15 دولة تعلن حالة الاستنفار القصوي لمواجهة ”جدرى القرود”.. (تفاصيل)
شهدت دول العالم حالة من الاستنفار القصوي لمواجهة فيروس "جدرى القرود" الذى انتشر حتى الآن فى 15 دولة حول العالم، وأصاب أكثر من 100شخص.
وأعلنت كل من بريطانيا واسكتلندا وبلجيكا وفرنسا وأستراليا وألمانيا والسويد وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال والدنمارك وأمريكا وكندا والأرجنتين وإسرائيل، تسجيل عدة إصابات بهذا الفيروس.
وفى آخر إعلان لها، تلقت منظمة الصحة العالمية، تقارير من 12 دولة تؤكد إصابة 92 شخصا بمرض جدري القرود، والاشتباه فى 28 حالة آخري.
ومنذ بدء تفشي المرض الفيروسى، استضافت منظمة الصحة العالمية اجتماعات يومية مع خبراء من البلدان المتضررة، ومكاتبها الإقليمية، وكذلك المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكي، حيث اجتمعت مجموعتها الاستشارية الإستراتيجية والتقنية والمعنية بالمخاطر المعدية ذات الإمكانيات الوبائية والمتوطنة (STAG IH).
وذكرت صحيفة "التليجراف" البريطانية، أن الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لحالات الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، شارك في اجتماع الخبراء، وتكهن أحد المتخصصين في علم الأوبئة في وكالة خدمات الصحة والسلامة المهنية (UKHSA) بأن رؤساء الصحة سينظرون في تصعيد الأزمة إلى حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا (PHEIC).
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن عدوى جدري القرود تشكل مبعث قلق، مشيرا إلى أن إدارته تبحث مسألة اللقاحات والعلاجات المتوفرة. كما أعلن رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون إنه يراقب الوضع الصحى فى المملكة المتحدة، ويسعى لتهدئة المخاوف فى بلاده، بعد تسجيل حالة إصابة جديدة بجدرى القرود فى اسكتلندا. وكانت بريطانيا أعلنت عن 20 حالة إصابة بالمرض الفيروسى.
وأصبحت بلجيكا أول دولة في العالم تفرض حجرا إلزاميا على مصابي جدري القرود، حيث انتشر المرض في 15 دولة حول العالم. وقالت السلطات الصحية في بلجيكا إنه يتعين على المصابين بفيروس جدري القرود أن يعزلوا أنفسهم لمدة 21 يوما، يأتي ذلك بعد الإبلاغ عن 3 حالات إصابة بالمرض في البلاد.
وأعلنت المملكة المتحدة أن هؤلاء الأكثر عرضة للإصابة المرض الفيروسى يتعين عليهم عزل أنفسهم 21 يوما. هذا إلى جانب إجراء اتصالات منزلية من قبل السلطات الصحية بالمرضى المصابين.
هذا وقد كشفت صحيفة" فاينانشال تايمز" البريطانية، أن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، يستعد لإصدار توصية لدول الاتحاد الأوروبى بإعداد خطة تلقيح لمواجهة انتشار "جدرى القرود".
وتتأهب أسهم شركات الأدوية لانتعاشة مرتقبة بعفل البحث عن تطوير للقاح الإصابة بفيروس جدري القرود. حيث لا توجد أية أدوية أو لقاحات محددة متاحة لمكافحة عدوى جدري القرود، ولكن يمكن مكافحة انتشاره.
وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحا لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم. ورغم ذلك فإن من المرجح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مسارا أخف وطأة.
وتحدثت صحيفة" الديلى ميل" البريطانية، عن حقن الجدرى التقليدية التى تقدم للبريطانيين بشكل روتينى، ونجحت فى استئصال االفيروس منذ أربعة عقود، وفاعليتها أكثر من 85%.
وأوضحت"ديلى ميل" أن تلك الاستراتيجية المحتمل التوصية بها من قبل السلطات الصحية الأوروبية هى نفسها التى انتشرت فى بريطانيا من قبل. وتشمل الاستراتيجية التى يطلق عليها" التلقيح الحلقى" الحقن ومراقبة أى شخص خالط الشخص المصاب بالعدوى لتعزيز حصانة الناس للحد من انتشار المرض.
وتأتى تلك الاستراتيجية فى وقت يحذر فيه الخبراء من احتمالية لجوء الدول إلى فض قيود على السفر للحد من انتشار المرض، فى حال أعلنت منظمة الصحة العالمية تصعيد الأزمة إلى حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليا.
وتعتمد استراتيجية التلقيح ضد جدرى القرود المتبعة حاليا فى المملكة المتحدة على لقاح" إمفانيكس" المصنع من قبل شركة "بافاريان نورديك" ومقرها الدنمارك، وتوضح البيانات أنه يحول دون إصابة 85% من الحالات، ويستخدم فى المملكة المتحدة من 2018.
وذكرت "ديلى ميل" إن بريطانيا اتفقت على تصنيع 20 ألف جرعة إضافية من اللقاح. فى حين قالت "فاينانشال تايمز" إن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، يستعد للتوصية بتطبيق نفس استراتيجية التلقيح البريطانية فى دول الاتحاد الأوروبى.
ونفذت بعض الدول العربية إجراءات الرقابة الصحية على نقاطها الحدودية المختلفة، سواء البرية أو البحرية أو الجوية، استعدادا لأي طارئ يتعلق بالمرض الذي انتشر حديثا.
عزز المغرب إجراءات المراقبة الصحية في مختلف نقاطه الحدودية سواء البرية أو البحرية أو الجوية، تأهبا لأي طارئ يرتبط بالمرض الفيروسي "جدري القرود".
أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية، جاهزية القطاع الصحي للتعامل مع جدري القرود، من خلال الاستعداد الاستباقي للرصد والتقصي المبكر لحالات جدري القرود في الدولة.
كما ونصحت هيئة الصحة العامة في السعودية (وقاية) المواطنين أثناء السفر إلى الخارج بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة قدر الإمكان والتزام ارتداء الكمامة وتعقيم الأيدي بشكل مستمر.
تاريخ المرض
ويعد جدري القرود من أكثر الأمراض التى تثير تخوف العالم حاليا حيث حذر خبراء من منظمة الصحة العالمية من احتمالية تحول هذا المرض لوباء عالمى.
وقد كشفت منظمة الصحة العالمية أن جدري القرود هو مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط إفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، وهو مرض فيروسي حيواني المنشأ يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة.
ومع أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980 فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء إفريقيا. كما ينتمي فيروس جدري القردة إلى جنس الفيروسية الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.
ويُنقل فيروس جدري القردة إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر. ويتراوح في العادة معدل الإماتة في الحالات الناجمة عن فاشيات جدري القردة بين 1 و10%، وتلحق معظم وفياته بالفئات الأصغر سنّاً.
وأكدت الصحة العالمية أنه كُشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968. وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب إفريقيا، خصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض في عامي 1996 و1997.
وتابعت المنظمة أن العدوى تنجم بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في إفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القردة أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علماً بأن القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس. ومن المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.
ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
كما ينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة (جدري القردة الخلقي)، ولا توجد حتى الآن أيّة بيّنات تثبت أن جدري القردة يمكنه الاستحكام بين بني البشر بمجرّد انتقاله من شخص إلى آخر.
إلى ذلك، أوضحت المنظمة أعراض المرض، حيث تتراوح فترة حضانة جدري القردة وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً.
وتنقسم مراحل العدوى إلى فترة الغزو صفر يوم و5 أيام، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
وفترة ظهور الطفح الجلدي في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه في 95% من الحالات وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين 75%.
ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية (آفات ذات قواعد مسطّحة) إلى حويصلات (نفاطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.
كما يُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة. وعادةً ما يكون جدري القردة مرضا محدودا ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.
ويعتبر معدل الوفيات في الحالات تبايناً كبيراً بين الأوبئة ولكنّ نسبته لا تتجاوز 10% في الحالات الموثقة التي تحدث معظمها فيما بين الأطفال. وعموماً فإن الفئات الأصغر سنّاً هي أكثر حساسية على ما يبدو للإصابة بجدري القردة.
وتشتمل التشخيصات التمايزية التي يجب أن يُنظر في إجرائها على أمراض أخرى مسببة للطفح، من قبيل الجدري والجدري المائي والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والزهري وأنواع الحساسيات الناجمة عن الأدوية. ويمكن أن يكون تضخّم العقد اللمفاوية خلال مرحلة ظهور بوادر المرض سمة سريرية تميزه عن الجدري.
ولا يمكن تشخيص جدري القردة بشكل نهائي إلا في المختبر حيث يمكن تشخيص عدوى الفيروس بواسطة عدد من الاختبارات المختلفة. كما أكدت المنظمة أنه لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة تفشيه.
وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم. ورغم ذلك فإن من المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مساراً أخف وطأة.
وأشارت المنظمة إلى أن الطريقة الوحيدة للحد من إصابة الناس بعدواه هي إذكاء الوعي بعوامل الخطر المرتبطة به وتثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها من أجل الحد من معدل التعرّض له. ولا غنى عن تدابير الترصد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة من أجل احتواء انتشار المرض الفيروسى.
وللحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر. ينبغي تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القردة، ولابد من ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم.
الحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر ينبغي أن تركّز الجهود المبذولة للوقاية من انتقال الفيروس في البلدان الموطونة به على طهي كل المنتجات الحيوانية (الدم واللحوم) بشكل جيّد قبل أكلها، كما ينبغي ارتداء قفازات وغيرها من ملابس الحماية المناسبة عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها