بوابة الدولة
الأحد 29 سبتمبر 2024 04:25 صـ 26 ربيع أول 1446 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

مجـلس الشــــعب فى ظـــــل التعــدديـــة الحـــزبيـة ( الحلقة الثالثة )

الرئيس الراحل محمد انور السادات
الرئيس الراحل محمد انور السادات

بعد أن وثق الكاتب الصحفى محمد المصرى مرحلة بداية حياتنا البرلمانية بعد ثورة يوليو ،والغاء الأحزاب السياسية وتم تقديم بعض زعماء الأحزاب إلى محكمة الثورة والدخول فى مرحلة الإعلانات الدستورية والنص على تكوين النظام السياسى الواحد .. ثم تكوين مجلس الأمة عام 1957 تحت شعار الدعوة لحماية الشرعية الثورية .. نواصل فى عرضنا للفصل الثالث من كتاب “ البرلمان المصرى 200سنة تحت القبة “ تطور مسيرتنا البرلمانية بعد أن تولى الرئيس أنور السادات مقاليد الحكم بعد وفاة الرئيس عبد الناصر ..و صدور الدستور الدائم فى عام 1971.والذى أكدت نصوصه على سيادة القانون واستقلال القضاء وشهدت الفترة منذ تولى الرئيس أنور السادات الحكم و حتى وفاته ثلاث هيئات برلمانية.. وبدأنا الإتجاه نحو التعددية الحزبية فى عام 1976 وإلغاء النظام الشمولى الذى كان ممثلا فى تنظيم واحد عرف باسم “الاتحاد الاشتراكى “ومن قبله الإتحاد القومى ومن قبلهما هيئة التحرير.
وكان الإتحاد الاشتراكى يمثل تحالف قوى الشعب العاملة.. وهو أعلى سلطة فى البلاد.. وقالوا وقتها إن الإنضمام له اختياريا للمواطنين وليس إجباريا.. ولكن إتضح أن الهدف منه هو ضرورة موافقة قيادات الإتحاد الاشتراكى على كل من يريد الترشح لعضوية مجلس الأمة أو عضوية مجالس إدارات النقابات العمالية أو المهنية وكذلك عند التعيين لمنصب العمدة أو شيخ البلد
و فى البداية يشير الكاتب محمد المصرى أولا إلى ما حدث فى ليلة 14 مايو 1971 فقد كان حدثاً مهماً فى تاريخنا البرلمانى ..ويعتبر سابقة برلمانية لم تحدث من قبل فى تاريخ البرلمانات المصرية على حد قوله .
ففى هذه الليلة وبالتحديد فى الساعة الثامنة مساء والدقيقة 40 إجتمع 263 عضواً من أعضاء مجلس الأمة فى القاعة الرئيسية ووقعوا على طلب بإسقاط رئيس مجلس الأمة د.محمد لبيب شقير والوكيلين كمال الدين الحناوى وأحمد فهيم و15 عضوا اخرين بالمجلس وإعلان التأييد المطلق للرئيس محمد أنور السادات فى تصديه لمراكز القوى ،فيما سمى وقتها بــ "ثورة التصحيح " لإنهم إنزلقوا فى عملية خسيسة هدفها كما جاء فى الطلب الذى وقع عليه الأعضاء طعن الوحدة الوطنية ، وهدم الصمود الشعبى من أجل القفز على المراكز والأستئثار بالسلطة والأحتفاظ بمركز القوى و الأستغلال .
وبعد هذه الجلسة الطارئة التى عقدها الأعضاء برئاسة د. اسماعيل على عتوق أكبر الأعضاء سناً .. تم انتخاب النائب حافظ بدوى رئيسا للمجلس ومصطفى كامل مراد وحسن طلبة مرزوق وكيلين .. واستمر هذا المجلس حتى 25 يوليو 1971 عندما أصدر الرئيس أنورالسادات قراراً جمهورياً بفض دور الإنعقاد الثالث ..بل إنه قام بحل المجلس كله .
ويقول الكاتب أن من أبرزالنواب الذين وقعوا على طلب إسقاط عضوية رئيس المجلس والذين معه :
عثمان أحمد عثمان، وكمال الشاذلى، ونوال عامر ومحمد فؤاد أبو هميلة وعبد المنصف حزين ، وبثينة الطويل ، وصبرى القاضى ، وحافظ بدوى ومصطفى كامل مراد، وحلمى جاد الله ، ومحمد بركات أبو سحلى ، وعبد الفتاح عزام ، ود.سعد الخوالقة ، وإبراهيم شلبى ، ومختار هانى ، وسيد زكى عبد الهادى .
ويقول الكاتب إننا يجب أن نلاحظ أن هذه الأسماء قد أصبحوا رجال الرئيس السادات وتقلدوا المناصب العليا فى البلاد بعد ذلك . وبعد صدور الدستور الدائم فى عام 1971 تم انتخاب مجلس الشعب الجديد وعقد أول إجتماعاته فى 11نوفمبر 1971 برئاسة حافظ بدوى واستمر حتى أكتوبر 1976.
الخروج من الشمولية
ويقول الكاتب أن الرئيس أنور السادات بدأ بعد إنتصار حرب أكتوبر فى عام 1973 يفكر فى تطوير الإتحاد الإشتراكى الذى كان يعتبر التنظيم السياسى الأوحد فى مصر.. ولهذا قرر طرح عدة أفكار لتطوير هذا التنظيم الواحد من أجل دعم مسيرة الديمقراطية على حد قوله.
وقال أيضا وقتها إننا خرجنا من مرحلة الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الدستورية وكان يقصد مرحلة الإستقرار الدستورى بعد صدور الدستور الدائم فى عام 1971 ، وأثناء المناقشات التى كانت تتم فى اللجنة المركزية للاتحاد الإشتراكى ظهرت بعض الأفكار لعمل منابر داخل الإتحاد الاشتراكى نفسه.. وكانت الفكرة بالتحديد من عضو الإتحاد الاشتراكى محمود أبووافية (عديل الرئيس السادات) وكان نائبا فى مجلس الشعب أيضا.
