”ذا ديبلومات”: الصين حرصت على ملء الفراغ الاقتصادي في روسيا
ذكرت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن الصين تسعى منذ اندلاع الأزمة الروسية ـ الأوكرانية إلى ملء الفراغ الذي خلفته العقوبات على روسيا حتى أصبحت في وقت يسير أكبر مورد ومستورد لروسيا في عدة مجالات لكن وفقا لشروط بكين الخاصة.
وأشارت المجلة، في تقرير لها، إلى أنه منذ بداية الحرب في أوكرانيا حرصت الصين على موقف حيادي مؤيد لروسيا، لكن وسائل الإعلام في بكين تعمل على دعم الروايات الروسية بما يتماشى مع الصداقة بين الدولتين، كما رفضت بكين فرض أي عقوبات على موسكو ولم تمتنع عن تعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا، بينما حافظت في الوقت نفسه على الحد من مخاطر تعرضها لعقوبات من جانب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وأوضحت أن الواردات الصينية من روسيا شهدت انخفاضا لفترة وجيزة بعد إطلاق العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير الماضي، لكنها سرعان ما انتعشت فيما بعد؛ بسبب ارتفاع الأسعار الذي أحدثته الحرب، في المقام الأول، ثم النمو في حجم الواردات، وهو ما كان متناقضا بقوة مع واردات الصين من دول مجموعة السبع والتي شهدت تراجعا حادا منذ بدء الأزمة. وعللت المجلة ذلك بأن المخاوف من العقوبات التي حدت في البداية من حجم الواردات الروسية خاصة النفط يبدو وقد تلاشت.
ووفقا لـ"ذا ديبلومات"، فقد لعبت الأسعار المنخفضة للنفط والغاز الروسيين دورا في زيادة المشتريات من جانب الصين، حتى تجاوزت بكين، حاليا، ألمانيا بوصفها أكبر مشتر منفرد للطاقة الروسية في العالم.
وفيما تراجعت الصادرات الصينية إلى روسيا في بداية الأزمة، نوهت المجلة بتفوق الصين على جميع نظرائها من مجموعة العشرين في الصادرات إلى روسيا، بما في ذلك البرازيل والهند.
وبينما كانت الصين انتقائية في تلبية احتياجات روسيا لا سيما التكنولوجية منها تجنبا للتعرض لعقوبات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، زادت الصين من شحناتها للدوائر المتكاملة (دوائر إلكترونية مصغرة تتكون بشكل أساسي من مجموعة من العناصر والمكونات الكهربائية مثل المقاومات والمكثفات وغيرها) ومنتجات أشباه الموصلات الأخرى إلى روسيا بشكل كبير منذ أبريل الماضي، وذلك عندما تدخلت الصين لملء الفجوة التي خلفها الانخفاض في هذا المجال بنسبة 90% في الصادرات العالمية إلى روسيا.
وبالرغم من الارتفاع الهائل في الصادرات التكنولوجية الصينية إلى روسيا، إلا أنها لم تلبي الاحتياجات الروسية، ما دفع موسكو إلى استخراج الرقائق الدقيقة من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية (مثل الغسالات الأوتوماتيكية وغيرها) لإعادة استخدامها مرة أخرى في صناعة الأسلحة، على حد قول "ذا ديبلومات".
في الوقت نفسه بدأت الصين، وفقا للمجلة، بيع طائرات بدون طيار مزدوجة الاستخدام لأوكرانيا، قبل أن تقرر شركة "دي جي آي" الصينية تعليق العمليات في كل من أوكرانيا وروسيا نتيجة مخاوف من الاستخدام العسكري لمنتجاتها، وبذلك حافظت على الانصياع لمطالب السوق دون أن تنفصل تماما عن روسيا، وظهر ذلك جليا عند مقارنة عدد الشركات الصينية التي غادرت السوق الروسي بنظيرتها الغربية.
لكن على النقيض شهدت العلاقات المالية تراجعا ملحوظا بين الصين وروسيا، حيث تشير المؤشرات إلى ضبط النفس من قبل المستثمرين الصينيين، حيث جرى تعليق مشروعات البنية التحتية والتمويل بالكامل، ولم يكن هناك ما يشير إلى إقراض مصرفي إضافي من الصين إلى روسيا، بالإضافة إلى ذلك أعلن العديد من مزودي الخدمات المالية الصينيين انسحابهم من السوق الروسية وسط شكوك قانونية واقتصادية عالية المخاطر، كما أن الخدمات المالية الصينية لم تشهد استخداما واسع النطاق في روسيا، ورغم ذلك ارتفعت معدلات التجارة في الرنمينبي الصيني والروبل بشكل كبير في العاصمة الروسية، ما يعكس على الأرجح ابتعاد موسكو عن عملات دول مجموعة السبع.
ورأت "ذا ديبلومات"، في ختام تقريرها، أن العلاقات الصينية الروسية اتسمت تقليديا بالمنافسة، لكن مع صعود الصين في السياسة العالمية إضافة إلى الأزمة الروسية الأخيرة مع أوكرانيا، أضحت علاقات الجانبين مقيدة بعدوين مشتركين هما الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلنطي (ناتو).