الكاتب الصحفى مجدي سبلة يكتب .. ماذا يجرى الأحزاب والمجتمع المدنى فى ضهر الوطن
شيئا ما يجرى التجهيز له للحياة الحزبية في مصر والهدف هو إعلاء المصلحة الوطنية للدولة والرؤية سوف تضح خلال ايام .. أما دمج الكيانات الحزبية والكيانات الأهلية بهدف صناعة حزبين كبيرين فقط وحزبين أو ثلاثة آخرين يعبرون عن التيارات الشعبية لإنتاج مجلسى نواب وشبوخ يمثلا ظهيرا شعبيا للدولة بديلا عن التشتت الحزبي القائم حاليا ومن الممكن أن يظل هناك تيار للقوى الليبرالية واخر للوفد أو المعارضة فيصبحوا ثلاثة اتجاهات أو أربعة على أقصى تقدير لإدارة الدولة حزببا ونيابيا لاضاعة الفرصة أمام القوى المدنية ومنظماتها الغربية بأن مصر ممثلة لكل التيارات ..
تغمرنى حالة من التفاؤل هذه المرة بعد ملاحظة حراكا إيجابيا للأحزاب المصرية والمؤسسات الأهلية و المجتمع المدنى .
الحراك يبدو مؤشراته وطنية خالصةو يرسل رسالة من خلال هذه الأحزاب والقوى السياسية بأنها فى ضهر الوطن.
الملاحظ أن عودة الروح الحزبية واليقظة والخوف على الدولة قد عاد بعد خمول طال لسنوات وبعد ان عرف المصريين الفارق بين حكم الجماعة الارهابية وبين الحكم المصري الخالص ، وهذه العودة ستصبح بمثابة صحوة للمجتمع، كلٌ فى حزبه، وكلٌ فى مؤسسته الأهلية، الجميع يتسابق لتثبيت أركان الدولة سياسياً وتشريعياً واقتصادياً وفى كل المجالات والتخلى عن الحالة الكرتونية لهذه الأحزاب وكذلك تجاوب المنظمات الاهلية الوطنية .
وكأن مصر تستعد لارسال ردا قويا علي قوى الشر في الداخل والخارج ، لأن هناك أحزابا وكيانات بدأت اجتماعاتها، وأحزابا تستكمل تشكيلاتها، وأحزابا جديدة تستعد لمنافسة الأخرى فى إثبات مواقفها الوطنية، وأحزابا تتنافس مع الأخرى فى جذب الأشخاص المؤثرين فى دوائرهم لجذب هذه العناصر بخلفياتهم القاعدية من الجماهير .
كما الاحظ ارتفاع معدلات الغيرة علي الدولة، يعلو صوت الجميع تحيا مصر ، ويستعد الجميع لترجمة هذه الغيرة؛ لمواجهة ما تبقى من قوى الشر، الذين ما زالوا يدبرون ويخططون لهدم الدولة.
يستعد المصريون فى هذه الصحوة للرد على كل من يدّعى بأن مصر تنتهك قوانينها ودساتيرها وحقوق مواطنيها، وأن كل ما يتم من تعديلات حزببة هى بصنع المصريين أنفسهم وباختيارهم ، والشعب هو الذى سيرد على هذه الأكاذيب والأجهزة الغربية التى تقف وراءها وان حالة الغياب عن الشارع لهذه الأحزاب عادت وبقوة ، وسرعان ما يتم اصطفافها من جديد،
ما يحدث الآن لأن المرحلة التى يعيشها المصريون تطلب لم الشمل والاتفاق على مواجهة الحالة السياسية المملوءة بالترصد ضد مصر وترابها من الداخل ومن الخارج ، وهو ما يرفضه المصريون جملة وتفصيلاً.
الشباب المصرى الذى سيغذى هذه الأحزاب يختلف عن شباب الأحزاب قبل 10 سنوات، بعد أن كشفت مؤتمرات الشباب الأخيرة عن طاقات شبابية هائلة يمكن أن تقود هذه الأحزاب وتجمع حولها المصريين لمواجهة أى خطر يحدق بالبلاد وسيصبح هؤلاء الشباب هم من يقدمون تجاربهم وأفكارهم ومطالبهم بل وتصوراتهم المختلفة أو المؤيدة على الساحة السياسية فى إطار وطنى.
نرى أن فئة الشباب أمامهم استحقاقات فى الفترة القادمة بداية من انتخابات مجلس الشيوخ والنواب المزمعة وانتخابات المحليات المقبلة لتكتمل كل استحقاقات الدولة.
ومن هنا لا بد أن تتآلف الأحزاب وتتناغم أيديولوجياً سياسياً لتعظيم قدراتها على تغير صورة المجتمع وإيصال التثقيف السياسى الموضوعى السليم للمجتمع وشرح الأوضاع المصرية بصورة دقيقة حتى لا يترك المجتمع لأيديولوجيات ممنهجة فى الطريق المعاكس للدولة.
وهنا لا بد أن يعرف المصريون من خلال أحزابهم الشرعية أن هذا الاصطفاف والاستعداد والمشاركة الحزبية القوية ليس معناها طمس فكرة المعارضة والآراء المغايرة، لكنها ستكون معارضة مقبولة لدى المصريين إذا كانت معارضة تصب فى خانة وطنية الدولة ومصلحتها ومحافظتها على الأمن القومى للبلاد.