وقد أقر المؤتمر القومى للاتحاد الاشتراكى هذه الفكرة فى يوليو 1975.. ووافق عليها السادات فى مارس 1976، ولكن بشرط أن يضم الاتحاد الاشتراكى هذه المنابر مع المحافظة على مكاسب العمال والفلاحين، والوحدة الوطنية بين المصريين.

انتخابات بلا تزوير !
ويشير الكاتب محمد المصرى إلى أننا أصبنا بصدمة كبرى ومفاجأة لم نكن نتوقعها من كل هذا العدد الكبير الذى تقدم لتكوين منابر داخل الإتحاد الاشتراكى من كل الإتجاهات والأطياف السياسية حتى وصل العدد إلى 40 منبرا فى شهر واحد فقط!
وغضب الرئيس السادات ولم يعجبه كل هذا العدد الضخم من المنابر وقرر أن يقتصر كل هذا العدد على ثلاثة منابر فقط هى:
*منبر الأحرار الاشتراكيين ويمثل التيار اليمينى.
*منبر مصر الديمقراطى الاشتراكى ويمثل تيار الوسط.
*منبر التجمع الوطنى الديمقراطى ويمثل التيار اليسارى.
وقد وافقت الهيئة البرلمانية للإتحاد الإشتراكى والتى يمثلها أعضاء مجلس الشعب والبالغ عددهم 360 عضوا على إقامة هذه المنابر بصورة نهائية.
ولكن تمت الموافقة بعد ذلك على إقتراح د. رفعت المحجوب الأمين الأول للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى على تغيير مسمى المنابر إلى اسم التنظيمات.
و أجريت انتخابات مجلس الشعب فى نوفمبر 1976 تحت هذا المسمى.. وكانت أنزه انتخابات برلمانية عرفتها مصر فى تاريخها.. وقد أدارها بنزاهة شديدة اللواء ممدوح سالم وزير الداخلية فى ذلك الوقت.. ولم تسجل فيها أى حالة تزوير واحدة لصالح أى مرشح!
ويكفى القول بأن هذه الانتخابات أفرزت لنا العديد من زعماء المعارضة تحت القبة.. والذين صالوا وجالوا من أجل صالح المواطنين.. والدفاع عن مصالح الوطن.. وليس عن مصالحهم الشخصية وأذكر منهم النواب د. محمود القاضى والمستشار ممتاز نصار والمستشار عادل عيد وعلوى حافظ وكمال أحمد وقبارى عبد الله وأبو العز الحريرى وعبد الفتاح حسن ود. محمد حلمى مراد وكمال الدين حسين وخالد محيى الدين (عضوى مجلس قيادة الثورة).
وغيرهم من النواب الكثّر الذين كانوا يهزون مقاعد الوزراء من تحتهم من خلال استجواباتهم وأسئلتهم وطلبات الإحاطة التى يقدمونها للحكومات فى ذلك الوقت.
وفى الجلسة الافتتاحية لهذا المجلس- الذى تكون لأول مرة فى ظل التعددية والتى عقدت فى 11 نوفمبر 1976- أعلن الرئيس السادات عن تحويل مسمى هذه التنظيمات إلى أحزاب سياسية وإطلاق حرية الأحزاب للمواطنين بعد توقف دام 23 سنة عندما قرر مجلس قيادة الثورة حل الأحزاب فى يناير 1953 ووصف السادات فى خطابه امام مجلس الشعب ان هذا القرار سيظل تاريخياً مرتبطاً بهذا المجلس وبيوم افتتاح دورته الأولى .. وأصبح فى مصر ثلاثة أحزاب هى:
حزب مصر العربى الإشتراكى ويرأسه ممدوح سالم، وحزب الأحرار الاشتراكيين ويرأسه مصطفى كامل مراد، وحزب التجمع التقدمى ويرأسه خالد محيى الدين.
عـــودة «البـــاشـــا»
ويشير فى هذا الفصل الى أن هذه الأحزاب بدأت تمارس دورها تحت قبة مجلس الشعب وكان حزب مصر العربى هو حزب الأغلبية ، وأصبح مصطفى كامل مراد رئيسا لحزب الأحرار الإشتراكيين وزعيما للمعارضة تحت القبة ويليها حزب التجمع برئاسة خالد محيى الدين.. ودخلت مصر مرحلة سياسية جديدة مع التعددية بعد غياب الأحزاب عن الساحة بعد ثورة يوليو 1952 .. ويذكر أن المعارضة بدأت تمارس دورها فى محاسبة الحكومة و الوزراء تحت القبة بكل قوة وشراسة فى بعض الأحيان.

سيد مرعى
واستطاع المهندس سيد مرعى رئيس مجلس الشعب بفضل حنكته السياسية وخبرته البرلمانية الكبيرة أن يكون حكما ًمحايداً بين الأغلبية والمعارضة تحت القبة.
وكما قال المهندس سيد مرعى للكاتب الصحفى محمد المصرى فى أحد أحاديثه التى نشرهاعلى صفحات مجلة اكتوبر فى سبتمبر 1979: إن جانبا من المعارضة لم يكن راضياً عن إدارته للجلسات ككل.. وكذلك كان الأمر فى حزب مصر الذى كان يمثل الأغلبية.. فبعض أعضائه لم يكن يرضيهم سير الجلسات.. وأنه قد واجه الرضا وعدم الرضا من الطرفين.. وهذا يدل على أن إدارة الجلسات كانت تتم بشكل سليم.. وأنه لم يتوقف طويلاً أمام التجاوزات التى حدثت من المعارضة فى ذلك الوقت، لأنه كان ينظر إلى هذه التجاوزات على أنها فى الفترة الانتقالية التى ستؤدى حتما ومع الوقت إلى نوع من الاستقرار.. رحمه الله.

