محطات نرصدها من حياة الراحل الشيخ خليفة بن زايد .. حياةٌ طويلةٌ في العمل لدولة الإمارات
خليفة بن زايد في قلب مصر.. شاركها في حرب أكتوبر ودعمها عقب 30 يونيو
تميزت علاقات الإمارات ومصر بالخصوصية والاحترام المتبادل منذ نشأتها، خاصة في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة بين حكام البلدين، ما انعكس إيجابيا على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي، وعلى المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية.
وأصحبت العلاقات المصرية- الإماراتية أكثر قرابًا في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي والشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات، الذي وفاته المنية صباح اليوم.
الشيخ خليفة بن زايد يشارك في حرب أكتوبر
تاريخيا؛ تذكر مصر للشيخ خليفة بن زايد مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة 1973، فحينها لم يتوقف الدعم الإماراتي من قبل والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال حرب أكتوبر على الجانب الاقتصادي أو البترول، بل أرسل ولي عهده حينها وابنه الأكبر الشيخ خليفة بن زايد، ليشارك في المعارك مع الجنود المصريين على الجبهة.
فوفقًا لجريدة «الاتحاد» الإماراتية، وضع الأب المؤسس الشيخ زايد، كل إمكانات الإمارات لدعم المجهود الحربي في معركة الكرامة، وأرسل سرية مشاة ميكانيكا في الجيش الثالث الميداني بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عندما كان وليًا لعهد أبوظبي «في ذلك الوقت»- للمشاركة في تحرير الأرض بجوار أشقائه من الجنود المصريين على الجبهة حتى النصر.
داعم مصر عقب ثورة 30 يونيو
حديثا، كانت الإمارات في عهد الشيخ خليفة بن زايد، من أولى الدول التي دعمت شعب مصر عقب ثورة الـ30 من يونيو ومساندته في تنفيذ خارطة طريقه نحو المستقبل وذلك عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان. وحينها دعا وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر 2013، إلى تقديم الدعم للحكومة المصرية واقتصادها بما يعزز مسيرة القاهرة نحو التقدم والازدهار.
وفي أكتوبر 2013، وقعت الإمارات اتفاقية مساعدة بقيمة 4 مليارات و900 مليون دولار، ومنحة بقيمة مليار دولار، وتوفير كميات الوقود بقيمة مليار دولار أخرى.
تقارب مصري إماراتي
ومن بعد ذلك التاريخ ترجم التقارب المصري الإماراتي في عهد «السيسي» و«خليفة»، على مختلف جوانب العلاقات الثنائية، كما زاد التقارب في وجهات النظر على المستوى الدولي في نبذهما في مختلف المحافل الدولية العنف والدعوة إلى حل الخلافات بالطرق السلمية.
وفي يونيو 2020، أعلنت الإمارات أنها تقف مع مصر في كل ما تتخذه لحماية أمنها من التداعيات المقلقة في ليبيا.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية «وام»: «أعربت دولة الإمارات عن تأييدها لما ورد في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في سيدي براني بخصوص ليبيا».
وأضافت: «أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي (الإماراتية) تضامن دولة الإمارات ووقوفها إلى جانب جمهورية مصر العربية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها من تداعيات التطورات المقلقة في ليبيا الشقيقة».
أما مطلع العام الجاري، شدد الرئيس السيسي على «ارتباط أمن واستقرار دولة الإمارات بالأمن القومي المصري، وذلك امتدادا للعلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين». وذلك على خلفية الهجوم الغادر الذي وقع بالقرب من مطار أبوظبي الدولي من قبل ميليشيات الحوثي.
ولد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 1948، وكان له وضعية خاصة كونه النجل الأكبر لمؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهايان، كما أنه ينحدر من قبيلة بني ياس العربية الشهيرة والتي تجمعت بشكل أساسي في المنطقة الجغرافية التي تعرف حاليا بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتعلم الشيخ خليفة في المدرسة النهيانية التي أنشأها والده في مدينة العين حيث ولد وترعرع وكان يحكمها والده، حيث رافق الأب في طفولته وكذلك عندما كبر وكان يحظى برعاية، خاصة من قبل والده، وتعد هذه واحدة من أهم ما يشار له عند الحديث عن محطات في حياة الشيخ خليفة بن زايد.
