صلاح أبو سيف .. باع مصاغ زوجته لإنتاج أول أفلامه ودخل الفن من باب مصنع نسيج
يمر اليوم 25 عاما على وفاة رائد الواقعية المخرج الكبير صلاح ابو سيف الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 22 يونيو من عام 1996 بعد رحلة عطاء فنى وإبداع استطاع خلالها تجسيد واقع الحياة المصرية على الشاشة وأن يغوص فى أعماق المجتمع المصرى ليقدم فناً معبراً عنه وعن مشاكله ومواطنيه، ويكون أحد أهم مخرجى السينما ومبدعيها.
" الأسطي حسن، ريا وسكينة ، الوحش، شباب امرأة ، الفتوة ، لا أنام ، الوسادة الخالية ، أنا حرة ، بين السما والأرض، البنات والصيف ، بداية ونهاية ، لا تطفئ الشمس ، القاهرة 30 ، الزوجة الثانية ، فجر الإسلام ، المواطن مصرى" وغيرها عشرات الأفلام السينمائية التى أبدعها المخرج الكبير صلاح أبب سيف لتبقى فى ذاكرة الفن والجمهور شاهدة على إبداعه ورؤيته للفن.
ولد صلاح أبو سيف فى 10 مايو من عام 1915 بقرية الحومة مركز الواسطى بمحافظة بنى سويف، وكان والده عمدة القرية، بينما كانت أمه قاهرية متعلمة ، فرفضت العيش مع زوجها وسط زوجاته السابقات، وأقامت في بيت العائلة مع شقيقها بالقاهرة، وألحقت ابنها بالمدرسة، وكان حي بولاق أحد معاقل ثورة 1919، وكان خال صلاح بين من يقاومون السلطات البريطانية واعتقل أكثر من مرة فكان لذلك تأثير كبير علي بناء شخصيته و فكره السياسى.
وبعد الانتهاء من دراسته الابتدائية التحق أبو سيف بمدرسة التجارة المتوسطة، وعمل في شركة النسيج بمدينة المحلة الكبرى وفي نفس الوقت عمل بالصحافة الفنية، ثم درس فروع السينما المختلفة والعلوم المتعلقة بها مثل الموسيقى وعلم النفس والمنطق، وأخرج بعض المسرحيات لفريق الهواة من العاملين بالشركة ، و أتيحت له فرصة الالتقاء بالمخرج نيازي مصطفى، الذي ذهب للمحلة لعمل فيلم تسجيلى عن الشركة، و دهش من ثقافة أبو سيف و درايته بأصول الفن السينمائي ووعده بأن يعمل علي نقله إلي استوديو مصر.
بدأ صلاح أبو سيف العمل بالمونتاج في ستوديو مصر، و أصبح رئيساً لقسم المونتاج به لمدة عشر سنوات ، والتقي خلال هذه الفترة بالمخرج كمال سليم وعمل معه كمساعد مخرج فى فيلم العزيمة، وهو أول فيلم واقعى فى السينما المصرية، وسافر إلى فرنسا ثم عاد بسبب الحرب العالمية الثانية، وكانت تجربته الأولى فى الإخراج عام 1946 ، وذلك فى فيلم مقتبس عن فيلم أجنبي ، كما سافر إلى إيطاليا وعاد منها عام 1950 متأثرًا بتيار الواقعية فى السينما وأخرج النسخة العربية من فيلم الصقر بطولة عماد حمدي وسامية جمال وفريد شوقي.
واشترك أبو سيف في كتابة السيناريو لجميع أفلامه، حيث كان يعتبر كتابة السيناريو أهم مراحل إعداد الفيلم لكي يضمن أن يكون كل ما كتبه السيناريست متفقاً مع لغته السينمائية.
وكانت وقتها السينما المصرية تتناول موضوعات بعيدة عن حياة المجتمع المصرى، فعمل أبوسيف على تغيير هذا الواقع وبدأ يعمل على إخراج فيلم "لك يوم يا ظالم"، وعندما عرض السيناريو علي المنتجين رفضوا، مما اضطره لإنتاج السيناريو بنفسه، وباع سيارته ومصاغ زوجته، وحقق الفيلم الذى عرض عام 1951 بأسلوبه الواقعي واقترابه من الجمهور نجاحا جماهيرياً ونقدياً كبيراً، وكان بطولة فاتن حمامة ومحسن سرحان ومحمد توفيق، وتوالت بعده أفلام أبوسيف الواقعية التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما المصرية ، واستطاع المخرج الكبير أن يقدم أفلام ذات مضمون شعبي وإنساني، وبلغ مجموع الأفلام التي أخرجها طوال مسيرته أربعين فيلماً، نال عليها جوائز وأوسمة كثيرة في مهرجانات عربية ودولية، واستطاع بأعماله أن يجعل الفيلم المصري ينافس الأفلام العالمية، حيث عرضت أفلامه في مهرجانات كان، البندقية، موسكو، وبرلين.
كما أخرج أبوسيف للسينما العراقية فيلم القادسية عام 1982 م واشترك فيه العديد من الفنانين العرب من مختلف بلدان الوطن العربي من العراق ومصر والكويت وسوريا والمغرب ومنهم سعاد حسني وعزت العلايلي ، وفي أواخر سنوات حياته اتجه أبوسيف إلى التخفيف من واقعية أفلامه متجها إلى الفانتازيا التي لا تخلو من إسقاطات على الواقع؛ فأبدع فيلمي "البداية، والسيد كاف"، وفي 22 يونيو من عام 1996م توفي المخرج الكبير عن عمر ناهز 81 عاماً.