علاج سحري بالمكسرات.. تقرير يفك لغز العثور على الحمير المسلوخة فى مصر
بين الحين والآخر تعثر الأجهزة التنفيذية في مصر على حمير مسلوخة ملقاة فى الصحراء أو مناطق نائية، وآخرها محافظة الفيوم، فى بداية الأمر كان الاتهام للمطاعم باستخدامه كوجبات غذائية، لكن مع ظاهرة التخلص من الحمير المذبوحة وسلخ جلودها فقط زادت الشكوك حول أسباب تفشي الظاهرة الحقيقية، والإجابة الحاسمة جاءت فى تقارير صحف ومنظمات غربية.
وتفسر الظاهرة والبحث عن الدولة المتسببة فى تفشيها بقارة أفريقيا وبعض الدول العربية ومنها مصر، تبين أن الصين تقف وراء ظاهرة ذبح الحمير وسلخها بهدف تصديرها إلى بيكن بطرق غير مشروعة، بسبب مزاعم باحتواء جلودها على مادة ذات خصائص علاجية تسمى "إيجياو" تنتج منها الصين وحدها 5 آلاف طن سنويا.
ويقدر تعداد الحمير في العالم بقرابة 44 مليونا، لكن أعدادها شهدت انخفاضا ملحوظا خلال العقد الأخير بسبب الطلب الصيني المتزايد على المادة السحرية الـ"إيجياو".
ولا تعد هذه المرة الوحيدة التي يتسبب فيها النهم الصيني في حدوث تناقص ضخم في تعداد بعض أنواع الحيوانات، حيث سبق أن تسبب ولع الصينيين بعاج الأفيال الأفريقية مثلا في انخفاض كبير جدا في عددها.
وتشكل الصين السوق الاستهلاكية الأبرز الـ"إيجياو"، إذ تحتاج إلى أكثر من 10 ملايين حمار سنويا لتلبية الطلب في سوقها المقدر قيمته بملايين الدولارات، في حين يقتصر العرض العالمي على 1.8 مليون فقط، وفق إحصائيات لمنظمة "دونكي سانكشواري" البريطانية.
الطب التقليدي الصيني يعتبر المادة "علاج سحري" يتمتع بخصائص مشابهة لتلك المنسوبة إلى قرون وحيد القرن، ومن أبرزها تحسين الدورة الدموية وإبطاء الشيخوخة وتحفيز الرغبة الجنسية وزيادة الخصوبة.
وتقدم هذه المادة على شكل مشروب أو مع المكسرات كفاتح للشهية، وبينما كانت تُخصص في الماضي للأباطرة يتزايد الطلب عليها حاليا من الطبقة الوسطى في الصين.
وفي "مسالخ الحمير" الصينية، يقوم العمال بقتل الحيوان ثم سلخه قبل إلقاء جثته في القمامة أو حرقها، أما الجلد المسلوخ فيتم الاستفادة منه بعد تقطيعه واستخراج مادة الجيلاتين منه.
وبسبب الانخفاض الشديد في أعداد الحمير داخل الصين التي تراجعت بمقدار النصف تقريبا خلال العقد الأخير بسبب الاستهلاك المفرط؛ تحول التنين الصيني لإشباع نهمه بالإيجياو صوب القارة السمراء.
وذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نشر عام 2018، أن آلاف الحمير تسرق سنويا من أفريقيا لسلخها واستخراج مستحضر الإيجياو من جلودها، ما تسبب في ارتفاع قيمتها السوقية، مشيرا إلى وقوع حوادث سرقة عديدة للحمير، منها سرقة ألف حمار خلال 3 أشهر فقط في كينيا عام 2017.
كما أفاد موقع "ناشيونال جيوغرافيك" أن المئات من حمير أفريقيا تنتظر في المسالخ لذبحها، وهو ما قال عنه الموقع إنه من "أسوأ المشاهد وحشية" إزاء الحيوانات على الإطلاق، مؤكدا أن تهريب الحمير بطرق غير شرعية مستمر في العديد من دول القارة.
ووفق التقارير تعد كينيا المركز الأساسي لتجارة جلود الحمير في أفريقيا، حيث يصدر هذا البلد ما يصل إلى 160 ألفا من الجلود كل عام، وفق منظمة "بروك للأحصنة والحمير" الدولية
وعربيا زادت مصر صادراتها من جلود الحمير عام 2018، كما تسببت زيادة الطلب عليها في ارتكاب عشرات التجاوزات والجرائم البشعة من قبل مهربين ومهووسين بالثراء السريع بالمخالفة للطرق المشروعة.
وألقت الأجهزة الأمنية عام 2021، القبض على مزارع في محافظة المنوفية بتهمة سلخ جلود 10 حمير بطريقة وحشية، بعد أن وجدت حمير نافقة بدون جلودها ملقاة بأحد المجاري المائية.
وتمكن رجال الإدارة العامة لجمارك ميناء الدخيلة بالإسكندرية في يوليو 2020، من إحباط محاولة تهريب ألف قطعة من جلود الحمير المحظور تصديرها بموجب قرار من وزارة التجارة والصناعة وقوانين الجمارك والاستيراد والتصدير.
كما ضبط موظفو الجمارك بهونج كونج في أبريل من نفس السنة 16 طنا من جلود الحمير، و500 كيلوجرام من خيار البحر، من شحنة مهربة قيمتها 187 ألف دولار مصدرها مصر.
ووفق منظمات تعمل فى مجال حقوق الحيوان، أن مصر تصدر رسميا 8 آلاف جلد حمار للصين، فيما يتم تهريب أضعاف هذا الرقم بشكل غير رسمي عن طريق الحاويات، حتى أصبحت ثاني أكبر دولة تهرب جلود الحمير للصين، فيما بات هذا الحيوان معرضا للانقراض محليا.