في ذكرى رحيل عملاق المسرح.. ”يوسف وهبى” ابن الأكابر المتهم بالجنون
يمر اليوم 39 عامًا على رحيل عملاق المسرح وأحد رواد الفن الفنان الكبير يوسف وهبى، الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم من عام 1982، بعد رحلة عطاء فنى كبيرة وثرية أعطى فيها الكثير، وأبدع فى العديد من مجالات الفن فى التمثيل والتأليف والإنتاج والإخراج المسرحى والسينمائى وقضى عمره عاشقًا للفن حتى آخر لحظات حياته، وتخرج من مدرسته وفرقته فرقة رمسيس العديدد من رواد الفن وعمالقته.
وخاض يوسف وهبى خلال مشواره الفنى والإنسانى العديد من المعارك أولها مع أسرته التى رفضت عمله بالفن، كما مر بالعديد من الأزمات مع الأزهر وعلمائه.
ولد يوسف بك وهبى فى 17 يوليو عام 1898 فى مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف فسماه والده عبد الله باشا وهبى الذى كان يعمل مفتش رى بالفيوم "يوسف" تيمنا باسم سيدنا يوسف الصديق، وكان ينتمى لعائلة من أعيان الفيوم ولا زالت آثارها بالمحافظة حتى الأن ومنها "مسجد عبد الله بك" أحد أكبر المساجد بالفيوم.
و كانت بداية علاقة يوسف وهبى بالتمثيل عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى "سليم القرداحى"، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة، لكن والده وعائلته أرادت إبعاده عن هذا المجال الذى رأت فيه عارا على العائلة، حيث كان ينظر إلى الممثل على أنه شخص لا يعتد به ولا بشهادته أمام المحاكم ، لكنه أصرعلى موقفه والتحق بالعمل فى السيرك، حيث عمل مصارعًا فى (سيرك الحاج سليمان) وتدرب على يد بطل الشرق فى المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصرى.
ومع إصرار يوسف وهبى على موقفه فى العمل بالفن، طرده والده، فهرب إلى إيطاليا بإغراء من صديقه القديم محمد كريم، وغير اسمه إلى رمسيس، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وعاد إلى مصر سنة 1921، بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا، والذى ترك له ولأخوته ثروة كبيرة.
وفى حوار للفنان الكبير يوسف وهبى، قال إن اسمه نشر لأول مرة عام 1916 فى جريدة المقطم، حيث كان فارس نمر أحد أصحاب الجريدة صديقاً لوالده، وكتب ذات مرة يصف فيها مأساة أب يبكى على مستقبل ابنه الذى أصابه الجنون وعشق «التشخيص» أى فن التمثيل الذى كانت ترفضه العائلات الكبيرة، وقال فى مقاله: «إن لصديقنا عبدالله وهبى ولدا اسمه يوسف، صغير السن ولكنه أصيب بالجنون ويريد أن يشتغل بالتشخيص».
وأسس يوسف وهبى فرقة رمسيس التى كانت حاضنة لعمالقة الفن وتخرج منها العديد من عمالقته، كما كان رائداً فى العمل السينمائى.
وخلال مشواره الفنى خاض يوسف وهبى أكثر من معركة مع الأزهر ورجال الدين خاصة أنه كان ينوى تجسيد شخصية سيدنا محمد فى فيلم سينمائى عام 1926 وواجه معارضة وهجوما شديدا وصل إلى حد التهديد بسحب جنسيته، وكانت هذه المحاولة سببا فى إصدار الأزهر لفتواه بتحريم تجسيد الأنبياء والصحابة، ووقتها قال يوسف وهبى أنه وافق على القيام بالدور بهدف الدعوة التعريف بالرسول الكريم والدين الإسلامى، وتراجع عن الفكرة واعتذر عنه بعد الهجوم الشديد الذى قوبلت به.
أما الازمة الثانية فكانت فى عام 1929، حيث كان مسرح رمسيس في قمة نجاحه وازدهاره، ووقتها جلس يوسف وهبى مع عدد من أصدقائه يتحدثون عن عيد الأضحى الذى كان اقترب ويبقى عليه أيام، وحينها حكى أحد الأصدقاء عن صديقه الذى طلق زوجته بسبب خروف العيد، حيث طلبت الزوجة من زوجها شراء خروف العيد ولكن لم يكن متوفرًا معه من المال ما يكفى لشراء الخروف، فنشبت بينهما مشاجرة، بعد أن حاول إقناعها بهدوء بأنه لن يستطيع شراء الخروف في هذا العام وانتهى الخلاف بالطلاق.
وتأثر يوسف وهبى بهذه القصة وقرر أن يقدمها في مسرحية جديدة أدخل فيها بعض المشاهد عن الخلافات الزوجية التي تحدث بسبب مطالب العيد من كعك وخرفان، وقال على لسان بطل المسرحية أن هذه المطالب اخترعها الأغنياء ليغيظوا بها الفقراء.
وعندما عرضت المسرحية على الرقيب رفض هذه المشاهد، ورأى أن خروف العيد ليس بدعة وإنما شعيرة من شعائر الدين الحنيف، كما عرض الأمر على مشيخة الأزهر، فوافقت على رأى الرقيب، واضطر يوسف وهبى إلى تعديل هذه المشاهد، بحيث نصح الزوجات ألا يرهقن أزواجهن بطلبات العيد إذا لم تكن حالتهم المادية تسمح.