في الذكرى الـ ٩٣ لوفاة رئيس وزراء مصر الاسبق عبد الخالق ثروت.. لمحات من حياته كأحد رواد العاصمة
هو عبد الخالق ثروت باشا (1873 - 1928)، رئيس وزراء مصر في عهد الملك فؤاد الأول. تولى رئاسة الوزراء لفترتين من 1 مارس 1922 إلى 30 نوفمبر 1922، ومن 26 أبريل 1927 إلى 16 مارس 1928.
ولد عبد الخالق ثروت في درب الجماميز عام 1873. والده "إسماعيل عبد الخالق" من كبار المسئولين عن الشئون المالية في عهد الملك فؤاد الأول، وأمه تنتمي إلى أصول تركية. جده "عبد الخالق أفندي" كان من كبار الحكام في أوائل عهد محمد علي"، وقيل أنه يمت لأسرة محمد علي بصلة قرابة.
والتحق بالمدرسة التوفيقية وتخرج فيها سنة 1886، ثم التحق بكلية الحقوق، وتخرج فيها عام 1889، وكان واحدًا من مؤسسي أول مجلة مصرية للقانون.
عين في قلم قضايا الدائرة السنية، ثم انتقل إلى نظارة الحقانية واستمر يرتقي درج الوظائف القضائية حتى أصبح مستشارًا بمحكمة الاستئناف الأهلية.
تولى الادعاء ضد المجموعة التي اتهمت باغتيال بطرس غالي باشا سنة 1910.
اختير وزيرًا للحقانية في وزارات حسين رشدي باشا الأولى والثانية والثالثة والرابعة.
اختير وزيرًا للداخلية في وزارة عدلي يكن باشا الأولى (16 مارس 1921 -24 ديسمبر 1921).
شكل وزارته الأولى (الأول مارس 1922 - 29 نوفمبر 1922)، واحتفظ فيها بوزارتي الداخلية والخارجية.
تعتبر قمة أعماله السياسية في الوزارة الأخيرة انتزاعه ما عرف بتصريح 28 فبراير 1922 من إنجلترا، وبموجبه اعترفت بمصر دولة مستقلة ذات سيادة مع تحفظات أربعة (إعلان 15 مارس 1922)، وتغير لقب فؤاد من السلطان إلى الملك، ووافقت الحكومة البريطانية على السماح لمصر بإرسال بعثات دبلوماسية للخارج، وقد بدأ ذلك عام 1923، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ الفتح العثماني لمصر عام 1517، أن تبعث مصر بسفراء إلى العالم الخارجي.
عين وزيرًا للخارجية في وزارة عدلي يكن الثانية (7 يونيه 1926 - 21 إبريل 1927).
شكل وزارته الثانية الائتلافية في (25 إبريل 1927 - 16 مارس 1928)، واحتفظ بمنصب وزير الداخلية فيها، ولكنه قدم استقالته علي أثر رفض مجلس النواب لنتائج مفاوضاته مع تشامبرلين.
أنشأت في عهده وزارة الخارجية التي ألغيت في عهد الحماية البريطاني عام 1914، وأصبح له حق الاتصال بالحكومات الأجنبية ومقابلة السفراء.
قام بتشكيل لجنة من كبار رجال مصر، لتضع دستور 1923، وفقًا للنظم السائدة آنذاك.
قام بتعديل قانون تحقيق الجنايات، وتغيير بعض لوائح المحاكم المختلطة.
ألغى وظائف المستشارين الإنجليز في الوزارات الحكومية، باستثناء مستشاري المالية والحقانية، وقصر مهمتهما علي إبداء الرأي والمشورة.
أبطل حضور المستشار المالي الإنجليزي جلسات مجلس الوزراء.
قام بمراحل المفاوضات في شأن جلاء الانجليزعن مصر (مفاوضات سنة 1927- 1928 أو مفاوضات ثروت وتشمبرلن)
كان له – بالإضافة إلى دوره السياسي والوطني البارز - أدوار اجتماعية ومشاركة مجتمعية في مناحي عديدة، حيث تولي منصب رئيس النادي الأهلي في الفترة من 1916- 1924 ضمن العديد من الشخصيات الكبيرة والبارزة التي تعاقبت على رئاسة النادي.
كما أنه كان خطيبًا مفوهًا لمجموعات معينة كالمحامين والموظفين والمهنيين. وعندما سمعه "سعد زغلول" يتحدث في افتتاح الجامعة، قال "سعد" دون تردد: "إن خطابه أحسن الخطب تلاوة وإلقاء ومعنى وعبارة" ولقد طرب "ثروت" عندما سمع كلام "سعد باشا" عنه.
كان ثروت صديقًا حميمًا للدكتور طه حسين، قال عنه طه حسين: "إن صوته العذب مرآة لنفسه العذبة. وأشهد.. لقد كانت الخصومة السياسية تشتد بينه وبين البعض حتى تنتهي إلى أقصاها. ولكنه يحفظ لهؤلاء الناس في ناحية من قلبه مودة كريمة خالصة". كما قال عنه : " كان عظيم مصر، رجاحة حلم، ونفاذ بصيرة، وذكاء فؤاد، وسعة حيلة وتفوقا في السياسة " وخلال أخرى كثيرة.
لقد كان ثروت على صلة بطه حسين، منذ أن كان ثروت وزيرًا للحقانية
حيث قدمه له أحمد لطفي السيد في أعقاب اجتماع لمجلس إدارة الجامعة المصرية. وتتبدى هذه العلاقة الحميمة في الإهداء الذي قدم به د. طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي إلى عبد الخالق ثروت باشا.
إلى حضرة صاحب الدولة عبد الخالق ثروت باشا
سيدي صاحب الدولة: كنتُ قبل اليوم أكتبُ في السياسة، وكنتُ أجد في ذكرك والإشادة بفضلك، راحة نفس تحب الحق، ورضا ضمير يحب الوفاء. وقد انصرفتُ عن السياسة وفرغتُ للجامعة وإذا أنا أراك في مجلسها كما كنتُ أراك من قبل، قويّ الروح، ذكي القلب، بعيد النظر، موفقا في تأييد المصالح العلمية توفيقك في تأييد المصالح السياسية. فهل تأذن لي أن أقدم إليك هذا الكتاب مع التحية الخالصة والإجلال العظيم؟
طه حسين 22 مارس سنة 1926 م
كما ساهم في نشر العلوم والمعارف، حيث شاعت طباعة الكتب على يديه هو ورجال من أمثال الشيخ محمد عبده بعد أن عرفت مطبعة بولاق، وجاء ذلك في مطلع القرن العشرين. فشارك في طباعة كتاب " المخصص" وهو من كتب التراث النادرة الذي بدأ طبعه بمطبعة بولاق عام 1898م، وتمت الطباعة سنة 1903م أي استغرقت طباعته خمس سنوات.
ولم تكن مشاركة عبد الخالق ثروت باشا في طبع المخصص هي الوحيدة في هذا المجال، بل أشار على دار الكتب المصرية بطبع كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لما له من أهمية كبيرة في إبراز تاريخ مصر وحضارتها، ولما كان للأوربيين من اهتمام بالغ به.
تم إطلاق اسمه على شارع كبير في قلب القاهرة (شارع عبد الخالق ثروت).
توفي عبد الخالق ثروت باشا في يوم 22 سبتمبر 1928.