدا رأسه، وتقام خيمة صغيرة عند رأسه لحمايته من ضربة الشمس وتبدل عليه الرمال مرات عديدة على قدر تحمل الشخص للرمال, فيمكث الشخص بالحفرة مدة تتراوح ما بين 5 دقائق الى 15 دقيقة، المريض بعدها يخرج ملفوفا ببطانية صوف ويدخل الى خيمته ويشرب مشروبا ساخنا حلبة و ينسون مصنوعا خصيصا له, و يدهن جسمة بزيت الزيتون ولا يتعرض خلال هذه الأيام التى يحدث بها الدفن الى اى تيارات هواء .
ويقول الشيخ عمر ان بعض الناس يأتون الى سيوة وهم مقعدون ولا يستطيعون الحركة وبعد عملية الدفن استطاعوا ان يسيروا على قدميهم.
ويوضح الشيخ عمرأن المريض عندما يخرج من حفرة الردم تكون مسام جسمة مفتوحة وحلقه جاف من شدة السخونة, وعند دخوله الخيمة يعطونه حلبة دافئة تساعده على إدرار المزيد من العرق، ويحرم على المريض الاستحمام بالمياه اثناء مده الردم وهى ثلاثة أيام للمريض العادى اما الحالات المتأخرة فقد تستمر حتى ٥ أيام يقوم بتنفيذ البرنامج الموضوع.
ويقول الشيخ عمر مدير المردم -: «نعمل كفريق تحت سفح جبل الدكرور، فمنا من هو مسئول عن عملية الدفن وآخر للتدليك بزيت الزيتون ويوجد آخر مسئول عن تحضير الوجبات الغذائية فهى أساسية فى نجاح العلاج، حيث يوجد برنامجا غذائيا كاملا خلال أيام «الدفن»، حيث تقدم وجبه الإفطار الساعة السابعة صباحاً، بعدها يتوقف المريض عن الطعام الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الثانية والنصف عصرا، أما الغداء فيقدم نصف دجاجة او ربع كيلو لحم ضنأن او ماعز مع أرز و شوربة خضار ساخنة و تكون الوجبه الرئيسية، و انه أثناء هذه المدة يحرم على المريض شرب أى شيء بارد أوالتعرض للتيارات الهوائية أو الاستحمام طيلة مدة العلاج ويرتدى الملابس الصوفية الثقيلة بعد العلاج لمدة ١٠ يوماً وعدم الجماع ويحرم تخفيف الملابس حتى تتحسن حالة الجسم للمريض وبنهاية العلاج يقوم المريض بالاستحمام بماء دافئ ويرتدى ملابسه العادية, مشيرا إلى ان الجسم يفقد خلال مدة الدفن كميات كبيرة من العرق والدهون وبالتالى يفقد الكثير من وزنه.
حقاً تتألق واحة سيوه ، يُقال عنها جنة الله في الأرض ،بما تمتلكه من معالم سياحية ووجهات طبيعية علاجية تنتظرمن يكتشفها ويستمتع بما لديها من مميزات وتجارب لن تستطيع إيجاد مثيلها في أي منطقة سياحية في مصر!