وزير الأوقاف : ذكرى تحويل القبلة تحث المسلمين على عدم الغفلة عن الدعاء واستدراك عطاء الله تعالى
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الحكمة والعلة في الاحتفاء بذكرى تحويل القبلة هو عدم الغفلة عن الدعاء واستدراك عطاء الله تعالى والاستجابة للأمر والامتثال له متى أمرنا، وحيث أمرنا، وكيف أمرنا، وأن وراء الوجهة الحسية التي نحن مأمورون بها هناك وجهة أخرى هي الوجهة المعنوية التي تتمثل في حسن القصد وحسن التوجه إلى الله (عز وجل)، وهي ميزان الاستقامة الحقيقي، وهي الاستشعار الحقيقي لمعنى الخشية، وهي التحقيق العملي لقوله تعالى: " إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " (العنكبوت : 45) .
وأضاف وزير الأوقاف في تصريحات الليلة، أن من أدرك حقيقة الوقوف بين يدي الله (عز وجل) وحسن التوجه إليه خمس مرات في كل يوم وليلة لا يمكن أن يكون كذابا ولا غشاشا ولا مخلفًا للوعد ولا خائنًا، فغاية العبادات – مع تحقيق مراد الله (عز وجل) منها والاستجابة لأمره بها - ضبط سلوك وأخلاق وقيم صاحبها، فديننا دين المعاملة ومكارم الأخلاق، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ" .
وقال وزير الأوقاف إن القبلة تعني الجهة والمقصد الذي يتجه الناس إليه، وفي الاصطلاح هي الجهة التي يتجهون إليها في صلاتهم، وقد كانت في بداية فرض الصلاة تجاه بيت المقدس، حيث صلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه تجاه بيت المقدس نحو ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا.
وأوضح وزير الأوقاف أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) كان يدعو ويتمنى أن تكون وجهته في صلاته إلى بيت الله الحرام ، حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم): " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ " (البقرة : 144).
وأضاف وزير الأوقاف: فلما جاء الإذن الإلهي بذلك كانت الاستجابة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قدر إيمانهم بالله ورسوله، فلما جاءهم الخبر وهم في مسجد القبلتين في صلاة العصر تحولوا في الصلاة ذاتها تجاه قبلتهم الجديدة بيت الله الحرام، ولم ينتظروا أن يكملوا صلاتهم تجاه بيت المقدس، امتثالا للأمر حيث أتى، ولإدراكهم معنى قوله تعالى: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (البقرة : 177) .
وتابع وزير الأوقاف قائلا: فالعلة في الاستجابة للأمر هي الامتثال له متى أمرنا، وحيث أمرنا، وكيف أمرنا، وليس في ذات الشرق أو الغرب، ويقال للإنسان حدد وجهتك أي نيتك وقصدك يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): " فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ" (صحيح البخاري).
وأشار وزير الأوقاف إلى أن القبلة الحقيقية حيث تتوجه بحركاتك وسكناتك إلى الحق سبحانه وتعالى: " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " (الأنعام : 162 ، 163) ، وكان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) في مفتتح صلاته (صلى الله عليه وسلم): "وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ" (صحيح مسلم).