79 دولة تعلن دعمها للمحكمة الجنائية الدولية ضد عقوبات ترامب
أعلنت 79 دولة دعمها للمحكمة الجنائية الدولية وحذرت من خطر الإفلات من العقاب وإضعاف سيادة القانون الدولى، وذلك بعد العقوبات التى فرضتها واشنطن على المحكمة، حسبما ذكرت وسائل إعلام غربية.
وأمس الخميس، وقّع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمرا تنفيذيا لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وأعلن "حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع التهديد الذى تمثله جهود المحكمة"، منتقدا إصدارها أوامر اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.
قالت الدول الـ79 والتى تشكل حوالى ثلثى أعضاء المحكمة، فى بيان مشترك أعدّ بمبادرة من سلوفينيا ولوكسمبورغ والمكسيك وسيراليون وفانواتو، ووقّعت عليه خصوصا بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا والسلطة الفلسطينية وكندا وتشيلى وبنما، إنّه "باعتبارنا من المؤيدين الأقوياء للمحكمة الجنائية الدولية، فإنّنا نأسف لأى محاولة لتقويض استقلال المحكمة".
وأشار البيان إلى أن هذه العقوبات من شأنها أن تقوّض بشدة جميع المواقف التى تخضع للتحقيق حاليا، لأن المحكمة قد تضطر إلى إغلاق مكاتبها الميدانية.
وفى ردود الفعل الدولية، قال رئيس المجلس الأوروبى أنطونيو كوستا إن هذا القرار يهدد استقلال المحكمة الدولية، ويقوض نظام العدالة الجنائية الدولية ككل.
وفى بريطانيا، قالت رئاسة الوزراء على لسان المتحدث باسمها إن بريطانيا تدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعتزم فرض عقوبات على مسؤوليها.
كما أعلنت ألمانيا أنها ستواصل دعمها للمحكمة الجنائية الدولية، وقال المستشار الألمانى أولاف شولتس إن العقوبات التى فرضها ترامب تهدد المؤسسة التى من المفترض أن تضمن عدم قدرة المستبدين فى هذا العالم على اضطهاد الشعوب وبدء الحروب.
أما فرنسا، فأكدت على لسان خارجيتها دعمها للمحكمة الجنائية الدولية؛ وقالت، فى بيان، إن باريس ستعمل مع شركائها على ضمان استمرار عمل المحكمة الجنائية الدولية باستقلالية وحياد.
كما صدرت مواقف مماثلة ومنددة بقرار ترامب من كل من الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمفوضية الأوروبية وهولندا.
وجاء فى قرار ترامب أن المحكمة انخرطت فى "أعمال غير مشروعة ولا أساس لها" تستهدف الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل، و"ادّعت -من دون أساس- اختصاصها على أفراد من الولايات المتحدة وبعض حلفائها، بما فى ذلك إسرائيل".
وردا على ذلك، تعهدت المحكمة الجنائية بالوقوف بحزم مع موظفيها، ودعت "الدول الأعضاء والمجتمع المدنى وجميع دول العالم إلى الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية".
وتستهدف العقوبات الجديدة الأفراد الذين يساعدون فى تحقيقات للجنائية الدولية تتعلق بمواطنى الولايات المتحدة أو حلفاء لها مثل إسرائيل، وتشمل تجميد أى أصول لهؤلاء الأفراد فى الولايات المتحدة ومنعهم وعائلاتهم من زيارة الولايات المتحدة.
واتخذت المحكمة إجراءات استباقية لحماية موظفيها من العقوبات الأمريكية المحتملة، إذ دفعت رواتب 3 أشهر مقدما، واستعدت لقيود مالية قد تعرقل عملها.
وفى ديسمبر 2023 حذرت رئيسة المحكمة القاضية توموكو أكانى من أن العقوبات الأميركية قد "تقوّض عمليات المحكمة فى جميع القضايا وتعرّض وجودها ذاته للخطر".
وهذه ليست المرة الأولى التى تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ففى عام 2020 خلال إدارة ترامب الأولى فرضت واشنطن عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، وذلك بسبب تحقيقات المحكمة فى جرائم حرب ارتكبتها القوات الأمريكية بأفغانستان.
وتأُسست المحكمة عام 2002 لمحاكمة المتورطين فى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجريمة شن عمل عدائي؛ عندما تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بنفسها.
ويمكنها نظر القضايا المتعلقة بجرائم يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو على أراضى الدول الأعضاء من قبل أطراف أخرى، فى حين يبلغ عدد الدول الأعضاء 125 دولة. وتبلغ ميزانية المحكمة لعام 2025 نحو 195 مليون يورو (202 مليون دولار).