فؤاد سراج الدين

ويشير محمد المصرى إلى أنه فى نهاية عام 1977 بدأ حزب الوفد يعيد ترتيب أوراقه مرة أخرى للانضام للأحزاب الثلاثة.. وبدأ فؤاد سراج الدين سكرتير حزب الوفد القديم قبل الثورة الدعوة لتأسيس حزب الوفد الجديد والنزول إلى الساحة السياسية والالتحام بالجماهير ليستمد منها شرعتيه استعدادا لعودة الحزب.
وبدأ فى عقد المؤتمرات الشعبية والسياسية لشرح مبادئ حزب الوفد الجديد.. وبدأ عدد كبير من المواطنين من الوفديين القدامى تسجيل عضويتهم للحزب فى الشهر العقارى.. كما وقع 23 عضوا بمجلس الشعب على طلب الإخطار بتأسيس حزب الوفد الجديد إلى مكتب أمين اللجنة المركزية فى 5 يناير 1978.. لاستيفاء شرط توافر 20 عضوا من أعضاء مجلس الشعب كما نص قانون الأحزاب فى ذلك الوقت.
ومن أبرز هؤلاء الأعضاء : أحمد يونس رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى ود.محمد حلمى مراد وزير التربية والتعليم الأسبق الذى قدم استقالته للرئيس جمال عبدالناصر، وعبدالفتاح حسن وزير الشئون الاجتماعية فى حكومة الوفد قبل الثورة ، وعلوى حافظ وأحمد ناصر المحامى ، والشيخ صلاح أبوإسماعيل، ورزقه البلشى، و أحمد طه ، و محمد كمال عبد المجيد ،و كرم زيدان ، و محمد نبيل عبد الظاهر، و علي سلامة ، و علي محمد الجارحي ،و عيسي السيد غيطان ، و عبد المنعم حسين إبراهيم ، وحسن محمود عرفة ، وعويس عبد الحفيظ عبد الله، والشيخ عاشور محمد نصر، وطلعت رسلان ومحمد عوض المهدي ، و أحمد أبو زيد طنطاوي ، وعبد الحميد فراج ..
وانضم إلى المؤسسين د. وحيد رأفت ، وعبدالعزيز الشوربجى المحامى ، وصلاح الشاهد كبير الأمناء بالقصر الجمهورى ، ود.محمد أنيس أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة ، وماري سلامة ، وحسين أبو الفتح ، والدكتور عبد المنعم الشرقاوي المحامي .. وبلغ عدد المؤسسين 224 مؤسساً وكانت المفاجأة أن تعلن لجنة الأحزاب موافقتها على تأسيس حزب الوفد الجديد فى 4 فبراير 1978.
ويقول أنه لا يدرى هل كان ذلك مصادفة أو كان مقصودا أن تتم الموافقة من لجنة الأحزاب على قيام حزب الوفد الجديد فى «4 فبراير» ؟ لأن هذا اليوم كان يوماً مشهودا فى تاريخ مصر والوفد قبل ثورة 23 يوليو 1952 عندما حاصرت دبابات الإنجليز ومصفحاتها قصر عابدين لإجبار الملك فاروق ملك مصر على عودة حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس إلى الحكم فى 4 فبراير 1942.!
وهكذا عاد حزب الوفد الجديد إلى نشاطه السياسى والبرلمانى تحت القبة واختار د.حلمى مراد رئيسا للهيئة البرلمانية لحزب الوفد وعبد الفتاح حسن نائباً لرئيس الحزب الذى رأسه بالطبع فؤاد سراج الدين.. أو فؤاد باشا كما كان يطلق قبل الثورة.
ومن الغريب والعجيب أن حزب الوفد الجديد لم يستمر على الساحة السياسية سوى بضعة أشهر قليلة.. حتى أصدر رئيسه فؤاد سراج الدين فى 22 يونيو 1978 بيانا أعلن فيه حل الحزب احتجاجا على بعض القرارات والقوانين التى تحد من الحريات السياسية للأحزاب.. وأن الجمعية العمومية للحزب وافقت على هذا الحل وتجديد الثقة فى رئيس الحزب وقياداته. ويبدو أنه بعد هذه الأحداث التى شهدتها الساحة السياسية بعودة حزب الوفد الجديد ثم تجميد نشاطه والانسحاب من الساحة.. قرر السادات أن يتولى بنفسه رئاسة حزب مصر.. ولكن بعد أن يختار له إسماً جديداً هو «الحزب الوطنى الديمقراطى» امتدادا للحزب الوطنى القديم الذى أسسه الزعيم مصطفى كامل
ويؤكد محمد المصرى أن المكتب السياسى لحزب مصر برئاسة ممدوح سالم رحب بالإعلان عن هذا الحزب الجديد برئاسة القائد أنور السادات- على حد تعبيره- ونزوله إلى قيادة العمل السياسى، وأبدى أعضاء حزب مصر رغبتهم الجماعية فى الانضمام الجماعى تحت زعامته.. وجاءت حركة انضمام أعضاء الحزب تعبيرا بالمواقف الشخصية وبالرأى الحر عن هذه الرغبة كما قال رئيس الحزب فى ذلك الوقت ممدوح سالم الذى تقدم باستقالته من رئاسة الحزب إلى اللجنة التأسيسية، ولكنهم لم يقبلوا الاستقالة وتمت إعادة تشكيل السكرتارية للحزب ورأسها عبدالعظيم أبو العطا (وزير الرى الأسبق) وعيسى شاهين وسعد الدين الشريف وجمال ربيع وعبد الحكيم الجندى وأعلنوا تمسكهم ببقاء الحزب ورفعوا الأمر للقضاء، وهكذا تم حل حزب مصر الذى رأسه ممدوح سالم وكان رئيس وزراء مصر فكان أول وآخر رئيس لحزب مصر، وذلك من أجل عيون الحزب الوطنى الجديد ، وبدأ السادات الدعوة لتأسيس الحزب الوطنى وعقد الاجتماعات مع اللجنة المؤقتة للحزب..
ويذكر محمد المصرى أن أول من أعلن عن قيام الحزب الوطنى بصورة غير رسمية كان فكرى مكرم عبيد أمين عام اللجنة التأسيسية المؤقتة للحزب فى مؤتمر صحفى عقده بمكتب المحاماة الخاص به فى 17 شارع قصر النيل بوسط البلد بالدور السادس. ويقول أن الأستاذ الكبير أنيس منصور رئيس تحرير أكتوبر فى ذلك الوقت كلفه بتغطية هذا الحدث المهم فى عصر يوم 16 أغسطس 1978.. وكان يوما شديد الحرارة.. ولم يبدأ فكرى مكرم عبيد هذا المؤتمر إلا بعد حضور كاميرات التليفزيون العربى التى جاءت متأخرة عن موعد المؤتمر بأكثر من ساعة!
و أن فكرى مكرم عبيد أعلن للصحفيين أنه تم الاستقرار على أن يكون أسم الحزب الجديد هو «الحزب الوطنى الديمقراطى» ويرأسه الرئيس أنور السادات.. وأن المبادئ التى يقوم عليها الحزب أنه حزب وطنى ديمقراطى اشتراكى وثورى وقومى.
وأن الحزب لن يحصل على أى تمويل من الحكومة.. ولن يتلقى أية مساعدات من أحد وأن تمويله سيقوم به الأعضاء من الاشتراكات والتبرعات التى سيقدمونها للحزب.
وقد تم اختيار أربعة أمناء مساعدين بصفة مؤقتة للجنة التأسيسية وهم:
* محمد عبد الحميد رضوان.. لشئون مجلس الشعب.
* منصور حسن.. لشئون العلاقات الخارجية والإعلام.
* محمد أحمد العقيلى.. لشئون العمال.
* ماهر محمد على.. لشئون المهنيين والشكاوى.
وكانت هذه وجوها جديدة لم يعرفها الناس من قبل. وأنه توجه للأمين العام للجنة المؤقتة بسؤال عن وضع الصحافة القومية فى ظل التعددية الحزبية وإلغاء الاتحاد الاشتراكى الذى كان يملك الصحافة القومية بحكم الدستور.
ورد عليه بقوله: إنهم سوف يدرسون فى الحزب الجديد مع الحكومة وضع الصحافة وإلى من تؤول ملكية الصحافة.
وهذا ما حدث بعد سنتين أن مجلس الشورى امتلك الصحافة القومية بعد تأسيسه فى عام 1980 وحتى الغائه فى دستور 2014 .. وهذه قصة أخرى ربما نتعرض لها لاحقا.
وأعلن فكرى مكرم عبيد أن الرئيس السادات سوف يتقدم بأوراق تأسيس الحزب الوطنى إلى لجنة الأحزاب فى شهر سبتمبر 1978.. وأنه سيجتمع مع أعضاء اللجنة التأسيسية المؤقتة والبالغ عددهم 140 عضوا ليناقش معهم مبادئ الحزب. وعقد الرئيس السادات أول اجتماع مع أعضاء اللجنة التأسيسية المؤقتة للحزب فى منتصف أغسطس 1978 وكانت تضم شخصيات من جميع الطوائف الموالية للنظام فى ذلك الوقت.. وطلب منهم النزول للقرى والمحافظات للتعرف على طلبات الناس من الحزب.
النواب يهرولون لحزب الرئيس
وفى اليوم التإلى مباشرة تقدم 275 عضوا من أعضاء مجلس الشعب بطلبات إنضمام للحزب الوطنى أو بالأحرى «حزب الرئيس» كما كانوا يطلقون عليه. وقبل أن يعلن المبادئ النهائية للحزب!

الكاتب الصحفى الكبير مصطف أمين مع الكاتب الصحفى محمد المصرى
ويقول محمد المصرى أن أستاذنا الكبير مصطفى أمين كتب فى عموده (فكرة) فى جريدة (الأخبار) أن أعضاء مجلس الشعب هرولوا للإنضمام إلى حزب السادات حتى قبل أن يقرأوا مبادئ الحزب وأهدافه.
وقد شكا أعضاء المجلس أستاذنا مصطفى أمين للرئيس السادات ولم يعجبهم ما وصفهم به أنهم هرولوا إلى حزب الرئيس وسخريته منهم.. وكأن ما فعلوه لم يكن هو الحقيقة!
وفى نفس اليوم اجتمع السادات بأعضاء اللجنة التأسيسية المؤقتة ومعهم أعضاء مجلس الشعب وشن هجوماً ضارياً على مصطفى أمين.. وقال إنه عند قيام حزب الوفد رحب به رغم أن رئيسه هو الرجل الذى أفسد الحياة السياسية فى مصر، وكان بالطبع يقصد فؤاد سراج الدين.. وقال عن مصطفى أمين إنه «عايز يعلم البلد الديمقراطية» وأن ما كتبه هو محاولة لتشويه مجلس الشعب وأعضائه الذين تصدوا لمراكز القوى فى 15 مايو 1971.
وقال إننا ندفع ثمن حرية الصحافة.. وأنه عندما أعطى الحرية «طلعوا بكل الآلاطة يكتبوا أن مصر قذرة وغير ذلك».
وكانت هذه الواقعة هى أولى الوقائع التى كشفت عن غضب السادات من الديمقراطية التى كان يفخر بأننا نعيشها فى ذلك الوقت وأنه يضيق بالرأى الآخر!
ودعا أعضاء مجلس الشعب بعدم الضيق بما يكتب عنهم وظل يشيد بهم وبمواقفهم التى وقفوا فيها بجانبه ضد مراكز القوى.. وقرر السادات منع مصطفى أمين من كتابة عموده اليومى (فكرة) لمدة 40 يوما.. إرضاء لأعضاء الحزب الوطنى الجديد الذين هرولوا بالفعل إلى حزب الرئيس.. ولم يصبروا حتى يتم الإعلان الرسمى عن قيام الحزب وشهره.

