رئيس الوزراء: تربطنا علاقة تعاون وطيدة بالبنك الإسلامى للتنمية
أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أن الدولة المصرية عملت بجهود جادة وحثيثة خلال الأعوام الماضية، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرا إلى أنها أنجزت بالفعل عددا كبيرا من الإصلاحات لتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى، حيث ساهمت كل هذه الجهود فى تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على الصمود فى مواجهة الأزمات، وتحقيق معدلات نمو إيجابى رغم صعوبة التحديات.
جاء ذلك فى كلمة الدكتور مصطفى مدبولى، مساء اليوم، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية لعام 2022، التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ، نقل فى مستهلها إلى الحضور تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتمنياته بأن تكلل أعمال الاجتماعات بكل النجاح والتوفيق.
كما توجه رئيس الوزراء لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية بتحية إعزاز وتقدير، لما يقومون به من جهود حثيثة، وما يقدمونه من خبرات عريقة، لإثراء مسارات التنمية والترقى فى ربوع أمتنا الإسلامية، كما أثنى على موافقتهم الكريمة على استضافة مصر لاجتماعاتهم السنوية لهذا العام، والتى تواكب ظرفا عالميا استثنائيا، يحتاج إلى رؤية جديدة، ومسار مبتكر للتعامل مع ما تفرضه من تحديات.
وأعرب الدكتور مصطفى مدبولى عن سعادته بما تشهده هذه الاجتماعات من مشاركة رفيعة المستوى وغير مسبوقة، من السادة رؤساء الوفود وممثلى الحكومات والسادة السفراء وممثلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى، وكذا ممثلى مؤسسات التمويل الإنمائى الوطنية والإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن ذلك يعكس الأهمية التى تحظى بها الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية، خصوصا وأنها تأتى هذا العام فى مرحلة بالغة الدقة والتعقيد، واستمرار الظروف الاستثنائية التى يمر بها العالم مع انتشار جائحة كورونا منذ عامين.
وأشار مدبولى إلى أن تلك الظروف الاستثنائية قد زاد عليها ما نشهده جميعا من متغيرات جيوسياسية طالت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية جميع دول العالم بلا استثناء، حيث نواجه فى الوقت الراهن أزمة اقتصادية واجتماعية عالمية، تتسم بكونها مركبة وشديدة التعقيد، فما لبث العالم أن يبدأ خطوات التعافى من الجائحة، حتى أطلت تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والتى تمتد آثارها إلى أبعد مما ندركه فى الوقت الراهن.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن هذه المتغيرات والتداعيات قد ألقت بظلالها على الاحتياجات التنموية لمختلف دول العالم، وفى مقدمتها الدول الأعضاء فى مجموعة البنك، والتى تسعى العديد منها - فى ظل هذه التحديات - إلى بذل الجهود لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة، حيث تواجه الجهود والخطط الوطنية لدولنا الشقيقة حاجة ملحة لتنوع مصادر التمويل، فضلا عن الحاجة لمواكبة المتغيرات التنموية المتسارعة، لافتا إلى أن أهمها يأتى فيما نشهده من تحولات تكنولوجية، وما تفرضه من فرص وتحديات لعل أبرزها التغير المستمر فى أساليب الإنتاج والأهمية النسبية لعناصره، والاحتمالات المتزايدة لاختفاء وظهور أنماط جديدة من الوظائف، بما يقتضى من دولنا، والتى تتميز بكونها مجتمعات شابة ترتفع فيها نسبة الشباب، أن تعمل على استيعاب هذه التحولات وحسن التعامل معها، والسعى لخلق المزيد من فرص التشغيل المناسبة لأفواج المنضمين لأسواق العمل سنويا.
وأضاف رئيس الوزراء أنه إلى جانب ذلك كله، فقد أصبحت التحديات البيئية المرتبطة بتغير المناخ حقيقة دامغة، فهى قضية بالغة الخطورة خصوصا مع تزايد وتيرة الظواهر الجوية العنيفة وتداعياتها السلبية على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، مثل الزراعة والموارد المائية والطاقة، والبنية التحتية، والتجارة وسلاسل التوريد والإمداد، فضلا عن آثارها على قطاعات الصحة العامة، والأمن الغذائى، والتعليم، وفرص العمل، مضيفا أنه بلا شك فإن تأثيرات ظاهرة تغير المناخ وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية تحول دون استفادة دول العالم من جهود التنمية؛ وتمثل ضغطا على اقتصاديات الدول، خصوصا مع زيادة التحديات فى ظل جائحة كورونا.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن هناك متغيرات وتحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية عديدة تواجه دول العالم أجمع، وفى القلب منه دولنا الشقيقة الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، والتى تجعلنا مطالبين - أكثر من أى وقت مضى - بالعمل على رفع وتيرة النمو الاقتصادى المستدام بالتركيز على تنويع الهياكل الاقتصادية، والتحول نحو اقتصادات المعرفة، وزيادة مستويات مرونة أسواق العمل والمنتجات، ورفع الإنتاجية وتعزيز التنافسية، وتنمية سلاسل القيمة الإقليمية، والارتقاء بمستويات رأس المال البشرى من خلال التركيز على تحسين مستويات خدمات التعليم والصحة، مع ضرورة أن تعمل دولنا الشقيقة بشكل جاد على تنمية كافة المعاملات البينية، خصوصا فى مجال التجارة والاستثمار والتمويل المشترك، وإيجاد أساليب مبتكرة للتمويل، وتوظيف هذه المعاملات بشكل تكاملى بما يتناسب مع ما تتمتع به الدول الأعضاء من موارد وإمكانيات، وما تواجهه من احتياجات، والاستفادة فى ذلك بالدور الفاعل لمؤسسات التمويل الإقليمية وفى مقدمتها مجموعة البنك الإسلامى للتنمية.
ودعا رئيس الوزراء مجموعة البنك التى تتميز بتنوع وتكامل أنشطتها التنموية، لمواصلة جهودها واستمرار العمـل من خلال النهج التشاركى الذى تتبناه - ونراه النهج الأمثل ـ للتعاون مع مؤسسات التمويل الوطنية والإقليمية والدولية الأخرى، لتوفير تمويلات مشتركة للاحتياجات التمويلية الضخمة التى تتطلبها جهود الدول الأعضاء، لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الراهنة، إلى جانب استمرار تنفيذ مشروعات التنمية وبخاصة مشروعات البنية التحتية اللازمة لتحقيق الربط الإقليمى وتيسير التجارة البينية، والاستثمار المشترك بين الدول الأعضاء.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية قامت بالتعويل على الاستثمارات الحكومية لتحفيز القطاع الخاص، والداعمة لاحتياجات المواطن، من خلال إطلاق سلسلة من المشروعات القومية، ذات الأهمية الكبرى والموثوقة فى إحداث التنمية، والمساهمة فى تهيئة البنية التحتية اللازمة للاستثمار، مضيفا أن الدولة اتبعت نهج تحفيز القطاع الخاص، عبر حزمة متنوعة من الإصلاحات التشريعية والمبادرات التنموية، بالإضافة إلى إطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الكلية والهيكلية، لافتا إلى أنه فى نوفمبر 2016، نفذت الحكومة برنامجا شاملا مع صندوق النقد الدولى لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلى، وإعادة مصر إلى مسار النمو الاقتصادى القوى والمستدام.
وأضاف رئيس الوزراء أن الأمر الطيب، أن الحكومة أنهت البرنامج قبل بدء جائحة "كوفيد-19" مباشرة، مما مكن الاقتصاد المصرى من الصمود أمام الجائحة، مشيرا فى هذا الصدد إلى تصريح رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، حين أشارت فى أغسطس 2020 إلى أن "برنامج الإصلاح الاقتصادى الجريء الذى اعتمدته مصر منذ عام 2016، كان له مساهمة كبيرة فى تعزيز صمود اقتصادها، والاستجابة السريعة والشاملة للجائحة".
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية عززت كذلك من صمودها أمام تداعيات الجائحة من خلال تحقيق التوازن بين صحة المواطن وتجنيبه الإصابة بهذا الوباء، مع الحفاظ فى الوقت نفسه على دوران عجلة الاقتصاد المصرى بقدر الإمكان من خلال اغلاقات جزئية ومحدودة، لافتا إلى أن جهود الدولة لتحفيز القطاع الخاص كانت قد بدأت وقتها تؤتى ثمارها، ولذلك، بدأت الدولة تعيد تقييم المشهد الاقتصادى، رغبة منها فى تعزيز قدرة الدولة على إطلاق عمليات تنموية متواصلة، فى إطار من المنافسة الحيادية بين الاستثمارات الحكومية والخاصة، مؤكدا أن الدولة بدأت بالفعل فى تخطيط مسارات التحرك، قبل الإعلان عن الأزمة فى أوروبا الشرقية فى الرابع والعشرين من فبراير 2022.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة المصرية ستستمر فى تنفيذ مسارات التحرك التى بدأت بها بالفعل، حيث أعلنت الدولة أنها سوف تتخارج من بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية لإفساح المجال أمام القطاع الخاص، ومضاعفة نسبة مساهمته فى الاستثمارات المنفذة لتصل إلى 65% خلال السنوات الثلاث القادمة، كما قامت بصياغة "وثيقة سياسة الملكية"، التى تعلن سياسة ملكية الدولة للأصول، وتحدد الأسس والمرتكزات الرئيسة لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى، هذا ومن المخطط أن تكون مسودة وثيقة الملكية أول قضية يتم طرحها للحوار خلال الأيام القليلة القادمة.
وأضاف رئيس الوزراء: أطلقنا حوافز ضريبية لمشروعات الاستثمار فى قطاع الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، وقطاع الصناعة، وأنشطة الاستثمار التنموية بقطاعات التعليم والرياضة والصحة، مع التركيز على النمو الأخضر، وقدمنا الحوافز والدعم للأنشطة الاستثمارية الخاصة بالاقتصاد الأخضر، والذكاء الاصطناعى.
وأكد مدبولى: إننا نؤمن بأهمية التعاون والعمل المشترك فى مختلف المجالات، فى أوقات السعة والأزمة، خاصة عندما تشتد الأخيرة، ولعل آخر توجهاتنا فى ذلك الأمر يتمثل فى تدشين الشراكة الصناعية التكاملية، المصرية الإماراتية الأردنية، لتعزيز خطى التنمية الاقتصادية المستدامة، والذى تم إطلاقه فى إمارة أبو ظبى منذ ايام قليلة، ونطمح الى تحقيق المزيد من الشراكات.
وأشار رئيس الوزراء أنه إلى جانب الشراكات القطرية، فإن الدولة المصرية تعمل على المشاركة الفاعلة فى كافة مبادرات التنمية سواء على المستوى الإقليمى والعربى أو على المستوى الأممى، وذلك من واقع مسئوليتها وحرصها الدائم على التعاون مع كافة أطراف المجتمع الدولى تجاه قضايا التنمية، حيث تؤمن مصر بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، مؤكدا ضرورة أن تأتى جهود الدول منسجمة وداعمة لهذه المبادرات، ولذا تشارك مصر فى الجهود الأممية لتحقيق التنمية المستدامة فى إطار الأمم المتحدة من خلال خطة التنمية المستدامة 2030"، كما تحرص على تبادل المعرفة والخبرات والتجارب الناجحة فى هذا المجال مع كافة دول العالم وبالتعاون مع المنظمات الدولية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى، أن شراكات مصر مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية تأتى على نفس درجة الأهمية، كونها شريكا رئيسا فى تمويل التنمية، لافتا فى هذا السياق، إلى أن ثمة علاقة تعاون وطيدة بين الدولة المصرية والبنك الإسلامى للتنمية؛ حيث تسعد مصر بكونه شريكا رئيسا فى مشروعات تنموية بقيمة 17 مليار دولار أمريكى منذ تأسس البنك عام 1974.
وأكد مدبولى أن مصر تعتز بفوزها باستضافة قمة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ 27 COP لعام 2022 فى مدينة شرم الشيخ، والتى تأتى انعكاسا للدور المحورى الذى تضطلع به مصر إقليميا ودوليا، خصوصا وأن هذا المؤتمر سيتيح منبرا لدولنا الشقيقة للتعبير عن متطلباتها فى هذه القضية التنموية المهمة، لذلك تعمل الدولة المصرية بجميع مؤسساتها لإنجاح هذا الحدث العالمى، والذى يستهدف تحقيق تقدم ملموس فى مجالات الأولوية، مثل تمويل المناخ والتكيف والحد من التلوث البيئى والتخفيف من تداعياته السلبية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية هذا العام توفر فرصة مناسبة للقاء وتبادل الخبرات والتجارب، والحوار الجاد والمتواصل بين كافة الشركاء الفاعلين فى مجال تحقيق التنمية فى الدول الأعضاء من مجموعة البنك من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى مع مؤسسات التمويل الإنمائى، داعيا إلى اغتنام هذه المناسبة للخروج من هذا الحدث المهم بمشروعات واعدة للتعاون فى مجالات التجارة والاستثمار المشترك، تتكامل من خلالها الجهود الوطنية والإقليمية وكذلك الدولية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التى تلبى تطلعات شعوبنا جميعا.
وتوجه الدكتور مصطفى مدبولى، فى ختام كلمته، بخالص الشكر والتقدير لكافة القائمين على الإعداد والتنظيم الجيد لهذه الاجتماعات، داعيا الله أن تكلل أعمالها بالنجاح، متمنيا للمشاركين من ضيوف مصر الكرام طيب الإقامة فى بلدهم الثانى مصر، وتمنياته لهم جميعا بدوام التوفيق ولدولنا الشقيقة بمزيد من التقدم والازدهار.