الخبير الاقتصادي فتحى ندا يكتب.. جغرافيا الاقتصاد أحد ضحايا التغير المناخى
هل التغير المناخى سيُعيد رسم الخريطة العالمية للإنتاج والتصنيع الزراعي والثروات الحيوانية والنباتية وغيرها من الطيور والكائنات الأخرى، وبالتالي إحداث تغيير في شكل التحالفات الاقتصادية وربما السياسية؟
الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكوكب نتيجة التلوث البيئي الذى أحدثه الإنسان تغيرات مناخية لن يقتصر تأثيرها فقط على ما شهدناه وسنستمر فى مشاهدته والمعاناة من آثاره المناخية - من أعاصير مدمرة وحرائق غابات مرعبة وموجات حر وبرد و سقيع وفيضانات قاتلة - لعقود وسنوات طويلة قادمة ، بل هناك ما هو أدهى وأقسى وأحرى بنا أفرادا وجماعات وشعوب وحكومات أن ننتبه له ولعواقبه القاسية خاصة على الدول الفقيرة والاقتصادات الناشئة والتى منها مصر، إنه :- تغير جغرافيا الإقتصاد، نعم " جغرافيا الاقتصاد".
من المعلومات الاقتصادية التى خلفتها للعامة الحرب الروسية الأوكرانية أن كمية كبيرة من الحبوب والزيوت النباتية والبذور يتم انتاجها وزراعتها فى روسيا وأوكرانيا، ومن المعلوم لدى المتخصصين والباحثين أن زراعات ومنتجات معينة تحتاج الى أجواء معتدلة وأخرى تحتاج الى اجواء باردة وأخرى الى حارة، كذلك الحال بالنسبة للحيوانات الاليفة والحيوانات البرية والأسماك والطيور والأعشاب وحتى الحيوانات المفترسة والطحالب والحشرات والبكتيريا على إختلاف انواعها.
التغيرات المناخية وتداعياتها على مختلف الأصعدة ستؤدى بلا جدال الى إحداث تغيير جغرافى لمواطن إنتاج المحاصيل والسلع الاستراتيجية كالقمح والذرة وعباد الشمس والأرز والزيتون والنخيل وكذا العدس والبطاطس والخضراوات والفاكهة واللحوم والاسماك والطيور ... الخ.
إن ما نعيشه منذ سنوات وسيستمر ويتصاعد من ظواهر مناخية لن تكون مؤقته او عابرة بل ستستمر ربما لعقود وسنوات طويلة، مما يعنى أن مواطن إنتاج وزراعة محاصيل معينة ارتفعت بها درجة الحرارة عن المعتاد كما حدث فى اوروبا وأمريكا ، عندها لن تصبح تلك المواطن صالحة لزراعة هذه المحاصيل بل ستنتقل هذه المحاصيل الى مواطن ومناطق بل دول أخرى تغيرت بها الظروف المناخية واصبحت مناسبة لزراعتها ونموها وجودة محصولها، وبالتالى ستتغير خريطة تلك المحاصيل ( مواطن انتاجها) وبالتالى ستتغير خريطة المنتجات الغذائية والصناعات القائمة عليها وبالتالى ستتغير خريطة خريطة الدخول والثروات لكثير من الدول.
ما سيحدث فى المحاصيل سيحدث بلا جدال فى الثروة الحيوانية والداجنية والسمكية، بل إن التغيير سيطال جغرافية كل إحتياجات ومتطلبات الحياة من مأكل وملبس ومسكن، ويجوز لنا القول بأن ميزان القوى سيتغير بتأثير التغيرات المناخية.
ولى فى هذا المقام تساؤل وبما أننا نستضيف قمة المناخ - كوب ٢٧ - فى نوفمبر القادم بمدينة السلام " شرم الشيخ " ويتوافر بالتأكيد كم هائل من البيانات والدراسات والأبحاث وعدد كبير من العلماء والخبراء والباحثين المشاركين فى اعداد وانجاح هذا الحدث المهم:
* لماذا لا تنشئ الحكومة المصرية وحدة دراسات وأبحاث لتقدم للدولة دراسة علمية حول تأثير التغيرات المناخية وتداعياتها على خريطة المنتجات والسلع والثروات الزراعية والنباتية والحيوانية والسمكية و .... الخ.
هذه الدراسة ستتيح للدولة رؤية مستقبلية عن خريطة تحالفات اقتصادية وسياسية مطلوب الإعداد لها فور تقديم تلك الدراسة، عمل كهذا والاستفادة من نتائجه سيكون خطوة إستراتيجية قوية على الصعيد الاقتصادى والسياسي في المستقبل القريب والبناء عليها فى المدى المتوسط والبعيد
كاتب المقال فتحى ندا الخبير الاقتصادى