من الإسكندرية ”خبراء دوليون يؤكدون أهمية قمة المناخ كوب 27 في شرم الشيخ”
أكد خبراء مناخ من مصر ودول عربية وأجنبية من خلال مداخلتهم في الموتمر ، أهمية مؤتمر الأطراف الأطراف السابع والعشرين (COP 27) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) كونه فرصة حقيقية لخلق تحول جزري في مجال استدامة المدن، الذي ستستضيفه شرم الشيخ نهاية العام الجاري، مشددين على أن "المؤتمر يعد فرصة مهمة لإلقاء الضوء على آثار التغيرات المناخية على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، باعتبارها دول تعاني من تأثيرات التغيرات المناخية الضارة دون أن تكون المتسبب الرئيسي فيه".
وافتتح ريتشارد بروبست، الممثل المقيم لمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في القاهرة، اليوم الثلاثاء، فعاليات المؤتمر الحادي للمدن المستدامة، "مدن في المرحلة الانتقالية"، الذي تنظمه مؤسسة فريدريش إيبرت في القاهرة بالتعاون مع مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في الأردن، ومركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط وبرنامج دراسات التنمية المستدامة وبناء قدرات الشباب ودعم العلاقات الأفريقية بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، ومركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الفرنسي (CEDEJ).
وقال بروبست، إن "قمة المناخ كوب 27 التي ستضيفها نصر تأتي في وقت مهم يعمل فيه العالم أجمع على وضع سياسيات جادة للحد من تأثيرات التغيرات المناخية"، مشيرا إلى أنه "في هذا الإطار تم عقد مؤتمر المدن المستدامة .. مدن في مرحلة انتقالية في الإسكندرية للتأكيد على أن المدن ليست مستقرة، بل تتغير، ويمكن أن تتغير للأفضل، حيث من الممكن أن تلعب المدن دورا مهما في مواجهة التحديات المناخية".
وأوضحت سارة هيب، مديرة مشروع الطاقة والمناخ في المنطقة العربية بمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، أنه "على مدار 11 عاما نحاول الوصول إلى مدن مستدامة عبر تعاون إقليمي يتضمن إشراك المجتمع المدني، ونحن سعداء بأننا نكمل هذا في مصر، التي تتوجه إليها أنظار العالم الآن في إطار التحضير لكوب 27"، مشيرة إلى "ضرورة تنفيذ ما تم الوصول إليه في اتفاق باريس، ومحاولة الحد من ارتفاع درجات الحرارة بحيث لا تتجاوز 1.5 درجة".
بدورها أكدت الدكتورة مروة الوكيل، رئيس قطاع البحث الأكاديمي في مكتبة الإسكندرية، في كلمتها خلال المؤتمر، أن "المؤتمر يعقد في توقيت مهم جدا، حيث يأتي في إطار التحضير لاستضافة مصر لقمة المناخ كوب 27، والتي زادت من تفاعل الناس والمنطقة مع القضايا المناخية"، مشددة على "أهمية إشراك المجتمع وخاصة الشباب في التفاعل مع القضايا المناخية، وهو ما تحرص عليه مكتبة الإسكندرية لرفع الوعي حول الموضوع، خاصة أن قضايا المناخ تؤثر على حياتنا اليومية"، وأشارت الوكيل إلى أن "المواطن بات يستشعر تأثير التغيرات المناخية على حياته اليومية من خلال تغير حالة الطقس، حتى بات المواطن السكندري يتساءل عن سبب برودة الطقس في شهر مارس، وكأن الشتاء قد عاد في الربيع ".
من جانبها قالت أنجيس ديبولت، مدير مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية (سيداج) إن "العالم يواجه تحديات معقدة تحتاج لوضع خطة شاملة وقوية لمواجهتها، ومن هنا تكمن أهمية عقد مثل هذه المؤتمرات لمناقشة دور المدن، وكيفية تعزيز الاستدامة".
ويبحث المؤتمر على مدار يومين كيفية مواجهة المدن للتحديات المختلفة، ومن بينها النمو السكاني، والتوسع العمراني السريع، والعقبات المالية، في الوقت الذي لا يتم فيه الربط بين التخطيط والتنفيذ، إضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالبنية التحتية منخفضة الانبعاثات الكربونية، ودور المدن والمحليات في تحقيق الاستدامة، مع استطلاع تجربة المدن التي استضافت سابقًا مؤتمرات مناخ سابقة، وربطها بالإجراءات والخطط الخاصة بالقمة المرتقبة في شرم الشيخ كوب 27 .
