الساحرة نجاة في عيد ميلادها.. صوت النيل الساهر في ليالي القاهرة (1-3)
شديدة الخصوصيّة، خرجت كطائر يحلق بعيدا منفردًا فوق نهر النيل، البحّة الرائقة في صوتها يصعب كثيرًا أن تجدها بعيدًا عن أرض مصر، السيدة نجاة الصغيرة، والسيادة هنا ليست تقديرًا لشخصها فقط، لكن اعترافا بسيادتها التي مارستها على قلوبنا طوال عقود بثقة وثبات، نعلم أن هذا صوت لن يغيب عن الأذن المصرية والعربية.
في عيد ميلادها الـ83 نجدد فروض المحبة، ونرسل أزهار الفل والياسمين إلى قلبك الكبير يا سيدتي، ونسأل محبيكي كيف سكنتي في وجداننا عبر العقود.
نجاة محمد كمال حسني البابا، بنت برج الأسد، والدها محمد كمال حسني البابا الخطاط العربي الدمشقي الشهير، الذي هاجر إلى مصر في شبابه وتزوج بوالدة نجاة، وفي القاهرة ولدت نجاة.
بدأت نجاة الغناء في التجمعات العائلية في سن الخامسة، يقول عنها فكري أباظة: "إنها الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفي حاجة إلى عناية حتى تكبر، وهي محافظة على موهبتها، مبقية على نضارتها".
الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم، قال إن سنوات طويلة مرت وما زالت الأفلام التي قامت ببطولتها المطربة نجاة حاضرة في أذهاننا، ما زلنا نتعاطف معها ونحاول أن ننبهها من الأخطار التي تحيق بها في فيلم "الشموع السوداء" 1962 إخراج عز الدين ذو الفقار ونستمتع بأغنيات ومرح وشباب فيلم "شاطئ المرح" 1967 إخراج حسام الدين مصطفى ونضحك من قلوبنا على الموقف الغريب الذي تعيش فيه في فيلم " 7 أيام في الجنة 1968 إخراج فطين عبد الوهاب ونريد لها وللبطل أن يجتمعوا معا في علاقة رغم كل الظروف وأهمها فارق السن ومفارقة التبني في فيلم "ابنتي العزيزة" 1971 إخراج حلمي رفلة.
وعن تجربتها السينمائية يضيف عبد الرحيم: "الأداء التمثيلي السهل البسيط هو ما كان يميز نجاة الصغيرة في هذه الأفلام، وهو ما كان يكفي تماما لأن يجعلها نجمة، فصوتها وعشق جمهور كبير لها كان هو الأساس الذي بنت عليه بطولتها السينمائية، بالتأكيد حضورها وجمالها ورقتها كان لهم نصيب كبير في نجاح هذه الأفلام، لكن يأتي صوتها في المقام الأول بالنسبة للجمهور، أيضًا كان يعرف المنتجون، وهى نفسها كانت تعرف ذلك – أنها تحتاج دائما إلى ممثلين آخرين قادرين على أن يساعدونها في الظهور وفي إنجاح هذه الأفلام وهو ما حدث بالفعل مع مجموعة من الممثلين الكبار في فترة الستينيات الذين كانوا ينقسموا بين أبطال يشاركونها البطولة أو في أدوار ثانية حيث يلعبون دائما أدوارا كوميدية يساندونها ولكن وبنفس الوقت يفسحون لها المجال دائما لتكون في الصدارة لأنها هي البطلة التي يريد أن يسمعها ويشاهدها جمهور دور العرض".
وعن الأسلوب الذي رسمت به شخصيتها الفنية قال عبد الرحيم: "حافظت نجاة الصغيرة منذ أول فيلم لها وهي طفلة حتى آخر أفلامها على صورة رسمت لها ومضت فيها وهي الصورة الرومانسية الرقيقة الملائكية، كانت دائمًا في هذا الشكل في جميع أدوارها السينمائية وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلها تتوقف تماما عن الخوض في أي بطولات سينمائية جديدة لنصف قرن تقريبا أي منذ آخر أفلامها "جفت الدموع" 1975 إخراج حلمي رفلة.
لم تكمل نجاة الصغيرة سن الأربعين حينما اعتزلت السينما لتكون في ذاكرتنا وخيالنا هذه الشابة الرقيقة التي لها هذا الوجه الجميل والصوت الملائكي. وهكذا سنتذكرها دائما".