تقرير: ماذا تعني الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة لأوروبا الناشئة؟!
رغم أنه لا يزال هناك أكثر من عامين على موعد إجراء الانتخابات الأمريكية المنتظرة في عام 2024، إلا أن المخاوف الأمنية المتزايدة بشدة في جميع أنحاء أوروبا الناشئة أدت إلى النظر إلى تلك الانتخابات على أنها خطر كبير يواجه المنطقة.
ووفقًا لتقرير نشرته شبكة البلقان الإخبارية المتخصصة في شئون شرق أوروبا وأوراسيا، ذكر أنه في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، الذي انتخبه الأمريكيون بسبب رغبتهم في العودة إلى السياسات "الطبيعية" بعد سياسات إدارة ترامب المضطربة والفوضوية، دعمت الولايات المتحدة تعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلنطي (ناتو) واتخذت موقفًا حازمًا بشأن العقوبات ضد روسيا بسبب هجماتها العسكرية على أوكرانيا. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان هذا سيستمر إذا تم انتخاب دونالد ترامب، أو مرشح مقرب منه، للرئاسة في عام 2024.
ووضع تقرير أصدره معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية في يوليو الماضي، الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة كواحدة من بين المخاطر التي تواجه منطقة وسط وجنوب شرق وشرق أوروبا، زاعمًا أنها "يمكن أن تؤثر سلبًا على شكل الأمن الأوروبي".
وعلقت الخبيرة الاقتصادية النمساوية بالمعهد أولجا بينديوك، التي أدرجت توقعاتها بشأن المخاطر التي تحوم حول المنطقة في ندوة عبر الإنترنت قائلة إن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستحدد الوضع، كما حدث بالفعل مع انتخابات عام 2016 ومدى تأثيرها على الوضع الأمني والاقتصادي في الاتحاد الأوروبي .
وقال ريتشارد جريفيسون نائب مدير معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية إن تصور المخاطر في المنطقة قد "تغير قليلاً" بالفعل منذ الهجمات الروسية، فعلى الرغم من أن الالتزام الأمني للولايات المتحدة تجاه المنطقة الأوروبية ظل كما هو على مدى الأعوام ولا يوجد سبب لانهيار الاستثمار في المنطقة بشكل أساسي، إلا أن الأمور يمكن أن تتغير، وهو ما يثير القلق.
وتظهر استطلاعات الرأي حاليًا أن الفائزين الأكثر ترجيحًا في انتخابات 2024 هم بايدن أو ترامب أو حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذين يُنظر إليهم على أنهم المنافسين الأقرب والأكثر مصداقية لترامب داخل الحزب الجمهوري.
ومن المتوقع أن تتحول الأنظار إلى السباق الرئاسي المقبل بعد انتخابات التجديد النصفي بحلول الخريف في نوفمبر المقبل، حيث قال بايدن إنه مستعد للترشح مجددًا إذا كان يتمتع بصحة جيدة، على الرغم من أن بعض الديمقراطيين البارزين رفضوا تأييده لولاية ثانية، جزئيًا بسبب عمره، إذ أنه سيبلغ 86 عامًا بنهاية ولايته الثانية إذا أعيد انتخابه، بالإضافة إلى مخاوف بشأن تصنيف شعبيته في البلاد.
ولم تصدر أي تصريحات عن ترامب، الذي سيكون في الثمانينيات من عمره أيضًا إذا خدم لفترة ولاية ثانية كرئيس، يؤكد فيها صراحة أنه يعتزم الترشح في الانتخابات المقبلة، إلا أن هناك توقعات على نطاق واسع بأنه سيترشح في المستقبل القريب.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج قد صرح في يونيو الماضي بأن دول الحلفاء تستعد "لحرب طويلة"، حيث اتفق قادة الحلف على إجراء "تحول أساسي في الردع والدفاع" ردًا على الهجمات الروسية على أوكرانيا، بما يتضمن نشر أعداد أكبر من القوات على جناحها الشرقي في مواجهة روسيا، لتقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا في دفاعها ضد الهجمات العسكرية عليها، وكذلك تبني مفهوم استراتيجي جديد يطلق على روسيا صراحةً أنها تمثل "تهديدًا مباشر وأكثر خطورة للحلف".
وفي إطار تلك الإستراتيجية، أعلن بايدن عن تكثيف كبير للوجود العسكري الأمريكي في أوروبا "للدفاع عن كل شبر من أراضي الحلفاء"، وقال حينذاك إن الفيلق الخامس للجيش الأمريكي سيؤسس مقرًا دائمًا في بولندا، بينما سترسل الولايات المتحدة أيضًا 5000 جندي إضافي إلى رومانيا، بما يتزامن مع موافقة الناتو على نشر المزيد من القوات داخل دول الجناح الشرقي.
وتحتاج أوكرانيا بالفعل إلى مزيد من الدعم، المالي والعسكري، أكثر مما تحصل عليه من الولايات المتحدة، فعلى الرغم من أن معظم الدول الأوروبية متحدة في دعمها لكييف، إلا أن انتخاب رئيس أمريكي جديد غير ملتزم بالاستقرار في أوروبا من شأنه أن يقوض الوضع في أوكرانيا، بل تخشى دول أخرى تقع في الغرب المباشر لروسيا، مثل مولدوفا ودول البلطيق، أن تكون التالية وتتعرض لهجمات.
إضافة إلى ذلك، هناك التأثير الاقتصادي لتلك الهجمات الروسية الذي يؤثر فعليًا على جميع بلدان أوروبا الناشئة، وأدى إلى تباطؤ النمو مقارنةً بالانتعاش الذي أعقب السيطرة على فيروس كورونا في عام 2021. ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع مع ارتفاع معدلات التضخم كتأثير غير مباشر للحرب على الغذاء وأسعار الطاقة، مما يعني أن فقدان موقف أمريكي ثابت يدعم المنطقة الأوروبية سيؤدي إلى فقدان شديد للثقة في الولايات المتحدة أيضًا.