وأكدت أميرة صابر، عضو مجلس النواب المصري، أن "مصر لديها فرصة ذهبية لتقديم نموذج لأولويات القارة الأفريقية والدول النامية، التي تعتبر ضحية التغيرات المناخية، دون أن تتسبب بها، وهو ما ستركز عليه قمة المناخ المقبلة في شرم الشيخ"، مشيرة إلى أن "التغيرات المناخية تهدد مدنا مثل الإسكندرية بالغرق، يأتي ذلك بالتزامن مع قلة المياه بسبب تحديات مناخية وسياسية، والأزمات السكانية والتي تشكل ضغطا على الموارد".
وقالت صابر إنه "من المهم أن يشارك المجتمع في مواجهة التغيرات المناخية عبر تبسيط المفاهيم، وزيادة الوعي لتحقيق الاستدامة المطلوبة"، مشيرة إلى "اهتمام مجلس النواب المصري بتحديات المناخ، من خلال مناقشة قضايا مثل أثر التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، وهو ما حدث عبر مناقشة طلب إحاطة عن تدهور محصول المانجا الصيف الماضي".
وقال سيف الإسلام، ممثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ IPCC، إن "المواطن بات يلاحظ تغيرات حقيقية في الطقس وارتفاعا في درجة الحرارة، نتيجة النشاطات البشرية، وهي من الأمور التي يجب التطرق لها في كوب 27"، مشيرا إلى "تأثير الاحتباس الحراري نراه اليوم في ارتفاع درجات الحرارة، وموجات مطر شديدة وفيضانات، وحرائق غابات وجفاف، مما يؤثر على كل مناحي الحياة، ومالم نحد من الانبعاثات الكربونية سيصبح الوصول إلى مستوى 1.5 درجة بعيد المنال"، لافتا إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة بهذا الشكل سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البحر وغرق بعض المدن مثل الإسكندرية".
وأكد سيف الإسلام أن "التغيرات المناخية لا يمكن إعادتها إلى الأصل لكننا نعمل حاليا على أن نبطئها ونقلل تأثيراتها الضارة على الأرض وعلى مختلف مناحي الحياة"، مستعرضا آخر تقرير أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية في فبراير الماضي، والذي أكد أن "آثار التغيرات المناخية تصاعدت بشكل أكبر من المتوقع"، وأن ما بين 3.3 مليار و 3.6 مليار شخص، أي أكثر من 40 % من سكان العالم، يعيشون في أماكن وأوضاع شديدة التأثر بتغير المناخ، وأن ارتفاع مستوى البحار سيؤدي إلى تآكل السواحل، وإلى فيضانات وفقدان موارد المياه العذبة".
بدوره قال يان فرانسوا، رئيس إدراك المناخ في باريس، إن "كوب 27 في شرم الشيخ هو أول قمة تنظم خارج أوروبا بعد كوب 22 في المغرب، وهي لحظة مهمة لمصر وأفريقيا لتغيير نظرة العالم"، مشيرا إلى أن "المدن الساحلية تواجه تحديا كبيرا ولذلك لا بد من العمل بسرعة على وضع حلول لمواجهاتها" .
وتحدث عمرو لاشين، مدير برنامج الحوكمة والتشريعات والسياسات الحضرية ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، عن "أهمية المدن كونها مسؤولة عن 70 % من الناتج القومي وتصدر نفس النسبة من الإنبعاثات الكربونية والمخلفات"، مستعرضا ملامح المخطط الاستراتيجي العام لمدينة شرم الشيخ، والذي "يهدف لتحويل شرم الشيخ إلى المقصد العالمي الأول المستدام للسياحة الخضراء الآمنة".
وأكد سعيد شكري، الخبير المغربي في شؤون التغيرات المناخية، وأحد أعضاء اللجنة التنظيمية لكوب 22 في المغرب، إن "النقاش العام حول التغيرات المناخية انتقل مع اتفاق باريس إلى الأطراف غير الحكومية من جامعات ومجتمع مدني وقطاع خاص، وذلك لأن المفاوضات الحكومية استغرقت مدة طويلة، وجاءت نتائجها ضعيفة"، مشيرا إلى أن "قمة شرم الشيخ تعد محطة أساسية في مواجهة التحديات المناخية، وفي إطار المدن المستدامة يمكن أن تبرز مصر التقاليد المصرية في الحفاظ على البيئة والمدن، وعلى المجتمع المدني المصري أن يقود المجتمع المدني الدولي في شرم الشيخ".