الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب .. كمال أبو عيطة .. مناضل بدرجة وزير
فى إحدى حوارى الشرابية .. ذلك الحى العريق الذى أشرف بالانتماء إليه وفى عزاء سيدة فاضلة سليلة عائلة أصيلة إلتقيت بواحدا من رموز العمل الوطنى والذى له باع طويل فى العمل النقابى والسياسى والبرلمانى وأيضا الحكومى وهو المناضل الكبير كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة فى حكومة الثورة الحقيقية " ثورة 30 يونيو المجيدة " .. ذلك الرجل الأصيل الذى لم يدخر جهدا فى تقديم الواجب مهما كانت الظروف وحتى لو كان ذلك فى حارة من إحدى حوارى حى شعبى ليضرب مثلا عظيما فى التواضع وعدم التعالى.
وهذا الأمر لم يكن غريبا على رجلا إستطاع بفضل مواقفه الوطنية أن يسجل إسمه بأحرف من ذهب فى دفتر أحوال الوطن فكان ومازال واحدا من رجال الوطن الشرفاء الذين يدركون معنى الوطنية الحقة ويقدسون العمل القائم على العدل ورفع الظلم خاصة عن البسطاء من أبناء الوطن وتحديدا العمال الكادحين ورجلا عاشق للنضال يبحث عن تحقيق الرقى والتنمية الحقيقية لمصر محافظا على مقدرات الوطن رافضا للتفريط فى أيا منها.
جلست بجانبه وإسترجع خيالى مواقف هذا البطل الوطنى لمواجهة القهر والظلم الواقع على عمال مصر .. تذكرت مواقفه النبيلة التى كانت بمثابة نبراسا أضاء حركة الكفاح العمالى تحركه ثوابت العشق للوطن والحفاظ على كرامة المواطن سواؤ كان عاملا أو فلاحا راسخا فى وجدانه ميراثا مجيدا زرعه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى قلب كل وطنى مخلص للوطن وللعروبة .. تذكرت وقفته الشجاعة فى وجه مبارك وحاشيته غير مكترثا بأى عواقب للأمور وبخاصةتلك الوقفة المؤيدة لإعتصامات عمل وموظفى الضرائب العقارية عام 2007 ومطلع عام 2008 ساعيا نحو تنفيذ مطالبهم العادلة والمتعلقة بمساواتهم بباقى موظفى الضرائب.
تذكرت أيضا كيف كانت مثل هذه المواقف النضالية سببا فى الإطاحة بالحكم المستبد لرجال الحزب الوطنى الذين عاثوا فى الأرض ظلما وفسادا وجورا ولعبت دورا مؤثرا فى إشعال نار الغضب فى صدور رجال الوطن الشرفاء حتى تحقق لهم النصر على تلك الفئات الضالة التى قبعت على حكم مصر لعقود متتالية.
ومر بخاطرى حوارا له حين كان وزيرا للقوى العاملة مع جريدة الأهرام حيث قال " أن واقع عمال مصر ليس ورديا لكنه ليس قاتما فالمرحلة ليست سهلة وتحتاج الي عمل طويل من أجل ان يكون هناك استقرار في سوق العمل التي كثيرا خلال سنوات ليست بالقصيرة دون أي نتائج ايجابية علي المدي الطويل مما أشعل الاضربات والاعتصامات العمالية علي مدي السنوات الماضية منذ عام2006 نتيجة الاوضاع السيئة التي عاناها العمال " ..
وتذكرت أيضا مقولة عظيمة تدل على الفكر المستنير الواع المدرك لحقيقة الحياة حيث قال فى هذا الحوار أيضا " عندما عرض علي المنصب الوزاري كانت لي مطالب اذا نفذتها الحكومة فسأقبل المنصب وتلقيت تطمينات بذلك فكرسي الوزارة لا يدوم ويوما سأعود في صفوف النقابات مرة أخري وانا لم أغير مواقفي تجاه القضايا العمالية ولن أتراجع عن ميادئي التي حاربت من أجلها لصالح العمال واعتصمت وطالبت بها في الشارع وتظاهرت من أجل تحقيقها وسأظل علي موقفي حتي آخر يوم لي في الوزارة ".
كل هذه الموقف جالت بخاطرى حين جلست بجانب ذلك الفارس الوطنى الكبير ثم دار بيننا حوار سريع عما يحدث الآن من أمور عامة وحين تطرق الحديث عن إحدى الروح الوطنية العظيمة التى قررت الحكومة ذبحها فى غرابة شديدة وهى شركة الحديد والصلب طلت من عين الوزير السابق علامات حزن دفينة تحمل الكثير من المعانى الغاضبة على إتخاذ مثل هذا القرار والذى كانت له بدائل أخرى عديدة ولكن الحكومة ممثلة فى وزير قطاع الأعمال هشام توفيق إختارت القرار السهل وهو تصفية هذا العملاق الصناعى العظيم .. علامات الحزن هذه التى إرتسمت على وجه المناضل الكبير كافية لأن ندرك مدى الجرم الذى إرتكبته الحكومة فى حق الصناعة الوطنية.
وبعد إنتهاء اللقاء بالرجل العظيم كمال أبو عيطة رحت أفتش فى قائمة وزراء مصر فى الحكومة باحثا عن نموذج يتمتع بهذا التاريخ من النضال الوطنى فلم أجد وتمنيت ونحن مازلنا فى مرحلة ثورية أن تضم الحكومة مثل هذه العناصر التى تتمتع بالنضال الحقيقى والكفاح القائم على تحقيق الرقى بالوطن و التى لا تبحث عن منصب شخصى أو وجاهة إجتماعية بل تكون مهمومة بالمشاكل التى تحيط بالوطن تسعى بكل ما أوتيت من جهد أن تقضى على تلك المشاكل ليعم الرخاء المنشود ويتحقق العبور الحقيقى نحو مستقبل مشرق لمصرنا العظيمة.