ابن المهاجرين أم «المرأة الحديدية».. من يقود حكومة بريطانيا؟
احتدمت المنافسة داخل حزب المحافظين في بريطانيا حول خليفة رئيس الوزراء بوريس جونسون، بين كل من وزير المالية السابق ريشي سوناك، ووزيرة الخارجية ليز تراس، وفقا لـ«سكاي نيوز عربية».
وتقدم سوناك في آخر خمس جولات من انتخابات نواب حزب المحافظين وحصل على 137 صوتا، متقدما على تراس التي جمعت 113 صوتا، في حين تم إقصاء وزيرة الدولة للتجارة بيني موردنت بعد حصولها على 105 أصوات، وفق النتائج التي أعلنها مسؤول تنظيم الانتخابات الداخلية، غراهام برادي.
وسيقضي المرشحان الأسابيع الأربعة المقبلة في جولة في البلاد قبل موعد الاقتراع العام لأعضاء الحزب في الخامس من سبتمبر القادم، فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن تراس هي المرشح الأوفر حظًا على منافسها بين القواعد الشعبية، بينما اعتبر محللون أن الأسابيع المقبلة ستشهد تغيرا كبيرا في نتائج التصويت لصالح سوناك.
وفي السابع من يوليو الجاري، أعلن جونسون تنحيه من زعامة حزب المحافظين بعد تمرّد داخل فريقه الحكومي احتجاجا على الفضائح التي طالته وكذلك الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فيما سيظل في منصبه حتى انتخاب خليفة له.
الأكاديمي المتخصص بالشؤون الدولية، سمير الكاشف، قال إن "من سيفوز عند إعلان النتيجة في الخامس من سبتمبر سيواجه بعضا من أصعب الظروف في بريطانيا منذ عقود. فالتضخم في طريقه ليبلغ 11 في المئة سنويا، مع توقف معدلات النمو واقتراب الجنيه الإسترليني من أدنى مستوياته مقابل الدولار".
وأضاف الكاشف، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "واقعية سوناك قد تكون سببا في اعتلاء سوناك رئاسة حكومة بريطانيا ليكون أول بريطاني من أصول هندية يسكن في داونينغ ستريت بالعاصمة البريطانية لندن.
وأوضح أنه "لا شأن يشغل بال البريطانيين حاليا أكثر من الأزمة الاقتصادية، حيث حذر سوناك من إخبار الناخبين بالحكايات الخرافية المطمئنة وضرورة العودة إلى القيم الاقتصادية المحافظة التقليدية".
وأشار أيضا إلى أنه "على الصعيد السياسي فإن موقفه تجاه جونسون أكسبه شعبية واسعة بالبلاد وجعله ضمن الصفوف الأولى في المرشحين لخلافة جونسون، حيث كان أول من وقف بوجه رئيس الوزراء وسحب البساط من تحت أقدامه بتقديم استقالته التي جرت سلسلة واسعة من الاستفالات بالفريقي الحكومة ومن ثم إحراج جونسون ودفعه نحو التنحي".
فيما اعتبر أن مواقف تراس الاقتصادية والسياسية وتأييدها لجونسون جعل هناك انقساما حولها بين أعضاء حزب المحافظين، لافتا إلى أنها تحاول أن تسير على خطى المرأة الحديدية مارغريت تاتشر عبر سياسة خارجية متشددة وتعهدها برفع الميزانية العسكرية.
من هي تراس؟
ولدت تراس، في مدينة أوكسفورد بجنوب وسط إنجلترا عام 1975، لأسرة بريطانية من الطبقة المتوسطة ذات قناعات يسارية قوية.
وهي ثاني امرأة تتولى وزارة الخارجية، ويُنسب إليها الفضل في تأمين الإفراج عن نازانين زاغاري راتكليف بعد 6 سنوات من الاعتقال في إيران، وأيضا في فرض عقوبات على روسيا والأوليغارشية الروسية.
وكان قد تم انتخابها لأول مرة في عام 2010 نائبة عن ساوث ويست نورفولك، وأصبحت شخصية مشهورة بين أعضاء حزب المحافظين بسبب آرائها التحررية في الاقتصاد والتجارة.
لكن أسلوبها لم يلق دائما اهتماما لدى عامة الناس، وقد تعرضت للسخرية لأنها ألقت خطابا في مؤتمر المحافظين في عام 2015، تضمن جانبا حماسيا عن واردات الجبن في بريطانيا.
ولم يعرقل ذلك تقدمها، حيث شغلت سلسلة من المناصب الوزارية بما في ذلك التفاوض على اتفاقيات التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كوزيرة للتجارة الدولية قبل أن تصل إلى منصبها الحالي.
كانت وزيرة الخارجية قد أعلنت في وقت مبكر دعمها لجونسون بعد رحيل وزيري المالية والصحة، مما عزز مكانتها بين الموالين.
وعلى صحيفة "ديلي ميل"، سلطت تراس الضوء على نهجها المتجذر في القيم المحافظة وعلى الانخفاض الفوري للعبء الضريبي الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ 70 عاما، ومن ثم وعدت بإعادة النظر في الزيادة الأخيرة على الرسوم الاجتماعية، وتعليق الضريبة المفروضة على فواتير الطاقة لدعم الطاقات الخضراء، وبميزانية طوارئ.
وفي مقابلة مع "بي بي سي"، قالت إنها كانت تود أن "يستمر بوريس جونسون كرئيس للوزراء، لكنه لم يعد يحظى بدعم الحزب في البرلمان".
وزير المالية السابق
ولد سوناك في ساوثهامبتون عام 1980 لأبوين من أصل هندي هاجرا من شرق إفريقيا إلى المملكة المتحدة، أصبح نائبا في البرلمان في عام 2015 عن دائرة ريتشموند في شمال يوركشاير، ثم بات وزيرا للمالية بحلول فبراير من عام 2020.
وسرعان ما كان عليه أن يكافح ضد وباء فيروس كورونا، وأنفق مبالغ ضخمة من المال في محاولة للحفاظ على الاقتصاد أثناء الإغلاق.
ولم يكن الإسراف في إنفاق المال بالأمر السهل بالنسبة لرجل محافظ في الجناح الثاتشري في الحزب يؤيد تقليل الضرائب والإنفاق، لكن ذلك أدى إلى تعزيز شعبيته.
وربما تكون خطوته المبكرة بترك الحكومة مع زميله وصديقه الوزير ساجد جاويد قد مهدت الطريق لتدفق الاستقالات الوزارية التي أجبرت بوريس جونسون في النهاية على التنحي.