“ الهنداو “ .. قرية تبادر ولا تنتظر الحكومة ! ( بالصور )
“الهنداو “ إحدى قرى مركز الداخلة بالوادى الجديد .. ولكنها قرية ليست كقرى بر مصر كلها ..فأهلها ( 6 الآف نسمة ) منذ عشرات السنيين لم يتعودوا أن يمدوا أيديهم إلى الحكومات المتعاقبة .. ليطلبوا منهم إدخال الكهرباء إلى قريتهم المظلمة ،أو ليقيموا لهم شبكة لمياه الشرب أو للصرف الصحى أو تبنى لهم وزارة التربية والتعليم المدراس لتعليم أولادهم .. ولكنهم يعتمدون على أنفسهم فى إنشاء كل ما يحتاجون اليه من خدمات بعيدا عن الروتين الحكومى أو فوتوا علينا بكرة فالموازنة لا تسمح !
أهالى الهنداو يبدأون دائما بأنفسهم وبجهودهم الذاتية وبأموالهم فى وضع اللبنة الأولى للمشروعات الخدمية التى يحتاجون اليها من مدارس أو معاهد أزهرية أوإنارة أو مياه أو وحدة محلية أو جمعيات للتنمية أو للشئون الإجتماعية ..ثم يبدأون فى مخاطبة الوزراء والمسئولين لإستكمال هذه المشروعات بعد أن وضعوا الخطوة الأولى لها .. واستطاعوا بهذه البداية وبهذه الحيلة أن تتحول قريتهم إلى إحدى القرى المتكاملة
محمد المصرى مع الحاج عبد الغنى من معمرى القرية
وقد عشت معهم أجمل الأيام وهم يبدأون فى تحقيق حلم جديد بوضع الأساسات لأكبر مجمع إسلامى فى الداخلة كلها على مساحة 1300 متر .. وكانوا يواصلون الليل بالنهار لوضع “ الصبة “ الأولى للمجمع .. وكنت أرى فى عيون أهل القرية من الشباب والشيوخ والعمال والاطفال ، الحماسة والفرحة والسرور بأنهم يشاركون فى هذا العمل الخيرى وهم يحملون الرمل والزلط و أطنان الاسمنت على أكتافهم فى موقع المجمع ، لا فرق بين عامل أو مهندس أو معلم أو حامل دكتوراة وعددهم 24 دكتوراً فى جميع المجالات والتخصصات ، فالكل سواسية .. والكل يعمل بلا ملل أو كلل ، يجمعهم الحب والإخلاص والتعاون فيما بينهم تحت شمس الهنداو المحرقة ، وهو ما نفتقده كثيراً فى أى عمل جماعى ، ويقودهم د. محمد خليل نصرالله عضو مجلس الشعب السابق ورئيس مجلس الأمناء بقطاع التربية والتعليم بالمحافظة و صاحب الأيدى البيضاء على قريته .. ورغم أنه أحد علماءاللغة العربية فى جامعة بنى سويف لكنه يعمل فى كل االإتجاهات لتحقيق أحلام أبناء قريته فى تنميتها وتطويرها.. ومعه محمد الجبالى رئيس القرية.. فهم يضعون الجنيه فوق الجنيه، والأالف فوق الألف من أجل بناء المجمع الإسلامى الكبير فى أسرع وقت..فيتبرع بعضهم بشراء مواد البناء وحديد التسليح أو إرسال معدات العمل بلا مقابل و يقوم بعضهم بتوفير الوجبات للعاملين فى المجمع التى تعدها سيدات القرية ..أوتوفير مياه الشرب المثلجة لتطفئ حرارة الشمس التى تلهب
أجسادهم أوتقوم مجموعة أخرى بإعداد أكواب الشاى لهم ..ولعلنى لا أبالغ إذا قلت أن أول من تبرع ب4 أمتار من الرمل والزلط للمجمع الإسلامى كان من اثنين من مسيحى القرية مساهمة منهما فى بناء هذا الصرح الكبير ، ودليل عملى على تعاون أهل القرية وحبهم لها .
