إيمي حمدي سراج تكتب .. الشخصية التوكسيك و النرجسية .. وتأثيرهما على العلاقات .
في الحياة اليومية، نقابل العديد من الشخصيات التي تؤثر على حياتنا بطرق مختلفة. من بين هذه الشخصيات، تبرز الشخصية السامة (التوكسيك) والشخصية النرجسية كأحد أبرز الأنماط التي يمكن أن تعيق النمو الشخصي وتؤثر سلبًا على العلاقات الإنسانية. وعلى الرغم من التشابه في بعض الممارسات بينهما، إلا أن الفرق الجوهري يكمن في دوافع وأهداف كل منهما.
تُعد الشخصية التوكسيك (السامة) والنرجسية من أكثر الشخصيات تأثيرًا على العلاقات الإنسانية بشكل سلبي، وعلى الرغم من التشابه بينهما في بعض الصفات، إلا أن هناك فروقًا واضحة تجعلهما مختلفتين. في هذا المقال، سنستعرض تعريف كل شخصية، السمات البارزة، وكيفية التفريق بينهما مع أمثلة عملية.
ما هي الشخصية التوكسيك؟
الشخصية التوكسيك هي شخصية تحمل طاقة سلبية، وتعمل بشكل واعٍ أو غير واعٍ على تصدير هذه الطاقة إلى الآخرين. هذا النوع من الأشخاص يرى العالم من منظور سلبي للغاية، مما يجعله غير قادر على بناء علاقات صحية ومستدامة.
السمات الأساسية للشخص التوكسيك:
1. السلبية الدائمة: يميل إلى التركيز على المشاكل بدلاً من الحلول، ويُظهر دائمًا توقعات سلبية حول المستقبل.
2. الانتقاد الدائم: يوجه انتقادات جارحة للآخرين، ويستهين بمجهوداتهم وإنجازاتهم.
3. التلاعب العاطفي: يستخدم أساليب مثل الشعور بالذنب واللوم لجعل الآخرين يتصرفون بطريقة تخدم مصالحه.
4. إثارة الدراما: يحول المواقف البسيطة إلى مشكلات معقدة لجذب الانتباه أو السيطرة على الحوار.
مثال من الواقع:
في مكان العمل، قد تجد زميلًا يشتكي باستمرار من المدير وزملائه، وينشر الإحباط في بيئة العمل، مما يؤثر على إنتاجية الفريق بأكمله.
ما هي الشخصية النرجسية؟
على النقيض من الشخصية التوكسيك، يتميز النرجسي بحب الذات المفرط، والسعي الدائم للفت الأنظار وإثبات أنه الأفضل. هذا الشخص يرى نفسه محور الكون، ويعتبر أن الآخرين موجودون لخدمته وتحقيق رغباته .
ببساطة اكثر الفرق بينهم أن الشخص التوكسيك يُضفي جوًا سلبيًا على كل من حوله. يسعى إلى نشر الطاقة السلبية والتقليل من شأن الآخرين، مما يجعل التفاعل معه مرهقًا نفسيًا.
اما النرجسية هي اضطراب شخصية يتميز بالإفراط في تقدير الذات والرغبة في الحصول على الإعجاب دون النظر إلى مشاعر الآخرين أو احتياجاتهم.
السمات الأساسية للشخص النرجسي:
1. التقدير المبالغ للذات: يرى نفسه دائمًا الأفضل والأكثر أهمية مقارنة بالآخرين.
2. استغلال الآخرين: لا يتردد في استخدام من حوله كأدوات لتحقيق أهدافه الشخصية.
3. الافتقار إلى التعاطف: لا يهتم بمشاعر الآخرين أو احتياجاتهم، بل ينظر إلى المواقف من زاوية مصلحته فقط.
4. السعي للسيطرة: يحب أن يكون المتحكم في كل شيء، سواء كان ذلك في العمل أو الحياة الشخصية.
مثال من الواقع:
مدير شركة ينسب كل نجاحات فريق العمل لنفسه، ويتجاهل تمامًا دور الموظفين الذين ساهموا في تحقيق هذه الإنجازات، معتقدًا أنه المحرك الوحيد للنجاح.
الفرق بين الشخصيتين
رغم أن كلتا الشخصيتين تؤثران سلبًا على الآخرين، إلا أن هناك فروقًا جوهرية:
1. التأثير العاطفي:
الشخص التوكسيك ينقل طاقته السلبية إلى من حوله، مما يسبب لهم الإحباط والتوتر ،الشخص التوكسيك يسبب ضغطًا نفسيًا مستمرًا لكنه قد لا يفعل ذلك بدافع حب الذات.
النرجسي يمتص طاقة الآخرين ويدفعهم للشعور بعدم الكفاءة من أجل تعزيز مكانته الشخصية ،النرجسي يركز على ذاته بشكل كبير ويستغل الآخرين لإرضاء غروره.
2. الدوافع
التوكسيك يسعى للتنفيس عن إحباطاته الشخصية ،التوكسيك قد يكون مدفوعًا بالإحباط أو السلبية الشخصية.
النرجسي يسعى لتعزيز صورته الذاتية أمام الآخرين ،النرجسي مدفوع برغبة في التقدير والإعجاب.
3. الأسلوب فى التعامل مع الآخرين.
التوكسيك يستخدم الدراما والإحباط.
النرجسي يستخدم التلاعب والسيطرة.
التوكسيك يستخدم الانتقاد والدراما لنشر السلبية.
النرجسي يعتمد على التلاعب والاستغلال لتحقيق أهدافه.
كيف نتعامل مع هذه الشخصيات؟
مع الشخص التوكسيك:
كن حازمًا في وضع الحدود، ولا تسمح له بإغراقك في سلبيته.
حاول توجيه الحديث نحو الأمور الإيجابية، لكن لا تتورط عاطفيًا.
مع الشخص النرجسي:
لا تحاول مجاراته في الحديث عن إنجازاته أو منافسته.
احرص على إبقاء علاقاتك معه سطحية، وحافظ على استقلاليتك العاطفية.
مع الشخص التوكسيك: حاول وضع حدود واضحة وتجنب الانخراط في الحديث السلبي.
مع النرجسي: لا تُظهر ضعفًا أو رغبة في نيل إعجابه، وحافظ على استقلاليتك
أثرهما على العلاقات الاجتماعية
الشخص التوكسيك قد يفسد أجواء الصداقة أو العمل بسبب طاقته السلبية المستمرة. بينما النرجسي يمكن أن يسبب شعورًا بالاستغلال وعدم التقدير، مما يؤدي إلى تآكل الثقة بينه وبين الآخرين. كلاهما يترك بصمة سلبية على العلاقات إذا لم يتم التعامل معهما بحذر.
الخلاصة
التعامل مع الشخصيات التوكسيك والنرجسية يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة كل منهما ووضع استراتيجيات فعالة لحماية النفس. العلاقات الإنسانية يجب أن تكون مصدرًا للدعم الإيجابي، لا ساحة للصراعات النفسية. لذا، علينا أن نتعلم كيفية التعرف على هذه الأنماط السلبية، ووضع حدود واضحة تضمن لنا التوازن والسلام الداخلي.
الشخص التوكسيك والنرجسي كلاهما يشكل تحديًا في العلاقات الاجتماعية، إلا أن الفارق بينهما يكمن في الدوافع وطريقة التعامل مع الآخرين. من المهم التعرف عليهما وتعلم كيفية حماية النفس من تأثيرهما السلبي لضمان حياة اجتماعية صحية ومتوازنة.