«هيكل» بين 3 رؤساء.. كان صديقاً لعبد الناصر واختلف مع السادات ومبارك
لم يقترب صحفي في العالم من نظم الحكم في بلده كما فعل محمد حسنين هيكل، فرغم دخول "الأستاذ" عالم الصحافة في العهد الملكي إلا أن ثورة يوليو كانت حدث فاصل في حياته كما كانت فاصلة في تاريخ مصر، لتبدأ رحلة هيكل ما بين السياسة والصحافة، لتتأرجح علاقاته مع رؤساء مصر من الصداقة إلى العداء.
ومحمد حسنين هيكل من مواليد أحد قرى باسوس بمحافظة القليوبية في 23 سبتمبر 1923، دخل للصحافة في سن 19 عاماً وهو سن صغيرة نسبياً، من خلال مجلة "الايجبيشيان جازيت" وغطى العديد من معارك الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل إلى مجلة "آخر ساعة"
صداقة عبد الناصر
مع ثورة يوليو 1952، تابع هيكل بحسه الصحفي تحركات الضباط الأحرار، ومن خلال تغطيته لتحركات الجيش ورحيل الملك وتشكيل الوزارة، تقارب هيكل وعبد الناصر بصورة كبيرة، وذلك رغم أن القيادة كانت في الشهور الأولي في يد الرئيس محمد نجيب.
طوال فترة حكم عبد الناصر كان الصحفي الأهم في مصر، فكان معبراً عن رؤية عبد الناصر ومبشراً بأفكاره، وهو ما اتضح في طلب عبد الناصر من هيكل أن يتولى تحرير كتاب ناصر حول أفكار الثورية، والذي صدر بتاريخ 1953.
وفي عام 1956 عرض عبد الناصر على هيكل تولي رئاسة تحرير الأهرام إلا أنه رفض، ليقبل عام 1957، ويظل في منصبه لمدة 17 عاماً، طور فيها الصحيفة المصرية العريقة، كما أسس عقب نكسة يونيو مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ليصبح من أوائل مراكز الدراسات في العالم العربي.
وتعد النقطة الأهم في علاقة ناصر وهيكل هي خطاب التنحي الذي صاغه هيكل لعبد الناصر، واستطاع به كسب تعاطف الشارع الذي خرج في اليوم التالي رافضاً تنحي عبد الناصر.
وفي عام 1970 تولى هيكل وزارة الإرشاد القومي، ولكن جاء في المرسوم استمرار هيكل إلى جانب الوزارة في منصبه كرئيس تحرير لجريدة الأهرام.
ومع رحيل عبد الناصر، ومع الهجوم على فترة حكم عبد الناصر في الصحف والسينما تولى هيكل حملة الدفاع عن عبد الناصر ليكتب عدة مقالات جمعت بعد ذلك في كتاب "لمصر لا لعبد الناصر".
السادات والعداء
كانت العلاقة بين الرئيس السادات وهيكل علاقة جيدة في بدايتها، فكان الأستاذ من أوائل الداعمين لتولي السادات للرئاسة، وكان كاتب الخطابات الرسمية التى ألقاها السادات، كما كان داعم للسادات في أزمة مراكز القوى.
إلا أن النقطة الفاصلة في علاقة السادات وهيكل كانت في فبراير عام 1974، حيث قرر السادات إقالة هيكل من منصبه كرئيس تحرير لجريدة الأهرام، والحاقه بقصر عابدين كمستشار لرئيس الجمهورية إلا أن هيكل رفض ذلك وقال عبارته الشهيرة "إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي، وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي.. وفقط".
ومع بداية تحرك السادات تجاه معاهدة السلام مع اسرائيل، اشتعل الخلاف بين السادات وهيكل، حيث هاجمه هيكل بشراسة واعتبر أنه خرج عن خط عبد الناصر، وهو ما جعله الاسم الثاني في قائمة اعتقالات السادات المعروفة بقائمة سبتمبر 1980.
وبعد وفاة السادات كتب هيكل كتابه "خريف الغضب" وهو الكتاب الذي هاجم السادات بضراوة.
مبارك وهيكل
عقب اغتيال الرئيس السادات قام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك خلال عهده بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين واستقبلهم وكان على رأسهم محمد حسنين هيكل، وأصدر بعدها كتاب "مبارك من المنصة للميدان"، كما أعلن دعمه له.
بدأت العلاقة بين هيكل ومبارك تتوتر عام 1994 بسبب مقال عن الأقليات، وفي أثناء أزمة تمرير قانون 1995 الخاص بالنقابات قال هيكل "إن هذا القانون في ظني يعكس سلطة شاخت في مواقعها وهي تشعر أن الحوادث قد تجاوزتها"، وهو ما كرره في محاضرة بالجامعة الأمريكية عام 2002 حين هاجم مخطط توريث جمال مبارك قائلاً: “إن السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية”.