وصول الشيخ خليفة بن زايد إلى سدة الحكم
وضمن أهم المحطات في حياة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أنه شغل عدداً من المناصب الرئيسية، كما أنه كان المسؤول التنفيذي الأول في الحكومة الإماراتية خلال فترة حكم والده، وأشرف على مختلف المشروعات التنموية الكبرى.
ثم جاء الأول من فبراير عام 1969 ليتم ترشيحه لمنصب ولي عهد إمارة أبوظبي، ثم تولى مهمة دائرة الدفاع في إمارة أبوظبي، ثم أنشأ بعدها إدارة الدفاع الوطني التي شكلت النواة الأولى للقوات المسلحة الإماراتية، حتى عين عام 1971 حاكما لإمارة أبوظبي.
وظل الشيخ خليفة يترقى في مختلف الوظائف الكبرى في الدولة، إلى أن انتخابه رئيساً لدولة الإمارات، وكان ذلك في الثالث من نوفمبر عام 2004، عقب وفاة الوالد ومؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
إطلاق الطاقات البشري
ظلت رفاهية المواطن وسعادته من أولويات الشيخ خليفة منذ أن تولى مقاليد الحكم، فقد عرفت دولة الإمارات العربية المتحدة طريقها نحو نهضة تنموية مواكبة للألفية الجديدة من خلال توفير أرقى الخدمات خاصة في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية وغيرها من المتطلبات الضرورية التي تؤمن للمواطنين الحياة الكريمة والمستقبل الآمن لهم لأبنائهم.
برنامج التمكين
أعلن الشيخ خليفة في خطابه في اليوم الوطني الرابع والثلاثين في الأول من ديسمبر 2005، عن برنامج " التمكين" السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، وحدد مرحلة التمكين بفتح المجالات كافة أمام المشاركة الشعبية لأبنائه المواطنين وبناته المواطنات، بإعلان تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وليكون أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطن، يبدأ بتفعيل دوره عبر انتخاب نصف أعضائه.
وتم بالفعل إنجاز هذه المرحلة التاريخية بنجاح بإجراء انتخابات حرة مباشرة لنصف أعضاء المجلس في دورتين متتاليتين في العام 2006 والعام 2011 بمشاركة فاعلة للمرأة –لأول مرة- أسفرت عن فوز مرشحة واحدة في كل دورة.
وأكد الشيخ خليفة حرصه على تعزيز دور المجلس ودعمه للمشاركة الفاعلة في تطوير العمل الوطني وبناء دولة القانون والمؤسسات، وترسيخ نهج الشورى بما يتماشى ويراعي خصوصية عادات وتقاليد شعب الإمارات وتراثه ومكونات نسيجه الاجتماعي والثقافي.
كما حدد أهداف مرحلة التمكين في المجالات الأخرى قائلاً: «إننا اليوم على مشارف مرحلة جديدة غايتها تكريس مبادئ سيادة القانون وقيم المساءلة والشفافية وتكافؤ الفرص، وتحقيقا لهذا فإن المرحلة الجديدة تتطلب إعادة بناء وإعادة ترتيب وإعادة تأهيل للنظم والهياكل الحكومية القائمة من حيث بنيتها ووظيفتها». وأضاف: «ولقد شرعنا بالفعل في التهيئة لمرحلة التمكين بسَنِّ التشريعات واتخاذ الإجراءات المنظمة لما هو قائم من الدوائر والمؤسسات والأنشطة والعلاقات بضبط المترهل منها وتقويم المعوجّ ودفع الباطل والتخلص من المُعوق والتحرر من عبء ما انقطع منه الرجاء، وتحسين الإنتاج والخدمات وتوجيه الجهد دعما وتطويرا وتحفيزا للمؤسسات والهياكل والأنشطة والكوادر الواعدة تهيئة للظروف المؤهلة لانطلاق واع نحو آفاق القرن الحادي والعشرين».
