صلاح منصور العمدة الحزين ووالد الشهيد
من الفنانين الكبار الذين قدموا شهداء للوطن نجد الفنان الكبير صلاح منصور، الذي أجاد فن التمثيل بدرجة عرضته للقتل من جراء ذلك فعندما قام بتمثيل دور الطاغية الوحشي الإمام بن يحيى، في فيلم «ثورة اليمن»، عام 1966، وكان لفيلم يصور في اليمن ونتيجة إتقانه للدور قام الجمهور فى اليمن بضربه بل ومحاولة قتله وذلك اثناء تصويره بعض المشاهد في شوارع اليمن ولم ينقذه من الجمهور الغاضب سوى الأمن اليمني. هذا الفنان العظيم الذي هو عمدة السينما المصرية حيث قدم دوره الخالد للعمدة الظالم في فيلم "الزوجة الثانية" عام 1967، من إخراج صلاح أبو سيف وبطولة سعاد حسني وشكري سرحان. ومع هذه الإجادة العالمية لفن التمثيل إلا أن حياته الشخصية كانت مليئة بالهموم والأحزان بسبب ابنه الأصغر هشام، الذي أصيب بضمور في أعضائه، وكان يسافر معه كل عام إلى لندن، لعلاج الصمم والتخلف.
وفي حرب 1973 شارك ابن الفنان صلاح منصور في الحرب جنديا وكان أحد الأبطال الشهداء في المعركة، وعندما جاء لصلاح منصور، خبر استشهاد نجله وزع حلويات على جيرانه والمارة في شارع منزله واحتسب ابنه شهيدا عند الله من أجل مصر فكان على ألمه وحزنه سعيدا. وفي حفل تكريم أسر الشهداء، عانق منصور الرئيس السادات وبكى في حضنه وتبرع بمكافأة ومعاش ابنه الشهيد لتسليح الجيش المصري.
واستمرت رحلة صلاح منصور مع علاج ابنه الأصغر في لندن حتى نفدت أموال صلاح منصور، فتقدم بطلب علاج لنجله على نفقة الدولة تمت الموافقة عليه لمدة 3 أشهر،
وبعدها رفضوا تجديده، وصادف حينها زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للعاصمة البريطانية لندن، والتقى السادات هناك الجالية المصرية في السفارة وطلب منه الفنان الراحل، مد فترة علاج ابنه ووافق الرئيس على الأمر "شفاهية"، ولكن "منصور" أصر على أن يكتب السادات القرار حتى يطمئن قلبه وهو ما نفذه السادات، وبعد 10 سنوات من رحلة المرض وشهور من موافقة السادات توفى الابن بعد إجرائه عملية جراحية في لندن. وفاة هشام كانت بمثابة الصدمة لمنصور، فأصيب بصدمة عصبية، وبدأت تداهمه الأمراض، فعانى من سرطان في الرئة وتليف في الكبد، ومع ذلك، أخفى ألمه عن كل من حوله.
دخل صلاح منصور لمستشفى العجوزة، وكانت معه زوجته وابنه الأكبر مجدي، وكانت آخر كلماته التي قالها لهم وفقا لزوجته: "لا تبكوا، فقد عشت عمري وأنا أكره أن أرى الدمع في عيونكم، ولن أحبها بعد موتي". وفي يوم الجمعة 19 يناير عام 1979 رحل صلاح منصور عن عمر يناهز 56 عامًا، وبعد وفاته تقدمت أرملة الفنان الراحل بطلب للرئيس السادات لصرف معاش استثنائي بسبب ضيق ذات اليد، ووافق السادات على طلبها، تقديرا لما قدمه صلاح منصور لمصر وللفن.