فيصل عبد العاطي.. يكتب.. وداعًا لوالدنا الحاج محمود العربي
في مشهد مهيب وجنازة شعبية شاركت فيها كل الفئات المجتمعية من مسئولين ورجال أعمال وإعلاميين وصحفيين ورجال وسيدات كبار السن وشباب من الجنسين وأطفال تم تشييع جثمان والدنا الحاج محمود العربي رجل الأعمال المصري المعروف ، وشهبندر تجار مصر الذي كان وسيظل نموذجًا يحتذى به في خدمة بلده ، وقدم الكثير من الأعمال الاقتصادية والصناعية بصفة خاصة" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ووسع مدخله وأكرم نزله واغسله بالماء والثلج والبرد اللهم آمين يارب العالمين".
والمشهد غير المسبوق واللافت للنظر هو تَجمُع الطلبة وصغار السن ممن أنشأ لهم الحاج محمود العربي كُتاب لتحفيظ القرآن من أهل قريته بالمنوفيه علي هيئة حلقة أمام مقبرته لتلاوة القرآن علي روحه بوجوه ملائكية ؛ فعلا من زرع طيب حصد اطيب ومن زرع خير حصر خيرا منه . شكرا لهذا الرجل الإنسان العظيم الف رحمه ونور عليه .
وكذلك المشهد الاخر اللافت للنظر هو تناول السوشيال ميديا حالة وفاة الحاج محمود العربي وما تم ولا يزال يتم تناولة عن هذا الراحل العظيم والدعاء له من كل مكان ممن يعرفة ومن لا يعرفه لدرجة اتصل بي اكثر من صديق لي ومن مناطق في محافظات مختلفة متسائلين عن حب الناس الرهيب له وكم الدعاء واصفين ما يحدث بان هذا الرجل بينه وبين ربه حاجات كثيرة وكبيرة لا يعلمها الا الله وقالوا ان ما شهدناه في جنازة الحاج محمود العربي شيئا نادرا ويدعو للفخر بمثل هذا الرجل ربنا يدخله فسيح جناته.
الحقيقة على مدار سنوات عمري الماضية لم أر هذا المشهد المهيب لجنازة إنسان من قبل وخروج الآلاف لوداعه وسط دعاء من وجوه تبدو صافية متضرعة إلى الله أن يتغمده برحمته ، ويدخله فسيح جناته ، حتى أن الكثيرين تساءلوا عن سر علاقة هذا الرجل الطيب الحديث والفعل والسمعة بربه ليخرج هذا العدد المهول لوداعه وسط دعواتهم متسائلين "ماذا بينك وبين ربك لتنال كل هذه المحبة؟ "
الأمر النادر والمهم والملاحظ بقوة من الكثيرين ، هو أنه عقب صلاة الجمعة وبعد الصلاة على والدنا الحاج محمود العربي من مسجد العربي بأبي رقبة بالمنوفيه علمنا أن مساجد كثيرة في محافظات مختلفة بل في دول خارجية دعت له بظهر الغيب عقب صلاة الجمعة ، يا له من إنسان طيب وتاجر مع الله ،ومن يتاجر مع الله يكون له سندًا ، ومن يكون الله له سندا يفوز فوزًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.
وجاء نجاح الوالد الحاج محمود العربي ليكون فخرًا لنا جميعًا ومثال يحتذى به ، حتى أن معظم الفئات الشعبية تشيد به كرجل عصامي كافح ، حتى أن وفقه الله وكتب له النجاح رغم بدايته البسيطة فمقولته الشهيرة الشاطر اللي يكسب الدنيا والآخرة "يعني يتقي ربنا في كل تصرفاته ، ودائمًا يضع ربنا نصب عينيه ومن ينس الله سينساه الله" ،وهذا سر نجاحه.
والدنا الحاج محمود العربي كان يتسلح بسلاح الإنسانية والطيبة ،ويتسابق لإرضاء الله بأفعال الخير ، ويشهد له القاصي والداني بفضل إنسانيته ودوره الصناعي والخيري والخدمي ، وكان له أياد بيضاء وسطر تاريخًا مشرفًا لنا جميعًا رغم بدايته البسيطة والمطبات الصعبة التي واجهته خلال حياته العملية ، ولكن بإيمانه بالله وإصراره على النجاح والتجارة مع الله أصبح من أهم رجال الأعمال والصناعة في مصر ، بل وذهبت تعاملاته وسمعتة الطيبة إلى الدول العربية والإفريقية والأوروبية.
كانت لقاءاتي بوالدنا الحاج محمود العربي ، مؤثرة في حياتي من كلماته وتعبيراته وبساطته وثقته بالله وبنفسه فيما يقول وفيما يفعل ، مستندًا على علاقته بربنا وهذا سر نجاحه. ومن ضمن المرات التي التقيته كان مجتمعًا بعدد من منتسبي ورؤساء الغرف التجارية وقال لهم بالنص" لما تضيق عليك في شغلك وظف ناس علشان ربنا يزيدك ويوسع رزقك" ، حتى أن البعض منهم تعجب من هذه المقولة لبضع دقائق بسيطة ، ثم قالوا فعلًا هذا الرجل علاقته بربنا طيبة وكلامه صحيح ؛ لأن الرزق من عند الله ".كلمات وجمل مفيدة كثيرة ومتنوعة تميز بها والدنا الحاج محمود العربي ، ولكن تقريبًا جميعها كانت ترتبط بضرورة مراعاة ربنا وتوطيد العلاقة به "التجارة مع الله".
والدنا شهبندر تجار مصر لم يترك لنا تاريخ خيري وإنساني واجتماعي واقتصادي ستفتخر به كافة الأجيال؛ ولكن ترك لنا أيضا ثروة بشرية من ابنائة واحفادة المحترمين المهذبين حافظين المبادئ والقيم المصرية الأصيلة ليكونوا خير خلف لخير سلف ؛ ترك لنا شخصيات وطنية إنسانية تسير علي منهجة في مناحي الحياة المختلفة .
وداعًا لوالدنا الحاج محمود العربي شهبندر تجار مصر.. وشكرًا على تاريخ حافل بالإنجازات ستتوارثه ، وتنتفع به الأجيال المتعاقبة ..ربنا يغفر له ويدخلة فسيح جناته ويجعل أعماله الصالحة في ميزان حسناته.
كاتب المقال فيصل عبد العاطي المستشار الاعلامي للغرفة التجارية بالقاهرة ومقدم برنامج الشهبندر على قناة الحدث اليوم