”لوموند”: عاصفة ترامب ”هبة من السماء” للصين
![نرامب](https://media.aldawlanews.com/img/25/02/08/1226812.webp)
رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن تعليق المساعدات الأمريكية لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، وانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس، كلها "فرص متاحة لبكين"، والتي قد تستغلها "لفرض خياراتها".
وذكرت لوموند أن "قائمة المنظمات الدولية التي تنسحب منها الولايات المتحدة تطول يوما بعد يوم، وكأن اللاعب الرئيسي في السباق الجيوسياسي العالمي ينسحب منها، ويترك انسحاب القوة الرائدة مجالا أكبر لبكين لممارسة نفوذها".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن يوم تنصيبه في 20 يناير الماضي انسحاب بلاده من منظمة الصحة العالمية، وبالتالي فبدون الولايات المتحدة، سوف تصبح الصين أكبر مساهم ثابت في ميزانية منظمة الصحة العالمية.. وتختلف أولوياتها في مجال الصحة العامة الدولية، إذ تفضل العمل الثنائي وبناء البنية الأساسية مثل العيادات بدلا من الإصرار على قضايا حوكمة أنظمة الصحة أو حقوق الأفراد.
"وسيكون التأثير عميقا، وهي فرصة للصين لتولي القيادة، ويمكن أن توجه مستقبل الحوكمة العالمية فيما يتعلق بالصحة العامة".. وفي هذا الصدد يقول يانتشونج هوانج، المتخصص في الصحة الدولية في مجلس العلاقات الخارجية، "بالنسبة للصين، فإن العدو يغادر ساحة المعركة".
وفي أبريل 2018، أسست الصين وكالتها الخاصة، "تشاينا ايد"، للتنافس مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ولكن هذه الوكالة الأمريكية يجري الآن تفكيكها ووضعها تحت سيطرة وزارة الخارجية.
وفيما يتعلق بالمناخ، تشير "لوموند" إلى أن الصين، التي تمثل 17% من سكان العالم، هي أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون على الكوكب، بنسبة 35% من الانبعاثات، لكنها ستتمكن من تسليط الضوء على دورها كطالب جيد في مجال الطاقات المتجددة والجهود العالمية، لأن الرئيس الأمريكي وقع أيضا على أمر انسحاب بلاده من اتفاقية باريس في 20 يناير.
كما يجري أيضاً إخلاء مساحة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث ترى "لوموند" أنه "مسرح لمعركة مريرة على النفوذ في السنوات الأخيرة، حيث الصراع الدائر الآن بين الدول الغربية، التي تدافع عن الحقوق الأساسية والحريات السياسية، والصين، التي تؤكد نجاحها في انتشال شعبها من براثن الفقر، وتريد التأكيد على التقدم الاقتصادي وتشهد الساحة العالمية منافسة بين القوى الكبرى لحشد أكبر قدر من الدعم لقرارها، لكن الولايات المتحدة أعلنت انسحابها من مجلس حقوق الإنسان في الرابع من فبراير".
"ولكن الصين لا تتوهم أن السنوات الأربع المقبلة ستكون مريحة، فقد دخلت الرسوم الجمركية الإضافية البالغة 10% التي فرضها الرئيس
دونالد ترامب على المنتجات الصينية حيز التنفيذ في 4 فبراير الحالي في وقت يعاني فيه الاقتصاد الصيني بالفعل ويحتاج إلى الصادرات لبيع إنتاج مصانعه، لكن بكين كانت تتوقع ما هو أسوأ، مع التهديد الذي أطلقه المرشح خلال الحملة الانتخابية بفرض ضريبة على وارداتها بنسبة 60%، ورأت في دعوة الرئيس شي جين بينج لحضور حفل تنصيبه ــ الذي مثله نائبه ــ وتأجيل الإعلان عن حظر تيك توك لمدة خمسة وسبعين يوما، وهو الوقت المناسب للتوصل إلى "صفقة"، كما تقول "لوموند".
ورغم ذلك، لا تزال هناك قناعة بأن اهتمام واشنطن سوف يعود في مرحلة ما إلى الدولة الوحيدة التي ينافس صعودها القوة الأمريكية. لكن الصين تعتقد أيضا أنها أكثر قدرة على الصمود مما كانت عليه في الماضي، بعد أن اكتسبت قدرا معينا من المعرفة، وهو ما أكده ظهور الذكاء الاصطناعي DeepSeek، وتنفيذ حصة متزايدة من تجارتها مع دول خارج مجموعة السبع تعتبرها معادية.
وفي الواقع، تنتظر الصين من الولايات المتحدة أن تعمل على تقويض نفوذها من خلال التهديد، حتى ولو بشكل خفيف، لكل دولة بدورها بفرض رسوم جمركية.. وهذا ما أوضحه يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون الأمريكي، في تحليل نشرته مجلة الشؤون الخارجية.
وبحسب "لوموند"، "تعتقد بكين أن سياسات واشنطن سوف تعمل، في حد ذاتها، على تفكيك أسس الهيمنة الأمريكية العالمية، حتى وإن كانت ستخلق اضطرابات قوية للدول الأخرى في طريقها.. ولذلك فإن الأولوية بالنسبة للصين هي انتظار انتهاء العاصفة.. وسوف يكون لدى الصين بعد ذلك متسع من الوقت لتضع نفسها كقوة مستقرة، ومورد حاضر لأولئك الذين خاب أملهم في أمريكا".