وأكد أهمية دور القطاع الخاص في التنمية والنهضة، مشيراً إلى أنه يستحوذ على 43 في المائة من الاستثمارات المنفذة في الدولة، وخاصة في الصناعات التحويلية والتجارة والعقارات وغيرها.
وذكر أن الدولة ستستمر في سياستها المشجعة لهذا القطاع ليتمكن من إنشاء المشروعات القادرة على توفير المزيد من فرص العمل ودفع عجلة الإنتاج، وزيادة الصادرات والإقلال من الواردات، خاصة السلع الاستهلاكية التي يمكن إنتاج مثيلاتها محلياً.
أمر الشيخ خليفة بزيادة الاستثمارات في المناطق الشمالية من الدولة في قطاع الماء والكهرباء، لتصل إلى خمسة مليارات و700 مليون درهم بهدف الوقوف عن كثب على احتياجات المواطنين من الخدمات الأساسية، والتحقق من التزام المؤسسات الحكومية المعنية بالوفاء بهذه الاحتياجات في مختلف القطاعات، بما في ذلك مشاريع البنية الأساسية. ووجه الشيخ خليفة في هذا الصدد بأن تتولى هيئة مياه وكهرباء أبوظبي بتصدير الطاقة الكهربائية وكميات المياه المطلوبة إلى الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، لتتمكن من توفير احتياجات المواطنين في المناطق الشمالية كافة من الدولة.
كما تعهد الشيخ خليفة في ولايته الثانية بتنفيذ استراتيجيات جديدة طموحة لتعزيز برامج التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي التي كان قد أطلقها في ولايته الأولى.
وأعلن في خطابه في اليوم الوطني الثامن والثلاثين في الأول من ديسمبر 2009 عن برامج عمل ورؤى جديدة لمرحلة العمل الوطني المقبلة تقوم على توظيف كامل القدرات الوطنية وتفعيل سياسة التوطين والإحلال والاستمرار في تطوير البنية التحتية في المناطق الأقل نمواً والارتقاء بالخدمات فيها والاستمرار في تطوير عمليات البنية التحتية للاقتصاد الوطني وإصلاح السياسات الاقتصادية والمالية التي تحكم سوق العمل وربط سياسات التعليم والتدريب بسوق العمل، وتعزيز التلاحم المجتمعي بما يرسخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعية وإعادة إحياء الدور المحوري للأسرة، وتمكينها في التنشئة والتوعية والضبط والرقابة.
حقوق المرأة
سار الشيخ خليفة على نهج والده المؤسس الشيخ زايد فيما يتعلق بتمكين المرأة، وسخرت الدولة كل الإمكانيات لتعليمها وصحتها وتطويرها وتقلدها أعلى المناصب، واحتلت حيزاً كبيراً من اهتمام القيادة.
وعندما تولى الشيخ خليفة مقاليد الحكم استمر الدعم اللامتناهي للمرأة، فتولت المرأة الحقائب الوزارية وجلست على المقعد البرلماني وأدارت مؤسسات محلية واتحادية ومثلت الدولة في المحافل الدولية وشاركت في الخدمة الوطنية والقوات المسلحة، وللشيخ خليفة أقوال كثيرة في هذا الصدد فقد قال في إحدى المناسبات:«تجاوزنا في دولة الإمارات التمييز بين المرأة والرجل، فالمعيار هو الكفاءة والقدرة والتميز» ، وقال في مناسبة أخرى: «لقد جعلنا تمكين المرأة أولوية وطنية مُلحة، وبفضل هذا التخطيط السليم أصبح لدولتنا سجل متميز في مجال حقوق المرأة، فهي تتمتع بكامل الحقوق وتمارس الأنشطة جميعها من دون تمييز، والأبواب جميعاً مفتوحة أمامها، لتحقيق المزيد من التقدم والتطور». تربعت دولة الإمارات في عهد الشيخ خليفة على قائمة أفضل الدول على مستوى الخليج والشرق الأوسط في مؤشر مقياس تمكين المرأة لعام 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن تقرير التنمية البشرية العالمي.