لا بد أن يفهم الحراك الحزبى والسياسى الوشيك على الحياة السياسية المصرية، ولابد أن تعى هذه الحالة وضع الدولة وفهم ملفاتها الخارجية وحالتها الاقتصادية وحالة الأفكار المتطرفة، التى ما زالت تعكر صفو المجتمع المصرى، وتريد النيل منه على جثث المصريين أنفسهم، الأمر الذى يتطلب أحزاباً قوية حتى إن كانت أحزابا للمعارضة.
حالة الحراك السياسى للأحزاب المصرية تحتاج أحياناً كثيرة إلى دعم الدولة لتصبح أحزاباً قوية، لأن الأحزاب هى جزء من الدولة لأن دورها لا يقف عند كونها أحزابا تؤيد أو تعارض فقط، لكنها أحزاب تقدم الحلول للعديد من القضايا الداخلية والتصدى للمخططات التى تستهدف مصر وشعبها، لذلك لا بد أن تكون كوادر هذه الأحزاب قادرة على تحمل المسئولية.
النهوض بالدولة المصرية فى كل مجالاتها يستوجب رؤية موحدة لهذا الحراك حتى لا يساء الفهم من توحد هذه الصحوة حتى لا يفهم منها أنها تهدف إلى حدث معين وتنتهى هذه الصحوة أو هذا التوحد، لكن على الأحزاب أن تدرك أن مصر لم تعد محطة للتجارب السياسية ؛ لأن الوقت غير الوقت والظروف الدولية غير الرؤى السابقة، بعد أن تكشفت كل الملفات والمخططات وأصبح التلويح بها على المكشوف كما يقولون.
الحراك السياسى المصرى المرتقب هذه الأيام يعى جيداً أن أمن المصرين واستقرارهم، أهم من أى مخطط يتسبب فى اضطراب الدولة أو حتى اضطراب المنطقة، خاصة بعد أن فشل مشروع إقامة الدولة الدينية فى مصر ورفضها الشعب المصرى.
الحراك الحزبي الذى تشهده مصر الآن، لا يتجاهل ما بذلته الدولة من إصلاحات كثيرة خلال السنوات الماضية.
تحالف الأحزاب الذى ، يمثل أغلبية الشعب المصرى، ليس بدعة، لكنه جاء لما تتضمنه تلك التعديلات من الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ودفع عجلة التنمية والإنتاج فى الدولة، نظراً لحاجتها فى السنوات المقبلة لخروج مصر من مطرقة دول الفقر وسندان الدول الضاغطة على مصر لجعلها بأن تظل من دول الفقر، وعندما تكون هذه التعديلات متروكة للشعب، فكلمة الشعب هى الأقوى وهى التى ترسل رسائلها للرد على أى تشكيلك يخرج من قوى الداخل أو الخارج.
نعم ستتولى الأحزاب شرح أهمية حاجة مصر لهذه التكامل الحزبي للمواطنين، خاصة أن مصر ما زالت تحتاج إلى مزيد من الاستقرار ومزيد من البناء الاقتصادى.
لا يتوقف الحراك الذى تشهده مصر خلال الأسابيع القادمة عند الأحزاب، لكنه سوف يمتد إلى جمعيات ومعظم مؤسسات المجتمع المدنى، الكل تحت عنوان «مصر أولاً» أمام كل من يتربص بها سواء فى الداخل أو الخارج.
تكاتف المصريين أمام الأجندات الخارجية والداخلية، سوف يكون أبلغ رد بأن الشعب المصرى هو الذى يقرر مصيره بنفسه.
الحشد للحراك الذى ستشهده مصر الأيام القادمة يأتى لأسباب أصبح يعلمها كل المصريين بأن التدخلات الخارجية استهدفت تحويل الثورات العربية فى السنوات الماضية إلى فوضى عارمة، لذلك لا بد أن نستقوى بالشعب وهو الوحيد القادر على رد هذه التدخلات.
نعم يعلم المصريون أن حراك الأحزاب لا بد أن يكون الهدف منه هو التحول الديمقراطى وليس الهدف منه الاضطراب الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط وفى القلب منه مصر.
ولذلك أصبح الحراك بمثابة تحديات سيتصدى لها الشعب نفسه من خلال أحزابه وكل القوى السياسية المصرية.
علاوة على مواجهة تحدى الإرهاب الذى يضرب هذا التحول الديمقراطى فى مقتل؛ لأنه يهدف إلى عودة الدول الدينية الفاشية التى لا تقبل أى ديمقراطيات وهو تحدٍ يضرب الأمن والسلم فى بلادنا والشعب هو من يرد على هذه التحديات.
الشعب يراهن من خلال أحزابه وقواه السياسية على زيادة التنمية التى بدأها ويرفض إرباك المشهد واستنزاف كل الموارد التى سينطلق منها المصريون للأمام، لذا أصبح الشعب هو مصدر القوة لبناء الوطن.
الأيام القادمة سوف تعيد من جديد تحركات القواعد الشعبية نفسها فى كل الميادين المصرية لإعلان مصر للمصريين، وطالما أن هذه القواعد بأحزابها وانتمائها المصرى الخالص فى ظهر الوطن، سوف تعبر مصر فى كل المجالات، وستصبح مصر خالية من الإرهاب، وسيشتد عودها الاقتصادى، وستعود القيم والوعى والفهم للمصريين؛ حتى لا ينال منها أحد.
كاتب المقال الكاتب الصحفى مجدى سبلة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق
