بمناسبة الجن سارق النقود.. هل سمعت عن الجن الشاعر؟
أثير مؤخرا حديث مطول عن الجن وقدرته على سرقة النقود، وغير ذلك، وهو ما يكشف أن العقلية العربية مشغولة بحكايات الجن والغيبيات، وتبحث دائما عن أسانيد تراثية تؤكد كلامهم.
ويكثر الحديث عن الجن فى التراث العربى حتى أن العقلية العربية لا تنكر ذلك أبدا، لكنها تختلف فى طريقة التعامل، والناظر فى التراث العربى يقرأ أشياء مختلفة، منها أن الجن كانوا يكتبون الشعر، ونعتمد فى ذلك على كتاب "شعر الجن فى التراث العربى" لـ عبد الله سليم الرشيد.
وفى خرافاتهم ظهور للجن فهم يرون لهم أثرا فى بعض مظاهر حياتهم، كزعمهم (أن الجن تركب ظهور الثيران إذا وردت البقر الماء فلم تشرب، لأن الجن تصدها عن الشرب، فكانوا يضربون الثيران لتشرب البقر الماء) ومن اعتقادهم فى الجن أنها لا تقرب من علق على نفسه كعب الأرنب، ويرون أن تلطيخ المرء بالقذارة يمنعه الجن.
وللعرب أيضا آراء فى الجن من حيث الخبث وغيره فالسعلاة هى أخبث الغيلان، والغيلان جمع غول وهى الجن يعرض للمسافر فى الفلوات، فيتغول تغولا، أى تلون فيضل الناس عن طريقهم ويهلكهم فى زعمهم وهو ما نفاه النبى صلى الله عليه وسلم إذ قال "لا غول" وليس ذلك نفيا لعين الغول ووجوده وإنما فيه إبطال زعم العرب فى تلونه بالصور المختلفة واغتياله".
الجن تقول الشعر
عنى بعض العلماء بتصنيف كتب عن الجن وأخبارهم وأشعارهم منهم لقيط المحاربى، وابن أبى الدنيا، والخرائطى والمرزبانى، والشبلى، والسيوطى ومن قبل خص الجاحظ الجن بكلام طويل فى الحيوان.
وأكثر ما نحل من الشعر للجن يجىء فى أحاديث المبعث وأعلام النبوة، ويبدو أن من صنعوه كانوا على غاية من نضوب القرائح وضعف القدرات الفنية.
الشعر المنسوب إلى الجن يكون أحيانا موزونا، وحينا يروى نثرا مسجوعا فبعض ما جاء على لسان الجنى فى قصة سواد بن قارب روى هكذا:
عجبت للجن وتجاسسها
وشدها العيس بأحلاسها
تهوى إلى مكة تبغى الهدى
ما خير الجن كأنجاسها
وجاء بصورة أخرى
ألم تر الجن وإبلاسها
ويأسها من بعد إنكاسها
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
يا مازن أقبل أقبل
تسمع ما لا يجهل
هذا نبى مرسل
جاء بحق منزل
فآمن به كى تعدل
عن حر نار تشعل
وقودها بالجندل
وعادة ما يقوم العلماء بتكذيب نسب الشعر إلى الجن، لكن الكتب التراثية الأدبية كانت تهتم بذكره من باب النوادر والحكايات.