وظلت القطيعة بين السادات ومصطفى أمين حتى تدخل بعض الصحفيين للصلح بينهما.. وكان على رأسهم الكاتب الساخر أحمد رجب كما قيل فى ذلك الوقت.. وذهب الكاتب محمد المصرى لتهنئة أستاذنا مصطفى أمين بالعودة لكتابة فكرة بعد أن حرمنا منها قرار السادات.
وتقدم فكرى مكرم عبيد الأمين العام المؤقت للحزب إلى د. مصطفى خليل أمين اللجنة المركزية ورئيس لجنة الأحزاب بأوراق تأسيس الحزب بصفته وكيلا عن المؤسسين وذلك فى 27 سبتمبر 1987.. وتمت الموافقة بعد ذلك. ويبدو أن السادات كان يبحث عن معارضة مستأنسة ليست لها مخالب أو أظافر فقرر الدفع بتأسيس حزب العمل وتذليل كل العقبات الإجرائية لتأسيسه برئاسة المجاهد إبراهيم شكرى الذى استقال من المكتب السياسى لحزب مصر.. وكان له تاريخ برلمانى وسياسى مشرف قبل ثورة يوليو 1952 فى الكفاح ضد المستعمر الإنجليزى والقصر. والتصدى لفساد الأحزاب قبل الثورة، و كان عضوا بارزا فى حزب (مصر الفتاة) وممثله فى مجلس النواب عام 1950.. وتم سجنه بسبب العيب فى الذات الملكية لمدة 6 أشهر! و تقلد إبراهيم شكرى بعد ثورة 23 يوليو 1952 عدة مناصب وزارية وسياسية حتى تأسيس حزب العمل فى بداية ديسمبر 1978.


وقام السادات بالتوقيع على وثيقة تأسيس حزب العمل تشجيعا لأعضاء مجلس الشعب للانضمام لهذا الحزب المعارض.. إيمانا منه بأن الديمقراطية هى الرأى والرأى الآخر. وقام بتذليل كل العقبات والإجراءات لقيام هذا الحزب المعارض تحت قبة البرلمان.. لتشجيع أعضاء مجلس الشعب للانضمام للحزب لاستيفاء شرط توافر 20 عضوا من أعضاء مجلس الشعب عند تكوين أى حزب سياسى جديد.
ويذكر محمد المصرى : أن المواطنين وأعضاء مجلس الشعب بدأوا الإنضمام لحزب العمل . منهم عديل السادات محمود أبو وافية مؤسس حزب مصر قبل حله، ود. محمد حلمى مراد الذى كان عضوا فى حزب الوفد من قبل، وأيضا شيخ البرلمانيين (عمنا) سيد جلال الأبن البار لدائرة باب الشعرية الذى كان مثالا شريفا للنائب العصامى الشهم الذى قدم كل حياته وأمواله لأبناء دائرته البسطاء.. وبنى لأبناء الدائرة دورا إضافيا فى مدرسة خليل أغا الثانوية " باب الشعرية " التى تعلم فيها فى المرحلة الثانوية، وتخرج فيها العديد من زملاء المهنة .. منهم الزميل المرحوم عاصم القرش من أوائل دفعتنا فى كلية الإعلام عام 1975 و رئيس تحرير (الأهرام ويكلى) السابق والإعلاميان محمد نجيب حمودة ومدحت الصيرفى.بارك الله فى عمرهما
كما بنى عم سيد مستشفى للناس الغلابة مازالت تحمل أسمه حتى الآن.. وكان- رحمه الله- معارضاً شجاعاً.. وقد شاهدالمؤلف له العديد من المواقف التى كان يتصدى فيها للظلم والفساد.
وكان الحاج سيد جلال رجل صعيدى .. واسمه بالكامل الحاج سيد جلال جيلاني مبروك العدوي ولد فى 1899 م ببنى عدي- منفلوط وكان عضواً بمجلس النواب في عهد الحكومة السعيدية قبل الثورة ثم عضوا فى مجلس الأمة ثم مجلس الشعب ..
ويقول محمد المصرى : اننا ونحن فى مرحلة الطفولة كنا نخرج أيام الأنتخابات فى شوارع حى باب الشعرية (الجيش وبور سعيد والدشطوشى وأمام مسجد سيدى عبد الوهاب الشعرانى فى الميدان وباب البحر ومرجوش ) نهتف باسم الحاج سيد ونحمل صوره و كان بكل صراحة لا يحتاج لكل هذا المجهود الذى كنا نبذله لان أبناء الدائرة كانوا لا يرتضون ممثلا لهم فى المجلس سوى عم سيدجلال وكتبت الصحف فى ذلك الوقت ) 1957 ) أن سيد جلال استطاع هزيمة المال السياسى وأنه أنفق 22 جنيها فقط فى المعركة الإنتخابية نظير طباعة منشوره الإنتخابى رحمه الله وجعل الجنة مثواه نظير ماقدمه لبلده .
كما انضم للحزب الجديد المهندس محمد حسن درة الخبير الإسكانى الكبير الذى أصبح نائبا لرئيس الحزب بعد ذلك، ومحب ستينو رئيس لجنة الإسكان الأسبق بمجلس الشعب وغيرهم.
وفى 11 ديسمبر 1978 وافقت لجنة الأحزاب على تأسيس حزب العمل الاشتراكى ليكون حزباً معارضاً بعد أن أستوفى كل شروط وإجراءات التأسيس طبقا للقانون واللوائح.
ويذكر أن مجلس الشعب فى ذلك الوقت (أكتوبر 1978) ومع نهاية الدورة كان البرلمان فوق صفيح ساخن وفيه صدام دائم بين جهابذة المعارضة الحقيقيين (د.محمود القاضى وممتاز نصار وعلوى حافظ وصلاح أبو إسماعيل وعادل عيد ومصطفى كامل مراد والشيخ عاشور وغيرهم كثر) وبين حزب الأغلبية حول القضايا المصرية المصيرية، ولكن المهندس سيد مرعى كان بفضل حنكته السياسية والبرلمانية حكما محايدا بين المعارضة والأغلبية وكان النواب يدركون ذلك تماما ويقدرونه.
