مصر وتنزانيا علاقات لا تنقطع منذ الاستعمار.. ما أوجه التعاون بين البلدين؟
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بقصر الاتحادية، سامية حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث رحب السيد الرئيس بالرئيسة التنزانية في أول زيارة رسمية لها إلى مصر، معرباً سيادته عن التقدير للعلاقات التاريخية الوثيقة والتعاون المشترك الذي يربط بين البلدين الشقيقين، ومؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع تنزانيا في شتى المجالات، خاصةً على المستوى الاقتصادي والتجاري والأمني، بالإضافة إلى الترتيب لعقد اللجنة المشتركة بين البلدين.
كما أكد الرئيس حرص مصر على دعم الاحتياجات التنموية لتنزانيا، لاسيما في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والصحة والزراعة، من خلال تعظيم استثمارات الشركات المصرية المتخصصة التي أصبحت لديها تجربة وخبرة عريضة في تلك المجالات، فضلاً عن نقل الخبرات وبناء القدرات من خلال الدورات والمنح التي تقدمها مصر للإسهام في بناء الكوادر التنزانية.
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة أسماء الحسيني، نائب مدير تحرير جريدة الأهرام والمتخصصة في الشأن الأفريقي، إن العلاقات بين مصر وتنزانيا علاقات تاريخية وقوية منذ عقود طويلة تتسم بالأخوة والصداقة، وهناك تواصل مستمر بين البلدين في العديد من المجالات.
وتابعت الحسني العلاقات بين البلدين ظلت دائما في إطار التعاون والشراكة خاصة العلاقات الدينية والثقافية واقتصادية، واكتسبت زخما كبيرا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي أثناء الكفاح المشترك من أجل الاستقلال.
وأكملت: "كان هناك علاقة قوية بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس التنزاني جوليوس نيريري الذي زار مصر في زيارة تاريخية وكانت محطة تاريخية في سبيل تعزيز العلاقات بين البلدين".
ولفت الحسيني إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت بجمهورية تنزانيا وأقامت معها العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والدينية.
وأشارت إلي أن مصر حريصة دائما على العلاقات مع جمهورية تنزانيا باعتبارها أحد دول حوض النيل وتربطنا معها علاقات كبيرة، وتطورت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة ووضحت في التبادل المستمر للزيارات المتبادلة بين البلدين والدعم التنزاني لمصر في عام 2014 لعودتها إلى الإتحاد الأفريقي.
وأوضحت الحسيني أن العلاقات بين مصر وتنزانيا تطورت في العديد من المجالات خاصة المجال الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار، وكذلك تحرص مصر على إرسال المساعدات الإنسانية إلى تنزانيا.
وتابعت: "من أوجه التعاون بين البلدين أيضا التعاون في مجال المياه والمجال العسكري والأمني والتعليمي والثقافي".
وعن أبرز أشكال التعاون والدعم بين مصر وتنزانيا، قالت المتخصصة في الشأن الأفريقي، إن أبرز أشكال التعاون بين البلدين يتمثل في الشركات المصرية التي تعمل في تنزانيا خلال السنوات الأخيرة ومنها شركة المقاولون العرب.
وتابعت: "تعمل الشركات المصرية على مشروع تنموي كبيرة في تنزانيا وهو سد جوليوس الذي يعد نقلة نوعية كبيرة في تنزانيا في مجال الكهرباء، حيث من المقرر أن ينتج 1500 ميجا واط من الكهرباء لـ تنزانيا، وغيرها من المشروعات الأخري.
واختتم: "كذلك هناك زيارة الرئيس التنزاني السابق لمصر والرئيسة الحالية، الأمر الذي سينعكس إيجابا على التعاون بين البلدين في المجالات العسكرية والتعليمية والمياه وغيرها من المجالات".
من جانبها؛ أعربت الرئيسة سامية حسن عن تقدير بلادها الكبير لعلاقاتها التاريخية الممتدة والمتميزة مع مصر، مؤكدةً حرص تنزانيا على تطوير تلك العلاقات في مختلف المجالات، لاسيما التعاون التجاري والاقتصادي، فضلاً عن اهتمام بلادها بتعظيم الدعم الفني الذي تقدمه مصر للكوادر التنزانية في مجالات بناء القدرات، وكذا الحصول على دعم الشركات المصرية العاملة في مجال البنية التحتية، خاصةً في ضوء الخطة التنموية الطموحة التي تسعى تنزانيا لتنفيذها، وعلى رأسها مشروع إنشاء سد "جوليوس نيريري"، والذي يمثل نموذجاً يعكس عمق العلاقات المتميزة والصداقة بين مصر وتنزانيا، والذي يعد من أكبر المشروعات القومية في تنزانيا.
كما أشادت الرئيسة التنزانية بالدور المحوري الذي تضطلع به مصر إقليمياً على صعيد صون السلم والأمن، مثمنةً في هذا الصدد المواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى وشرق أفريقيا وحوض النيل، والتي انعكست على الدعم المصري الكبير لحل القضايا العالقة في هذا الإطار في كافة المحافل الدولية والإقليمية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول مناقشة سبل تعزيز أطر التعاون الثنائي بين البلدين على شتى الأصعدة، لاسيما على الصعيد الاقتصادي والتجاري، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات المصرية وتعزيز نفاذ المنتجات المصرية إلى تنزانيا، فضلاً عن التعاون في مجالات الثروة السمكية والإنتاج الحيواني والزراعة، وكذلك التنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، أخذاً في الاعتبار تجربة مصر في نشر مفهوم الإسلام الوسطى الصحيح ومكافحة التعصب الديني والكراهية ودعم الحفاظ على قيم التعايش والتسامح.
كما تطرق اللقاء إلى التباحث حول آخر تطورات قضية سد النهضة، حيث تم التوافق على تكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشأن هذه القضية الحساسة والحيوية، وقد أكد السيد الرئيس الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعب المصري باعتبارها مسألة أمن قومي، ومن ثم تمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم وعادل لملء وتشغيل سد النهضة، وذلك استناداً لقواعد القانون الدولي والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي في هذا الشأن، بما من شأنه أن يعزز الأمن والاستقرار بالمنطقة ككل، ويفتح آفاق للتعاون بين دول حوض النيل، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.
وفي ختام المباحثات؛ شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين الشقيقين في مجالات التعليم العالي، والتربية والتعليم، والشباب والرياضة.