الصبر في الإسلام: دعامة القوة في الأزمات
يشكل الصبر في الإسلام أحد الأسس الجوهرية التي تبنى عليها قوة المسلم في مواجهة الأزمات والشدائد. إذ يُعتبر الصبر من أعظم الفضائل التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية، وهو سلاح المؤمن الذي يواجه به صعوبات الحياة.
قال الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف في برنامجه الإمام الطيب: "الصبر هو الطريق الوحيد الذي يضمن للإنسان التغلب على الشدائد والابتلاءات، وهو يعني الثبات على الحق والرضا بقضاء الله وقدره". وأضاف: "الصبر ليس مجرد تحمل للمصاعب، بل هو صبر في الطاعة وصبر في المعصية وصبر في الشدائد، وكلها تساهم في تقوية الإيمان والشخصية".
من جانبه، أكد الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره للقرآن الكريم أن "الصبر في الإسلام هو علامة من علامات الإيمان الحقيقي، وهو يختلف عن التحمل العادي، لأنه يتطلب اليقين التام في أن الله سيعوض الصابرين خيرًا". وأضاف: "عندما نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: 'وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَٰلِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَٰتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ' (البقرة: 155)، نجد أن الله سبحانه وتعالى يعلن عن شدة البلاء الذي قد يصيب الإنسان، ولكنه يعقب ذلك بالبشارة لمن يصبرون".
وتابع الشيخ الشعراوي في حديثه عن الصبر: "الحديث عن الصبر ليس فقط عن تحمل الألم، بل يتضمن أيضًا الابتلاءات النفسية والروحية التي يمر بها الإنسان في حياته. ولذلك، فإن الصبر يعين المؤمن على التصدي لهذه التحديات بهدوء وثبات".
وفي الحديث النبوي الشريف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا يصب منه"، مما يدل على أن الصبر على البلاء ليس فقط طريقًا للتحمل، بل هو أيضًا وسيلة لرفع درجات المؤمن في الآخرة.
وقد حث القرآن الكريم أيضًا على الصبر في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران: 200). هذه الآية تبرز أهمية الصبر في الحفاظ على الإيمان والثبات في مواجهة المحن.
في الختام، أكد العلماء على أن الصبر ليس مجرد واجب ديني، بل هو سلوك حياة يتطلب الوعي الكامل بقيمته وأثره في تحسين حياتنا الروحية والاجتماعية. فالمسلم الذي يتحلى بالصبر يصبح أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة ويقين في وعد الله.