وقد عبرت المعارضة والأغلبية عن حبها الصادق ومودتها لرئيس المجلس- فى جلسة لا أنساها- عندما فوجئنا مع اقتراب نهاية جلسات الدورة البرلمانية وبالتحديد فى 10 أكتوبر 1978 أن الأعضاء بجميع اتجاهاتهم قد علموا أن الرئيس السادات قد قرر عدم استمرار سيد مرعى رئيسا للمجلس فوقفوا جميعا ليصفقوا تصفيقا حادا ومتواصلا تحية له.. وطالبوه بعدم التخلى عن رئاسة المجلس.. وتبارى أعضاء المعارضة والأغلبية فى الحديث عن تمسكهم به وضرورة ترشيح نفسه فى الدورة القادمة.

ويقول انها كانت لحظات مؤثرة لنا جميعا أعضاء ومحررين وموظفين وعمالا عندما تلعثم سيد مرعى وهو يقدم كل الشكر للأعضاء لهذه المشاعر الحارة والصادقة تجاهه، وقال لهم بكل انفعال مؤثر إنه يشعر بكل المودة نحو كل فرد منهم منذ أن تولى هذا الكرسى وطلب من الجميع العودة لجدول الأعمال لأن ما أثير يعتبر خارج اللائحة وطالبهم بضرورة تعميق الديمقراطية وأن تكون الممارسة بأسلوب سليم.
وفى الدورة البرلمانية الجديدة التى عقدت فى 4 نوفمبر 1978 تم انتخاب د. صوفى أبو طالب رئيسا للمجلس خلفا للمهندس سيد مرعى الذى عين رئيسا ًللهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية حتى وفاته رحمه الله.
جاءت الرياح بما لا يتوقع السادات
وظن السادات أن حزب العمل المعارض سيكون حزباً معارضاً مستأنساً.. وأنه مادام قد ساهم بنفسه فى تذليل المشكلات الإجرائية لتأسيسه، فإن المعارضة تحت القبة ستكون معارضة مستأنسة.. لينة الجانب.. ولكن جاءت الرياح بما لا يتوقع السادات أو يشتهى، وهو ما ستكشف عنه الأحداث
ويذكر ان السادات قال فى لقائه الأسبوعى مع قيادات الحزب الوطنى عن خروج المعارضة عن حدودها بالحرف الواحد " المعارضة للأسف ما حققتش المرجو منها . احنا اللى قومناها .. وكنتم معايا لما مضينا ليها ..اليوم سب وتشكيك وقلة ادب وضرب كل شئ تحت دعوى حرية الرأى لهم والمعارضة بهذا الأسلوب ليست معارضة .. دى دوائر حقد وكراهية ..ليه ؟ !
ويقول محمد المصرى انه يجب أولا أن يذكر بعض الوقائع والأحداث التى شاهدها وعاصرها فى برلمان 1976 و الذى استمر حتى 21 أبريل 1979 وقام السادات بحله..
بأن حزب الوفد الجديد بعد عودته فى فبراير 1978 إلى الساحة السياسية لينضم إلى أحزاب (مصر والأحرار والتجمع) لم يستمر سوى بضعة أشهر وقام بحل نفسه إحتجاجا على القرارات والقوانين التى تحد من الحريات السياسية للأحزاب على حد تعبير فؤاد سراج الدين.
ويبدو أن هذا الموقف الذى اتخذه حزب الوفد الجديد قد أثار السادات وأغضبه.. وقرر اتخاذ خطوة مضادة له.. فبعد خمسة أيام من حل حزب الوفد وتجميد نشاطه.. وبالتحديد فى ظهر 27 يونيو 1978 عقد مجلس الشعب جلسة ساخنة تم فيها إسقاط عضوية نائب رئيس حزب الوفد الجديد عبدالفتاح حسن باعتباره من الذين أفسدوا الحياة السياسية قبل ثورة 23 يوليو 1952 باشتراكه فى تقلد المناصب الوزارية فى حكومة حزب الوفد القديم. وقد أسقط مجلس الشعب عضويته بموجب قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى الذى أصدره المجلس فى عام 1978.
ومن العجيب والغريب كما يقول المؤلف الكاتب الصحفى محمد المصرى أن هذا القانون الذى أصدره مجلس الشعب يستثنى من ذلك أعضاء الحزب الوطنى وحزب مصر الفتاة من أحزاب ما قبل الثورة. ومن المفارقات أيضا أن المحكمة الدستورية العليا حكمت بعد ذلك بعدم دستورية العزل السياسى للسياسيين القدامى دون تفرقة بينهم.. ودون أن تنسب إليهم وقائع محددة!
وكان النائب عبد الفتاح حسن ممثلا لدائرة (بسيون- غربية) تحت القبة ونجح فى انتخابات 1976.. وقد ألقى قبل إسقاط عضويته خطبة بليغة أمام الأعضاء أغلبية ومعارضة ومستقلين ذكر فيها أعماله ونضاله ووطنيته قبل الثورة.
ويشير الى أنه استمع إليه بكل إهتمام وهو يقول بصوت عال:
«إنه قد عين فى الوزارة فى 24 يونيو 1951 وزيراً للشئون الاجتماعية ثم وزيراً للداخلية بالإنابة وأقيل فى 27 يناير 1952..أى أنه كان وزيراً لمدة سبعة أشهر وثلاثة أيام.. وأنه يطلب عدم إسقاط عضويته حتى يحكم القضاء فى القضية التى رفعها أمام القضاء الإدارى يطعن فيها على قرار المدعى العام الاشتراكى وانه لا ينطبق عليه القانون رقم 33 لسنة 1978 وانه يتعين ان يتوفر بالنسبة اليه شرط ارتكابه ما يفسد الحياه السياسية وهو لم يدان ولم يرتكب ما يمثل افسادا للحياه السياسية خلال توليه الوزارة .
لكن الأغلبية رفضت هذا الطلب وأسقطت عضويته بأغلبية 273 صوتا ضد 36 صوتا من المعارضة و رفض عضو واحد من الأغلبية . و رحل عبد الفتاح حسن فى 5 ابريل 1983 عن عمر يناهز الـ 76 سنة رحمه الله
إسقاط عضوية ابوالعز
وفى نفس يوم هذه الجلسة التى عقدت فى 26 يونيو1978 .. تم إسقاط عضوية نائب كرموز بالإسكندرية أبو العز الحريرى وكان عضواً بحزب التجمع.. وتلقى المجلس رسالة من المدعى العام الاشتراكى تشرح فيها تصرفاته فى قيادة المظاهرات ومهاجمة النظام وأنه كان يسير ومعه مسدسه المحشو بالطلقات ويردد هتافات عدائية ضد النظام قاصدا الإثارة والتحريض.. والتشكيك فى السلطات الشرعية المسئولة فى الدولة والتعريض بها والنظام الاشتراكى وتهديد السلام والوحدة الوطنية .. وكان النبوى إسماعيل وزيرا للداخلية فى ذلك الوقت.
واعتبر المجلس أن ما فعله أبو العز الحريرى إخلالا بواجبات العضوية التى تفرض عليه عدم ارتكابه أى فعل من شأنه الإخلال بالأمن العام وأن ما بدر من العضو من هتافات لا صلة بينها وبين المعركة الانتخابية والدعوة إلى المرشح الذى ينتمى إلى حزبه يمثل تعمدا مقصودا للإثارة والتحريض مما يهدد السلام الاجتماعى والوحدة الوطنية.
وقد دافع أبو العز عن نفسه فى هذه الجلسة وفند كل الإتهامات التى وجهت له من المدعى الاشراكى ووزير الداخليه وأنكرها جملة وتفصيلا .
وتم إسقاط عضويته بأغلبية 287 صوتا ضد 16 صوتا من المعارضة منهم المستشار الكبير ممتاز نصار وحسن عرفة وكمال سعد .. وكان يرأس الجلسة د. السيد على السيد وكيل المجلس، وكانت سابقة برلمانية لم لم تحدث من قبل أن يتم إسقاط العضوية عن نائبين فى يوم واحد، هما " عبد الفتاح حسن وابو العز " وعاد أبو العز الحريرى إلى قاعة مجلس الشعب فى برلمان 2000 - 2005 بعد غياب دام 22 سنة ممثلا لحزب التجمع. وكان يصول ويجول فى التصدى لنظام الخصخصة الذى كان كالسيل العرم الذى يجرف اصول مصر وممتلكاتها من جذورها ! .. ثم عاد إلى قاعة مجلس الشعب مرة ثالثة فى برلمان الثورة "2012 الذى تم حله .
وكان الرئيس السادات قد وقع معاهدة السلام مع إسرائيل فى 26 مارس 1979 وقد تم تقديم هذه المعاهدة إلى مجلس الشعب للموافقة عليها طبقا لنص الدستور.
وأذكر أن لجنة مشتركة من أعضاء لجان الشئون العربية والخارجية والأمن القومى قد عقدت اجتماعا ًساخنا ً فى بداية أبريل 1979 استمر أكثر من 10 ساعات لمناقشة بنود هذه المعاهدة وشروطها ومبادئها.
وعرض فى اللجنة المشتركة خرائط لشبه جزيرة سيناء بعد تقسيمها إلى أربع مناطق أمنية طبقاً لبنود المعاهدة وهى المناطق :
(أ، ب،ج،د) وأنواع الأسلحة بكل منطقة، كما توضح الخرائط المنطقة العازلة المؤقتة بغرض قيام قوات الأمم المتحدة بالفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية. كما نظمت المعاهدة مراحل انسحاب إسرائيل من الأراضى المصرية.
ويقول محمد المصرى أن أعضاء مجلس الشعب وافقوا بالإجماع على هذه المعاهدة، ورفضها 16 نائباً من المستقلين وحزب الأحرار والتجمع .. منهم د. حلمى مراد والمستشار عادل عيد وخالد محيى الدين وكمال أحمد والمستشار ممتاز نصار ود . محمود القاضى وأحمد ناصر وأحمد طه .. وقد إستاء الرئيس السادات من رفض هؤلاء النواب للمعاهدة التى اعتبروها أنها تفقد سيطرة مصر على أراضيها وتهدد أمنها وتعزلها عن العرب.
وقد طرح الرئيس السادات هذه المعاهدة للاستفتاء الشعبى طبقا لنصوص الدستور، كما طرح حل مجلس الشعب للاستفتاء أيضاً ودعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لأن مصر سوف تدخل مرحلة جديدة فى الممارسة الديمقراطية بعد تحقيق السلام مع إسرائيل على حد تعبيره.
وقد عاشت مصر فى هذه الفترة حراكاً سياسياً مكثفاً نتيجة هذه الاستفتاءات التى تصل نتائجها إلى نسبة 99.99% فى بعض الأحيان! وأصدر السادات عددا من القرارات الجمهورية لإعادة بناء الدولة وكان أولها حل مجلس الشعب ودعوة الناخبين لاختيار المجلس الجديد فى 7 يونيو 1979 والإعادة فى 14 يونيو 1979 وقراراً آخر بأن يكون عدد الدوائر الانتخابية 175 دائرة وعدد أعضاء المجلس 350 عضواً، بالإضافة إلى تخصيص 30 مقعداً للمرأة طبقاً للقانون 21 لسنة 1979، بالإضافة إلى المقاعد التى تحصل عليها المرأة خارج هذه المقاعد، بالإضافة إلى عضوين عن محافظة سيناء وعشرة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية.

شكرى زعيما للمعارضة
ويشير الكاتب فى هذا الفصل إلى أن السادات قام فى هذه الإ نتخابات بإخلاء 21 دائرة انتخابية بالكامل لصالح مرشحى حزب العمل ظنا منه أنه بهذه الطريقة سوف يسيطر على المعارضة تحت القبة وأن تكون معارضة مستأنسة، ولكن كشفت الأحداث تحت قبة مجلس الشعب خطأ نظرية السادات، وأنها أصبحت معارضة شرسة.
