أبو الغيط يدعو الإعلام العربى إلى التركيز على مفهوم الدولة الوطنية
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن الإعلام رافدٌ أساسي من روافد التنمية في العالم العربى، حيث لا يُمكن أن تُثمر جهودُ التنمية من دون وعيٍ جماهيري بضرورتها، وإدراك شعبي للصعوبات والتحديات الكبيرة التي تعترض طريقها.
وأضاف أبو الغيط، فى كلمته أمام الجلسة الختامية لمؤتمر الإعلام العربى، أن الإعلام هو خط اتصال جوهري بين الحكومة والناس، فمن خلاله تتبلور لدى الحكم صورة عن القضايا التي تشغل الجمهور، وعن طموحاته وأحلامه من أجل المستقبل، بينما يعرف الجمهور محددات العمل الوطني، وخطط الحكومات وأهدافها.
وأوضح أنه إذا انقطع هذا الخط الواصل بين الحكومة والجمهور، فإن الفجوة تتسع بينهما، فتفقد الحكومة الشعور بنبض الشعب، ويفقد الشعب الاهتمام بسياسات الحكومة، وهو وضع يُفضي إلى تعطيل جهود التنمية، وإرباك مسيرة العمل الوطني.
واستطرد الأمين العام، أن دور الإعلام في صناعة الوعي لا يُمكن التقليل منه، وقد كشفت أحداث العقد المنصرم في العالم العربي عن المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها اختراق العقل، والتشويش على الفهم والإدراك بسيل من المعلومات المتناقضة والزائفة التي تتدفق على مدار الساعة من كل حدب وصوب، فتكتسح الحقائق أمامها في تدفقها الهادر.
وقال أبو الغيط: "لقد أشار البعض إلى أننا نعيش ما يُسمى "عالم ما بعد الحقيقة" من فرط الكم الهائل من المعلومات الزائفة التي يجري تناقلها في الفضاء الرقمي بسرعة غير مسبوقة.. ولم تعاني بلادنا العربية وحدها من هذه الظاهرة، بل إن دولاً كبرى -مثل الولايات المتحدة الأمريكية- وجدت نفسها في مواجهة هذا التحدي الصعب الذي تفرضه تكنولوجيات العصر الرقمي والتواصل الاجتماعي، وسرعة تناقل وتبادل المعلومات، والإمكانيات الهائلة لصناعة المحتوى على نحو يخدم أهدافاً سياسية معينة، أو يُعزز أفكاراً بعينها."
وأضاف أن صيانة العقل والوعي الجمعي لا تقل أهمية عن تأمين الحدود والتراب الوطني، حيث قد تتسرب إلى العقل أفكارٌ تهدم الأوطان من داخلها وتجعلها فريسة للاستقطاب الحاد، أو عرضة للتدخلات الخارجية والأجندات الأجنبية.
وأوضح الأمين العام أن ثمة عاملا مشتركا بين الأزمات الأمنية والسياسية الخطيرة التى تشهدها بعض الدول العربية، وهو التراجع الخطير لمفهوم الدولة الوطنية، عبر خطاب إعلامي يقوم على التحريض والتخوين المتبادل، وتقسيم أبناء الوطن الواحد على أساس الدين أو العرق، أو الانتماء الطائفى، حيث يختفى علم الدولة، رمز وحدتها وسيادتها، ويظهر بدلاً منه علم القبيلة أو الطائفة أو الجهة.
وهنا، شدد أبو الغيط على مسؤولية الإعلام العربى لمواجهة هذا الخطاب المدمر، الذي قاد إلى التفكيك والتفتيت، وأشاع الكراهية وجعل استحلال الدم وإرهاب الأبرياء هدفاً مشروعاً، موضحا أن هذا الخطاب حاضر، بصور شتى، في الفضاء الالكتروني، بل والتليفزيوني، وهو يُشكل المظلة التي تحتمي بها قوى الإرهاب والطائفية، لتبرر أهدافها والوسائل البشعة التي تستخدمها في تحقيق هذه الأهداف.
وشدد أن إعلاماً بلا حرية يفقد معناه ومصداقيته، ولكن إعلاماً بلا مسئولية يُمكن أن يتحول إلى ثغرة خطيرة في الوعي الوطنى.
وأضاف أبو الغيط أن الإعلام العربي لا ينبغي أن تضيع منه البوصلة، وهي مصلحة المواطن وأمن الوطن، موضحا أنه يتعين على الخطاب الإعلامي، وفي ظل التحديات الاستثنائية التي يواجهها عالمنا العربي، أن يُعيد التركيز على مفهوم الدولة الوطنية الذي تعرض للتشويه والتشويش، عن جهل أو قصد.
وأوضح الأمين العام أن الرسالة الأساسية للإعلام العربي في هذه الرحلة تتمثل في غرس قيم الاندماج الوطني، والعيش المشترك وعدم التمييز وتعزيز المشتركات التي تتأسس عليها الجماعة الوطنية، فذلك هو السبيل الأمثل لمواجهة إعلام التحريض، وخطاب الفتنة وتقسيم الأوطان.
وأكد أن خطة التحرك الإعلامي العربي التي أقرها مجلس وزراء الإعلام العرب في عام 2001، وتم تحديثها مرات عديدة لتتماشى مع المتغيرات الحاضرة، بحاجة اليوم إلى تفعيل بنودها بتعاون كافة الجهات الإعلامية العربية، وسيسهل وضع المرصد والمنصة المدمجة عملية تنفيذ الأهداف والأنشطة التي تتضمنها هذه الخطة التي تتناول عدداً من المحور الأساسية أهمها القضية الفلسطينية.
ودعا أبو الغيط الإعلاميين العرب للتنبه لمخاطر الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني بما في ذلك ما صدر مؤخرا عن محكمة إسرائيلية بالسماح لليهود بالصلاة في باحات الأقصى الشريف وهي خطوة خطيرة تمس مشاعر المسلمين في كل العالم، وتشكل تحديا لكل الجهود التي تبذل من أجل استعادة فرص الحل التفاوضي