الكاتبة الصحفية فاطمة الدالى تكتب .. كَارثِهِ الصّدِّيق الحَشْرِيّ .
تمثل الحياة الوظيفية منعطفا كبيراً في حياة الافراد، لأنها تعني بالدرجة الأولى تفاقم المسئوليات في الوقت الذي نبحث فيه عن متنفس لأنفسنا، الا إننا نفاجئ بشكل كارثى مع حجم تلك المسئوليات " بالصديق الحشرى" الذى يلاحقك بالرسائل والاتصالات والزيارات اليومية وتجده فوق رأسك في كل وقت، غير عابئ بحجم المسئوليات والضغوط الواقعة عليك، والذى لا يهدأ ،إلا إذا عرف كل صغيرة وكبيرة في حياتك العملية، ويبدأ فى السؤال من كنت تتحدث معة تليفونياً، ومن هو الضيف الذى كان موجوداً عندك،وغيرها من الاسئلة هذا الشخص الحشرى يعد من أسوأ الشخصيات التي تقابلنا بالحياة ، يشبة الهواء الملوث الذي يحيط بنا ونتنفسه من غير إرادتنا ، حتى أننا نريد أن تنشق الأرض وإما أن تبتلعه أو تبتلعنا نحن، لنتخلص من تدخله السخيف والمثير للحنق في خصوصيات الغير، تجده كالظل المزعج لك أينما ذهبت وأيما قلت أو فعلت حيث يدخل نفسه كما لو كان من أقرب المقربين إليك.
هولاء الاصدقاء الحشريين يملأون حياتَنا بأسئلةٍ لا متناهيةٍ عن أدق تفاصيلِنا دون مراعاةِ شعور من حولِهم، بغض النظر عن حساسيةِ الأمورِ التي يحشرون أنوفهم فيها، ويسألون عنها.
وتصنف بعض مدارس العلوم الإنسانية تركيبةَ الشخصية الحشريّة من خلال عدةِ صفاتٍ تحوي الشخصيةُ بعضَها، فهي- على سبيل المثال- إمَّا أن تكونَ شخصيةٌ سلبيّة، وعادةً ما يشعرونَ بالتعاسةِ ، ودائما مظلومين وبأنَّهم أقلُّ من غيرِهم،لديهم غيرة رهيبة من كل من حولهم ، يفتقدونَ الشعورَ بالأمان،يتمنون الموت ، عديمى أو قليلى الثّقة بالنفس.
عليكم ان تكونوا حذرين من الشخصية الحشرية والتى لا يهدأ لها بال الا بجمع معلومات عن خصوصياتك والتدخل في أمورغيرة بشيء من البجاحة ،لإستخدامها ضدك عند الخلاف معه ، أو كشف شخصيتة للمقربين منة .
كن أذكى منة فى الرد على اسئلتة الفجة وغير المقبولة ، بأن تقول لة ، بأنك لست في حالة تسمح بالإجابة، أو تكونَ مباشراً، فتطلب بكل لطف منة ألا يتحدث بشأن الأمر الذي أثير وتخبرَة بأنك لا تحب
الإجابة عن مثل هذه الأسئلة أو التحدث فى مثل هذة الامور،ولماذا تسأل؟ولماذا يهمك أن تعرف؟
تعتبر المواجهة أقصر الطرق لمنع تدخل "الفضولي" في حياتك، حاولي أن تشرحي له أن تدخله وإبداء رأيه في أمورك الشخصية التي لا تعنيه، يُشعرك بالضيق والانزعاج، وإذا لم يتفهم وحاول تبرير تصرفه أو الدفاع عن نفسه، ابتعدي فوراُ عنه.
هنا أتذكر قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعظ رجلاً: "لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحذر صديقك، إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله عزَّ وجلَّ ويطيعه، ولا تمش مع الفاجر فيعلِّمك من فجوره، ولا تطلعه على سرك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله سبحانه".
أمام تلك العينة من هذة الشخصيات غير السوية لا نمتلك غير الدعاء للنجاة منهم ، اللهم اكفنا شر من أراد بنا السوء وابعد عنا كل ذي لسان سليط وكل سئ نية، وصديق السوء وجار السوء وأعوذ بك من ذي الوجهين وذي اللسانين، اللهم ابعد عنا المنافقين من خلقك الذين يظهرون لنا عفتهم وفي باطنهم خبث لاينتهي، اللهم إبعد عنا الحاسد إذا حسد وكل ساحر، وحاقد ومن شر ماخلق وإلطف بنا ياعزيز ياكريم
وفى الختام علينا أن نؤكد إن الأصدقاء ثلاثة، صديق يحبك، وصديق يكرهك، وصديق يغارمنك،وعلينا أن نعلم إن صحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الندامة.