فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمالى يكتب.. سلاسل الإمداد ... الإدارة والتحديات
منذ بداية جائحة كورونا مع نهاية 2019م وعلى مدى ما يقرب من عامين ونصف حتى الآن طفت على سطح جميع وسائل الإعلام عبارات تتضمن مصطلح " سلاسل الإمداد " أو " سلاسل التوريد" وأحيانا " سلاسل الإمداد والتوريد" ضمن أخبار عن تَعثُرها أو تأثُرها وتعطيلها بسبب اشتراطات منظمة الصحة العالمية وقرارات الإغلاق التي اتخذتها العديد من الدول والمنظمات، مما نتج عنه ارتفاع معدلات التضخم والبطالة و(شُح الإمدادات) ما أدى الى معاناة جميع شعوب العالم، وما لبس العالم أن يلتقط بعضا من أنفاسه الصحية والاقتصادية حتى جسمت على أنفاسه أزمة الحرب الدائرة حتى الآن على أرض أوكرانيا بين الجيشين الروسي والأوكراني والتي يمتد أطرافها "من منظور مالى واقتصادي وسياسي" الى أبعد من روسيا وأوكرانيا مما فاقم من معاناة جميع شعوب العالم، فبالرغم من تخفيف الإجراءات الاحترازية بخصوص فيروس كورونا في أغلب دول العالم وعودة كثير من الشركات والمصانع والمنظمات الى العمل بكامل طاقتها تقريبا، إلا أن المخاوف والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها أطراف الصراع الدائر "على أرض أوكرانيا" أرخت بظلالها السلبية على "سلاسل الإمداد والتوريد" مما تسبب "ثانيا" في نقص المعروض من السلع ومستلزمات الإنتاج والخدمات، فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة مما ينذر بأزمة اقتصادية طاحنة ظهرت بوادرها جلية في جميع بلدان العالم.
يُعَدُ مفهوم "سلاسل الإمداد" مفهوماً قديماً تطور مع اختلاف وتطور البيئة المحيطة والتكنولوجيا، وأصبحت إدارة سلاسل الإمداد أمراً لا يمكن الاستغناء عنه بسبب الابتكار المستمر في التكنولوجيا وتوقعات العملاء المتغيرة بسرعة. وأصبح نجاح وتنافس المنظمات معتمداً على إدارة سلسلة الإمداد بشكل فعّال ومتوافق مع البيئة والتكنولوجيا المتقلبة باستمرار.
فما هي سلاسل الإمداد وما أهميتها وضرورة قوة وتطوير إدارتها؟
تُعرّف سلسلة الإمداد (Supply Chain) على أنها:
شبكة متصلة من الأفراد والمنظمات والموارد والأنشطة والتقنيات المشاركة في إنتاج أو تصنيع وبيع منتج أو خدمة. تبدأ سلسلة التوريد بتسليم المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج من المورد إلى الشركة المُنتِجة وتنتهي بتسليم المنتج النهائي أو الخدمة إلى المستهلك النهائي.
تقوم المنظمات بشكل دوري بتطوير سلاسل الإمداد حتى تتمكن من تقليل تكاليفها ورفع كفاءتها وتظل قادرة على المنافسة في مجال الأعمال.
وتُعرّف إدارة سلاسل الإمداد على أنها:
تصميم أنشطة سلسلة التوريد وتخطيطها وتنفيذها ومراقبتها بهدف تحقيق صافي القيمة، وبناء بنية تحتية تنافسية، والاستفادة من الخدمات اللوجستية العالمية، ومزامنة العرض مع الطلب، وقياس الأداء عالميًا.
وتجدر الإشارة الى أنها تشمل أيضًا التنسيق والتعاون مع شركاء القنوات، الذين يمكن أن يكونوا موردين ووسطاء ومقدمي خدمات من جهات خارجية وعملاء.
وتتكون عملية إدارة سلاسل الإمداد من 5 عناصر رئيسية، هي:
1- الخطة أو الاستراتيجية: إدارة جميع الموارد التي يتم من خلالها تلبية طلب العملاء على منتجاتهم أو خدماتهم، ومراقبتها بحيث تكون فعالة بتكاليف أقل وتوفر جودة وقيمة عالية للعملاء.
2- المصدر (المُورد): تقوم المنظمات باختيار الموردين اللازمين لتوفير السلع والخدمات التي يحتاجونها لخلق المنتجات.
3- التصنيع(الإنتاج): يتم بجدولة الأنشطة اللازمة للإنتاج والاختبار والتعبئة والتحضير للتسليم.
4- التسليم: هذا هو الجزء الذي يشير إليه العديد من المطلعين في غدارة سلاسل الإمداد على أنه لوجستيات، حيث تقوم الشركات بتنسيق استلام الطلبات من العملاء، وتطوير شبكة من المستودعات، واختيار شركات النقل لإيصال المنتجات إلى العملاء وإنشاء نظام فواتير لاستلام المدفوعات.
5- المُرتجع (المردودات): شبكة سريعة الاستجابة ومرنة لاستلام المنتجات المعيبة والزائدة من عملائهم ودعم العملاء الذين لديهم مشاكل مع المنتجات المستلمة.
وتكمن أهمية إدارة سلاسل الإمداد في أنها جزء لا يتجزأ من معظم الأعمال وهي ضرورية لنجاح المنظمة ورضا العملاء، حيث أنها: (1) تُعزز خدمة العملاء في المنظمة. (2) تُقلل تكاليف التشغيل. (3) تُحسن الوضع المالي للمنظمة. (4) تضمن الكفاءة وتُحسن الجودة.
وفى ختام الحديث حول "سلاسل الإمداد" تجدر الإشارة الى أمرين:
أولهما: مبادئ إدارة سلاسل الإمداد: ترتكز إدارة سلاسل الإمداد على مبادئ سبعة تُركز هذه المبادئ منذ زمن على ضرورة اهتمام مديري سلاسل الإمداد بالعملاء واحتياجاتهم. وتؤكد على أهمية التنسيق بين أنشطة سلسلة التوريد (التخطيط، توفير المصادر، التصنيع، التسليم، المُرتجعات) داخل المنظمات وفيما بينها.
ثانيهما: الفرق بين سلسة التوريد والإمداد والخدمات اللوجستية: تعتبر اللوجستيات حلقة واحدة في سلسلة التوريد، فهي تشير إلى الجزء من السلسلة الذي يتعامل مع التخطيط والتحكم في حركة وتخزين السلع والخدمات من نقطة منشأها إلى وجهتها النهائية. تبدأ إدارة اللوجستيات بالمواد الخام وتنتهي بتسليم المنتج النهائي.
تضمن الإدارة اللوجستية الناجحة عدم وجود تأخير في التسليم في أي نقطة في السلسلة وأن المنتجات والخدمات يتم تسليمها في حالة جيدة. وهذا بدوره يساعد في الحفاظ على انخفاض تكاليف الشركة.
الاختلافات الرئيسية بين إدارة سلسلة الإمداد واللوجستيات:
يعرف تدفق وتخزين البضائع داخل وخارج الشركة باسم اللوجستيات.
تعرف حركة وتكامل أنشطة سلسلة التوريد باسم إدارة سلسلة التوريد.
الهدف الرئيسي من الخدمات اللوجستية هو رضا العملاء الكامل.
على العكس، فإن الهدف الرئيسي وراء إدارة سلسلة التوريد هو الحصول على ميزة تنافسية كبيرة.
كاتب المقال فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمالى