محمد بن سيرين وتفسير الأحلام.. ما يقوله التراث الإسلامى
يعد محمد بن سيرين واحدًا من أشهر الشخصيات فى التاريخ الإسلامي، وذلك بسبب ارتباطه تفسير الأحلام، فما الذى يقوله التراث الإسلامى عن هذه الشخصية؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "ابن سيرين":
أبو بكر بن أبى عمرو الأنصارى، مولى أنس بن مالك النضري، كان أبوه من سبى عين التمر، أسره فى جملة السبى خالد بن الوليد فاشتراه أنس ثم كاتبه.
وقد ولد له من الأخيار جماعة: محمد هذا، و أنس بن سيرين، ومعبد، ويحيى، وحفصة، وكريمة، وكلهم تابعيون ثقات أجلاء، رحمهم الله تعالى.
قال البخاري: ولد محمد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان.
وقال هشام بن حسان: هو أصدق من أدركت من البشر.
كان ابن سيرين إذا ذكر عنده رجل بسوء ذكره بأحسن ما يعلم.
وقال خلف بن هشام: كان محمد بن سيرين قد أعطى هديا وسمتا وخشوعا، وكان الناس إذا رأوه ذكروا الله.
ولما مات أنس بن مالك أوصى أن يغسله محمد بن سيرين - وكان محمد محبوسا - فقالوا له فى ذلك، فقال: أنا محبوس، فقالوا: قد استأذنا الأمير فى إخراجك، قال: إن الأمير لم يحبسني، إنما حبسنى من له الحق، فأذن له صاحب الحق فغسله.
وقال يونس: ما عرض لمحمد بن سيرين أمران إلا أخذ بأوثقهما فى دينه.
وقال: إنى لأعلم الذنب الذى حملت بسببه، إنى قلت يوما لرجل: يا مفلس، فذكر هذا لأبى سليمان الدارانى فقال: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين أتوا. ومثلنا قد كثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى، ولا بأى ذنب نؤخذ.
وكان إذا دعى إلى وليمة يدخل منزله فيقول: ايتونى بشربة سويق فيشربها ويقول: إنى أكره أن أحمل جوعى إلى موائدهم وطعامهم.
وكان يدخل السوق نصف النهار فيكبر الله ويسبحه ويذكره ويقول: إنها ساعة غفلة الناس.
وقال: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه.
وقال: ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم منه وتكتم خيره.
وقال: العزلة عبادة، وكان إذا ذكر الموت مات منه كل عضو على حدته.
وفى رواية: كان يتغير لونه وينكر حاله، حتى كأنه ليس بالذى كان.
وكان إذا سئل عن الرؤيا قال للسائل: اتق الله فى اليقظة، ولا يغرك ما رأيت فى المنام.
وقال له رجل: رأيت كأنى أصب الزيت فى الزيتون، فقال: فتش على امرأتك فإنها أمك، ففتش فإذا هى أمه.
وذلك أن الرجل أخذ من بلاده صغيرا سبيا ثم مكث فى بلاد الإسلام إلى أن كبر، ثم سبيت أمه فاشتراها جاهلا أنها أمه، فلما رأى هذه الرؤيا وذكرها لابن سيرين فأمره أن يفتش على ذلك، ففتش فوجد الأمر على ما ذكره.
وقال له آخر: رأيت كأنى دست - أو قال: وطئت - تمرة فخرجت منها فأرة، فقال له: تتزوج امرأة - أو قال: تطأ امرأة - صالحة تلد بنتا فاسقة، فكان كما قال.
وقال له آخر: رأيت كأن على سطح بيتى حبات شعير فجاء ديك فلقطها، فقال له: إن سرق لك شيء فى هذه الأيام فأتني، فوضعوا بساطا على سطحهم، فسرق فجاء إليه فأخبره، فقال: اذهب إلى مؤذن محلتك فخذه منه، فجاء إلى المؤذن فأخذ البساط منه.
وقال له رجل: رأيت الحمام تلقط الياسمين، فقال: مات علماء البصرة.
وأتاه رجل فقال: رأيت رجلا عريانا واقفا على مزبلة وبيده طنبور يضرب به، فقال له ابن سيرين: لا تصلح هذه الرؤيا فى زماننا هذا إلا للحسن البصري، فقال الحسن: هو والله الذى رأيت !
فقال: نعم، لأن المزبلة الدنيا وقد جعلها تحت رجليه، وعريه تجرده عنها، والطنبور يضرب به هى المواعظ التى يقرع بها آذان الناس.
وقال له آخر: رأيت كأنى أستاك والدم يسيل !
فقال له: أنت رجل تقع فى أعراض الناس وتأكل لحومهم وتخرج فى بابه وتأتيه.
وقال له آخر: رأيت كأنى أرى اللؤلؤ فى الحمأة !
فقال له: أنت رجل تضع القرآن والعلم عند غير أهله ومن لا ينتفع به.
وجاءته امرأة فقالت: رأيت كان سنورا أدخل رأسه فى بطن زوجى فأخذ منه قطعة، فقال لها ابن سيرين: سرق لزوجك ثلاثمائة درهم وستة عشر درهما.
فقالت: صدقت من أين أخذته؟
فقال: من هجاء حروفه وهى حساب الجمل، فالسين ستون، والنون خمسون، والواو ستة، والراء مائتان، وذلك ثلاثمائة وستة عشر.
وذكرت السنور أسود فقال: هو عبد فى جواركم، فالزموا عبدا أسود كان فى جوارهم، وضرب فأقر بالمال المذكور.
وقال له رجل: رأيت لحيتى قد طالت وأنا أنظر إليها.
فقال له: أمؤذن أنت؟
قال: نعم !
قال له: اتق الله، ولا تنظر إلى دور الجيران.
وقال له أخر: رأيت كأن لحيتى قد طالت حتى جززتها ونسجتها كساء وبعته فى السوق.
فقال له: اتق الله فإنك شاهد زور.
وقال له آخر: رأيت كأنى آكل أصابعي، فقال له: تأكل من عمل يدك.