وجع المنفى في قصائد شعراء عرب بمنتدى الشارقة
نظم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة الثلاثاء أمسية شعرية حضرها جمهور حاشد امتلأت به قاعة منتدى الثلاثاء، وأحياها الشعراء أحمد الصويري، والدكتور محمد سبيل، وعبد السلام حاج نجيب، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي. وقدمتها الشاعرة همسة يونس، التي أثنت على التواصل المتجدد بين بيت الشعر والشعراء، وحرص القائمين عليه على تقديم الجديد والمختلف في كل مرة، وعلى مجهوداتهم في تقديم الوجوه الشعرية الجديدة وترسيخ حضورها في المشهد الشعري العربي وجاءت مواضيع القصائد ملونة بالحب الذي يشمل في معناه السامي والكبير أجمل معاني الإنسانية التي تجلت في قصائد وطنية ووجدانية شنفت آذان المستمعين ونالت استحسانهم وتصفيقهم، وعطرت أجواء البيت بأريج المحبة والجمال.
افتتح القراءات الشاعر السوري أحمد الصويري الذي استلهم قصة سيدنا يوسف عليه السلام، واصفاً من خلالها رحلته إلى الغربة، ومسقطاً إيحاءاتها على وطنه الذي غادره محمّلاً بالأحلام والذكريات، جاء فيها:
سِرنا.. ولم نلتفتْ صوبَ البلادِ فما
عادتْ لنا اللّحنَ أو عدنا لها الوتَرا
وكان في التّيهِ صوتٌ كلّما تعبتْ
من المسيرِ خُطانا، جاءَ مُعتذِرا
قالَ: ادخلوا! ثَمَّ أبوابٌ ستعرفُكم
وخلفَها كانَ وجهُ الأمسِ منتظِرا
ثم قرأ عدة نصوص أخرى غلب عليها إحساس الغربة واللوعة والحب في قوالب شعرية سامية المعاني وعالية اللغة، وفي قصيدة مضمخة بالأنين، رثى فيها حال غربته وقسوة منفاه، يقول:
كنتُ ألقي على الضِّفاف سلامي
وعلى الموج ترتمي صيحاتي
لم يكن لي من البلاد نصيبٌ
حيثما سرتُ، فالمنافي جهاتي
أما الشاعر السوداني د. محمد سبيل فدارت نصوصه حول التأمل في الذات و مرور السنوات سارقة العمر في كفوفها، وهو الموضوع الذي طالما أرق الشعراء ونال اهتمامهم، وابتدر قصائده بلوم من يكتم الحب ولا يدرك أن المرء يعيش
حياته لمرة واحدة، يقول:
ناشدْتُكَ اللهَ هل للعمرِ من تالِ
حتى تموتَ بحبّ قرَّ في البالِ؟
إلامَ تكْتمُ شجوَ الوجْد في كبدٍ
حرّى ملوّعةٍ من كل خَلخالِ
ثم قرأ نصوصا تنوعت مواضيعها بين الشدو للوطن، والتأمل في الحياة، نالت استحسان الحضور، شعراء وإلقاء، وواصل في حديث العمر، واصفا قسوة فراره من بين يديه في نص بعنوان " الخمسون" يقول فيه:
سلوا شيبي عن الأعوام فرّت
فرارَ الصيد يستبقُ العُقابا
ومثلي ليس يغنيه وقارٌ
وقد زعموا، أأرتشف السرابا؟
فلا والله ما برحتْ شجونٌ
إذا تركت بأضلاعي ربابا
واختتم القراءات الشاعر السوري عبدالسلام حاج نجيب الذي بث أشواقه للبيتالوطن الأم في قصيدة شفافة اللغة، رقيقة المعاني وصف فيها رحيله وحنينه جاء فيها:
رَحَلْتُ معي من كل غصنٍ قصيدة
وَأغنِيَةٌ تُوصِي الرَّبيعَ بِصُحبَتي
وَأشتاقُ ... كم أشتاقُ يا دفءَ بيتنا
لِبَسمةِ أمِّيْ حينَ تغزِلُ سُترتي
ثم واصل في ملء كاسات الحنين من أنهر الذكريات مستحضرا الثراث، وآخذا المستمعين إلى أجواء الحارات الدمشقية بكل ما فيها من عبق وأصالة، يقول:
يحتاجُ حشداً من الأزهار يا حارَةْ
حتى يعودَ الذي خَبَّيْتِ أسرارَهْ
يحتاجُ بنتاً تربِّي تحت كنزتِها
قصيدةً ترقصُ السالسا لغيتارةْ
و زفّةً لعريسٍ، دبكةً و جموعاً
تضبطُ الخَطوَ إيقاعاً لهوَّارةْ
وفي الختام كرَّم الشاعر محمد عبدالله البريكي، الشعراء المشاركين ومُقدمة الأمسية.