د محمد خليل نصر الله
لا فرق بين مسلم أو مسيحى فكلنا نشرب من عيون وآبار الوادى الجديد وقد تبرعت إحدى العائلات مؤخرا بإثنين وعشرين طن اسمنت ونصف ،ورفض أفراد الأسرة أن يتم الإعلان عن أسمائهم ولكن .. هل هذه الصورة التى تعيشها القرية أبدع مما كان ؟
الكل يعمل بجد واخلاص
الإجابة بالطبع لا - فالقرية مازالت فى حاجة إلى رصف الطرق الداخلية الترابية بها أو إصلاح الطرق الرئيسية التى تربطها بالقرى الأخرى .. وأن يتم حمايتها من أعداء البيئة الذين يقطعون أشجار الشوارع بلا أى مبرر والتى كانت تظلل القرية وتحميهم من حرارة الشمس فى الصيف !
أما أهم المشاكل التى يعانى منها أهالى الهنداو هذه الأيام فهى إرتفاع أسعار الكهرباء مما يؤثر على أنشطتهم وأعمالهم بصورة سلبية.!
ويقول الكاتب الصحفى حمدى مبارز فى إحدى مقالاتة وهوأحد أبناء القرية المخلصين ..والذى إستطاع تأسيس أول نادى رياضى فى الهنداوعلى مساحة عشرة أفدنة فدان وأصبح للنادى فريق لكرة القدم يلعب فى دورى الدرجة الثانية ..أنه منذ أيام قليلة زاد سعر الكيلو وات للرى من 1.1 جنيه إلى 2 جنيه، وهى زيادة تمثل نسبة تزيد على 81.8%، وهى نسبة غير مسبوقة لم يتم تطبيق مثلها فى أى قطاع آخر داخل الدولة، سواء على الإستخدامات المنزلية أو الصناعية أو التجارية وهو ما يؤثر بشكل خاص على المزارعين فى محافظة الوادى الجديد، الذين يعتمدون بشكل كامل على المياه الجوفية لرى محاصيلهم، حيث يتم سحب المياه من الآبار الجوفية من أعماق تزيد على 80 مترًا، مما يزيد بشكل كبير من تكلفة سحب المياه مقارنة بمناطق أخرى مثل الوادى والدلتا، حيث تكون مصادر المياه أقل عمقًا وأكثرسهولة فى الوصول إليها علاوة على إرتفاع درجة الحرارة مما يسبب زيادة فى إستهلاك المياه وبالتالى فإن تكلفة رى الفدان فى الوادى الجديد، بعد هذه الزيادة،أصبحت تفوق تكلفة الرى فى الوادى والدلتا بستةأضعاف مما يضع المزارعين فى الوادى الجديد فى موقف صعب ويهدر مبدأ تكافؤ الفرص الذى نص عليه الدستور
فهذه التكلفة الإضافية تجعل من الصعب على المزارعين فى الوادى الجديد الإستمرار فى الإنتاج أو المنافسة مع المزارعين فى المناطق الأخرى، مما يعرضهم لخطر الإفلاس فى نشاطهم الزراعى كما أنه يؤثر على مشروعات الإستثمار والتنمية فى المحافظة .
واقترح الكاتب الصحفى مبارز بضرورة النظر فى إضافة شريحة جديدة مخصصة للرى من المياه الجوفية، تأخذ فى الإاعتبار الظروف الخاصة التى يواجهها المزارعون فى الوادى الجديد. فهذه الشريحة الجديدة يمكن أن تكون بمثابة حل عادل لتخفيف العبء المالى عن المزارعين وضمان استمرارهم فى نشاطهم
ونحن بالطبع نتفق مع ماقاله مبارز حتى يمكن تخفيف العبء على مزارعى الوادى الجديد التى تحتاج إلى أن توجه لها الحكومة أنظارها .. وأن تضعها على خريطة المشروعات الإستثمارية ،وتقدم التسهيلات والحوافز لرجالالأعمال حتى يمكن إسغلال الثروات الطبيعية التى تتمتع بها مدن وقرى الوادى الجديد .