ايمي حمدي سراج تكتب : المعلم بين التقدير وبناء الاجيال

المعلم هو حجر الأساس في بناء أي مجتمع قوي ومتقدم. فهو الذي يصنع الأجيال وينقل المعرفة والخبرات، ويربي العقول والأفكار، وهو من يفتح الأبواب أمام الأطفال والشباب للعبور إلى مستقبل مشرق. لهذا السبب قال الشاعر أحمد شوقي في بيته الشهير: "قم للمعلم وفِه التبجيل، كاد المعلم أن يكون رسولاً". فالمعلم لا يقتصر دوره على مجرد نقل المعلومات، بل يتعداه ليكون مرشداً وموجهاً، ويُعتبر دور المعلم في المجتمع من أقدس المهام التي تتطلب الاحترام والتقدير من الجميع.
المعلم ليس فقط ناقلًا للمعرفة؛ إنه موجه، ينمي الفضول في عقول الطلاب، ويغرس فيهم قيم الصبر والمثابرة. إن ما يميز المعلم هو دوره التربوي. فهو لا يعلم فقط العلوم والرياضيات واللغات، بل يربي الطالب على السلوك القويم والقيم الأخلاقية العالية. فهو الذي يغرس في الطلاب احترام الذات والآخرين، ويعلمهم تحمل المسؤولية والتفكير النقدي. ومن هنا يأتي قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، فهذا تكريم إلهي لمكانة العلم وأهله.
رغم هذا الدور العظيم، يواجه المعلمون العديد من التحديات التي تؤثر على أدائهم، ومن بين هذه التحديات، الضغط النفسي والجسدي الناتج عن إدارة الفصول الدراسية الكبيرة، قلة الموارد التعليمية، والرواتب التي لا تتناسب مع الجهد المبذول، بالإضافة إلى عدم توفير بيئة عمل ملائمة. هذه التحديات تجعل من الضروري أن تقوم الدولة والمجتمع بدور أكبر لدعم المعلم والاعتراف بجهوده، من خلال رفع مستوى الرواتب والمكافآتخاصة وإن المعلم هو أحد أهم عناصر نجاح النظام التعليمي.
من هنا، لا بد من تحسين الأجور بما يتناسب مع دوره الجوهري في المجتمع، وزيادة الرواتب التى تحفز المعلمين على تقديم أفضل ما لديهم، لتجذب المزيد من المواهب الشابة إلى مهنة التعليم.
على الدولة أن توفر برامج تدريبية دورية للمعلمين تتيح لهم مواكبة التطورات في مجال التعليم وطرق التدريس الحديثة، كما يجب أن تشمل هذه البرامج دورات في المهارات الشخصية والتكنولوجية لضمان تقديم تعليم عصري يتناسب مع متطلبات العصر،مع توفير بيئة عمل ملائمة في المدارس من خلال تقليل أعداد الطلاب في الفصول، وتوفير الأدوات التعليمية اللازمة مثل التكنولوجيا الحديثة والمصادر العلمية، لضمان أن المعلم يمتلك الأدوات التي يحتاجها لأداء عمله بكفاءة.
من الاهمية الاعتراف الاجتماعي بمكانة المعلم: بأن تعمل الدولة والمجتمع معًا على تعزيز صورة المعلم في المجتمع من خلال تكريمه والاعتراف بجهوده، من خلال تنظيم فعاليات تكريمية على مستوى الدولة، ومنح جوائز للمتميزين في التعليم، لتسليط الضوء على دورهم الحيوي.
وهنا أوكد إن تكريم المعلم ليس مجرد اعتراف بدوره، بل هو رسالة للمجتمع بأكمله حول قيمة التعليم وأهمية مهنة التدريس- عندما نشجع المعلم وندعمه، فإننا نضمن أن كل طالب يتلقى التعليم الجيد الذي يستحقه، مما يؤثر إيجاباً على الأجيال القادمة ومستقبل الأمة.
من هنا أقترح إطلاق مبادرة ضد الأفلام والدراما التلفزيونية التي تسيء للمدرسين هذة المبادرة خطوة إيجابية وضرورية لتعزيز صورة المعلم في المجتمعخاصة وإنة العمود الفقري للتعليم، ومن الضروري أن يُنظر إليه باعتباره شخصية مؤثرة ومحترمة، الإساءة لصورة المعلم في الإعلام تؤثر سلبًا على مكانته في نظر الطلاب وأولياء الأمور، بل والمجتمع ككل.
من خلال هذة المبادرة علينا تشجيع الإنتاج الإعلامي الإيجابيمن خلال الكتاب والمنتجين على إنشاء أعمال فنية تبرز الجوانب المشرقة والمشرفة لمهنة التدريس، وتسليط الضوء على الجهود الكبيرة التي يبذلها المعلمون في تربية وتعليم الأجيال، وإقامة مسابقات لأفضل الأعمال الفنية التي تبرز دور المعلم بإيجابية
علينا جميعاً أن نعلم إنة لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر أو يتقدم بدون تعليم جيد، والمعلم هو المحرك الأساسي لهذا التقدم، ولهذا فإننا مدينون لهم بكل احترام وتقدير، وعلينا جميعاً - سواء كأفراد أو كدولة - أن نحرص على توفير كل ما يحتاجه المعلم من دعم ورعاية ليتمكن من أداء رسالته السامية بكل تفانٍ وإخلاص.