وأن انتخابات مجلس الشعب فى يونيو 1979 فاز فيها حزب العمل بـ 29 مقعداً وأصبح إبراهيم شكرى زعيما للمعارضة نتيجة فشل مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار فى النجاح فى دائرة مصر الجديدة، وفشل رئيس حزب التجمع خالد محيى الدين فى دائرته بكفر شكر قليوبية. احتل فيه نواب الحزب الوطنى الأغلبية- كالعادة- بينما احتل حزب العمل 29 مقعدا.. وأصبح إبراهيم شكرى زعيما للمعارضة.. وتقلصت مقاعد حزب العمل إلى سبعة مقاعد فقط بعد انسحاب أعضاء الوطنى منه.. وعودتهم لحزبهم.. وكان على رأسهم محمود أبو وافية «عديل السادات» الذى قال فى استقالته التى قدمها إلى إبراهيم شكرى فى ديسمبر 1979 إن الأمور فى الحزب سارت على غير ما كان يرجو!
ويذكرالكاتب أن من أبرز ملامح هذا المجلس الذى رأسه د. صوفى أبو طالب وبدأ فى 23 يونيو 1979 واستكمل مدته الدستورية حتى يونيو 1984 هو التعديلات الدستورية التى تم إدخالها على دستور 1971 بناء على طلب أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب فى ذلك الوقت.. وبالطبع كان ذلك بإيحاء وتدبير السادات.
وقد بدأت الأحاديث عن هذه التعديلات الدستورية فى اجتماعات الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى فى يوليو 1979وكان يديرها د. صوفى أبو طالب.
وهذه التعديلات تضمنت تعديل خمس مواد وإضافة باب جديد خاص بإنشاء مجلس الشورى وسلطة الصحافة.
وأحسب أن أهم ما جاء فى هذه التعديلات هو تعديل المادة «77» من الدستور والمتعلقة بمدة رئاسة رئيس الجمهورية.
وكان نصها قبل التعديل: «أن مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدة تالية ومتصلة».
وتم تعديل هذه المادة لتكون «بأنه يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى».
وقد وافق مجلس الشعب على هذه التعديلات فى جلسة ساخنة عقدت فى 30 أبريل 1980 وسط إحتفالية برلمانية كبيرة قادها د. صوفى أبو طالب.. ثم وافق الشعب على هذه التعديلات فى الاستفتاء الذى جرى فى 22 مايو 1980.
ويقول محمدالمصرى انه للأسف الشديد جاءت الرياح بما لا يشتهى السادات.. فالرئيس السادات صاحب هذا التعديل بإطلاق مدد تولى منصب رئيس الجمهورية لم يستفد من ذلك.. فبعد 16 شهرا تقريبا تم اغتياله فى 6 أكتوبر 1981 فى حادث المنصة.. واستفاد من هذا التعديل الرئيس المخلوع حسنى مبارك الذى جثم على صدورنا لمدة 30 سنة بسبب هذا التعديل الذى ابتدعه السادات وأهداه لمبارك وعصابته.. والذى لم يحاول أن يقترب من هذه المادة عندما طلب من مجلس الشعب برئاسة د.سرور تعديل المادة «76» فى عام 2005 والتى تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السرى المباشر من بين أكثر من مرشح بدلا من الاستفتاء عليه.. رغم كل الأصوات فى ذلك الوقت كانت تنادى بضرورة تعديل هذه المادة!
وكان الرئيس المخلوع يؤكد لنا فى أكثر من مناسبة أنه سيبقى فى الحكم حتى آخر نفس للرد على التساؤلات الخاصة بالتوريث.. ولكن على الجانب الآخر من ضفة النهر كانت تجرى فى كواليس الحزب الوطنى وفى دهاليز قصر الرئاسة أكبر وأخطر خطة لتوريث مصر المحروسة لابنه المحروس «جمال» وضعتها الهانم سوزان وزكريا عزمى وأحمد عز ويساعدهم فى تنفيذها رجال الحرس القديم فى الحزب الوطنى المنحل بالتعاون مع الحرس الجديد لولا قيام ثورة 25 يناير 2011 التى أطاحت بأحلام المخلوع وعائلته ورجال عصابته الفاسدين.
ويختتم الكاتب محمد المصرى هذا الفصل بقوله : أن أهم ما أسفرت عنه هذه التعديلات فى عام 1980 فهى إنشاء مجلس الشورى ليكون مجلسا للعائلة المصرية على حد تعبير السادات.. والنص على التحول إلى نظام التعدد الحزبى وقد شهد مجلس الشعب فى فصله التشريعى الثالث (1979 - 1984) صدور قانون جديد للانتخابات بالقوائم وبنسبة نجاح 8% على مستوى الجمهورية، حتى يضمن الحزب الوطنى الفوز بأكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب فى كل الانتخابات، ولكن حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذا النظام لأنه يحرم المستقلين الذين لم ينضموا إلى أى حزب من الترشح لعضوية مجلس الشعب، وأن هذا النظام يهدر مبدأ المساواة الذى نص عليه دستور 1971 فى المادة 40.
الحلقة الرابعة بعد غد
نواب مبارك : زواج المال والسلطة !

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى26 سبتمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.3056 48.4056
يورو 53.9042 54.0206
جنيه إسترلينى 64.6570 64.8247
فرنك سويسرى 57.0044 57.1562
100 ين يابانى 33.4549 33.5358
ريال سعودى 12.8760 12.9033
دينار كويتى 158.2958 158.6755
درهم اماراتى 13.1508 13.1795
اليوان الصينى 6.8889 6.9032

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 4,097 شراء 4,109
عيار 22 بيع 3,756 شراء 3,766
عيار 21 بيع 3,585 شراء 3,595
عيار 18 بيع 3,073 شراء 3,081
الاونصة بيع 127,421 شراء 127,777
الجنيه الذهب بيع 28,680 شراء 28,760
الكيلو بيع 4,097,143 شراء 4,108,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى