المسلمون وصناعة أوروبا الحديثة.. إيملى جريبلى تتناول آثار تفكيك الدولة العثمانية
تتخذ أستاذة التاريخ ودراسات أوربا الشرقية فى جامعة فانريبيلت الأمريكية إيملى جريبلى من مؤتمر برلين الذى أقيم فى القرن التاسع عشر نقطة ارتكاز لكتابها المسلمون وصناعة أوروبا الحديثة فعشية المؤتمر الذى أقيم عام 1878 وجدت أعداد كبرى من المسلمين أنفسهم مواطنون فى بلاد أوروبية فى شبه جزيرة البلقان وشرق أوروبا عقب فقدان الدولة العثمانية لجزء من أراضيها.
في عام 1878، أصبح أكثر من مليون مسلم عثماني مواطنين في دول أوروبية أخرى وتم التأكيد لهم على الحكم الذاتي وفى الفصل الأول من الكتاب تحلل الكاتبة كيف عانى المسلمون في صربيا والجبل الأسود والنمسا والمجر من الانتقال المفاجئ إلى دول جديدة واستجابوا لذلك التغير.
تشرح الكاتبة معطيات التمثيل السياسي وحقوق الملكية والحرية الدينية الركائز الثلاث لعقد المواطنة وكيف تم اختبارها من خلال أجندات بناء الدولة الجديدة، وتحديداً من خلال سياسات التعليم والتجنيد الإجباري والضرائب.
في الفصل الثانى تناقش الكاتبة النظام القانونى المنفصل لطوائف المسلمين في دول أوروبا الشرقية والبلقان فماذا يعني أن يكون لجماعة طائفية نظام قانوني منفصل ضمن نظام قانوني مركزي؟ ومن الذي سيقرر أين سيتم ترسيم الحدود القضائية؟ ومن سيدفع ثمن هذا النظام ويتخذ القرارات نيابة عنه؟ وكيف سيتم حل النزاعات؟ يستكشف هذا الفصل نظام السيادات المتداخلة والمجالات القضائية المتنازع عليها والتي عمل وفقا لها المسلمون في صربيا والجبل الأسود والنمسا والمجر ببطء في العقود التي تلت مؤتمر برلين كما يحلل أنواع النقاشات التي دارت بين المشرعين المدنيين والفقهاء المسلمين حول الولاية القضائية ويسلط الضوء على الدور المعقد للإمبراطورية العثمانية في مسائل حقوق المسلمين والأنظمة القانونية.
في فصل البقاء والاستقلالية تؤكد الكاتبة أن حروب البلقان 1912-1913 والحرب العالمية الأولى حطمت النسيج الاجتماعي لأوروبا العثمانية وأدت إلى مراجعة جذرية للحدود السياسية للمنطقة ومن ثم انعكست هذه التغيرات على المسلمين في أوروبا الشرقية والبلقان.
يحلل هذا الفصل هذه الحقبة من وجهات نظر إسلامية متنوعة حيث يكشف عن عدد المسلمين الذين وجدوا الوعود القانونية بالمساواة السياسية والحقوق غامضة وغير ملموسة ، وبدلاً من ذلك سعوا إلى تحديد شروط الانتماء السياسي الخاصة بهم وأرادوا الحكم الذاتي والسيادة المذهبية وحماية المؤسسات والممتلكات الإسلامية.
وفى فصل أقليات ما بعد الحرب العالمية الأولى تنتقل الكاتبة إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى ومرحلة تقديم معاهدات باريس للسلام نظامًا قانونيًا جديدًا في أوروبا مسترشدة بأفكار تقرير المصير، حيث حلت الدول محل إمبراطوريات أوروبا متعددة الطوائف في وسط وجنوب شرق أوروبا وخلقت الحدود الجديدة للدول القومية فئات كبيرة من الأشخاص عديمي الجنسية والمهمشين والأقليات، واستجابة لذلك أنشأت نظم لحقوق الأقليات والحماية لإدارة الأقليات وحمايتها وبالتركيز على المسلمين الذين يعيشون في الدولة الجديدة لمملكة الصرب والكروات والسلوفينيين (التي يشار إليها غالبًا باسمها الأخير يوغوسلافيا)، يستكشف هذا الفصل كيف جمع قادة البلقان المسلمين الدروس المستفادة من التفاوض في صربيا والجبل الأسود والنمسا والمجر، والطريقة التى تعاملوا بها مع المستجدات الدولية في مرحلة متقلبة من القرن العشرين.