الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب .. إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
يبهرني الأدب في زمنٍ قلّ فيه الأدب ،هنا استوقفنى ،قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم تستحي فاصنع ما شئت،والمثل الشعبى المصرى العتيق الذى يقول "إذا طلع العيب من أهل العيب ميبقاش عيب"، والمثل الاخر الذى يقول "اللى استحوا ماتوا، أو اللي اختشوا ماتوا" ويعُد المعنى واحد والمواقف مختلفة، فقد وصف المصريون أخلاق الأشخاص الذين اعتادوا على «العيب»، حتى أصبحوا أهلا للعيب، فلم يعد مستغربا عليهم أي أمر وهم من جعلوا للعيب أهل وأهلية، وهم كثر منهم السافل ، وعديمى التربية ، والحرامى ،أو العاهرة ، وغير المحترمة وقليلة التربية ، هولاء لا يتوافر لديهم العيب ، أو الادب ، أو الاخلاق ، بسبب سوء التربية ،وكما يقال "الإناء ينضح بما فيه " هولاء مهما ما فعلوا من فواحش وخروج العيب!! ومهما كذبوا يستمروا فى الكذب لا خشى ولا حياء !!
جيل هذه الأيام جيل النت والانترنت والتيك توك لايعرفون المرحومة "عيب "التي كانت منبراً وخطبة يرددها الأهالي بثقافتهم البسيطة ، لم يكونوا خطبآء ولا دعاة أو مفتين ، وإنما هي كلمتهم لإحياء فضيلة وذم رذيلة ، وتحياتي لكل من عرف العيب فاخشي الله قبل الناس
للأسف هناك من يتباهى بشهادتة وجامعاتة وندرة تخصصة ونسى إن العلم لا يكمل "بلا أخلاق وبلا أدب "،ونسينا ان جمال القيم في الحفاظ عليها .. والتحلّي بها ..
عاصرنا رجالا ونساء لم يعرفوا القراءة والكتابة ولكنهم اتقنوا علم الكلام لم يدرسوا الادب ولكنهم علمونا الادب ،لم يدرسوا قوانين الطبيعة وعلوم الاحياء ولكنهم علمونا فن الحياة ، لم يقرؤا كتابا واحدا عن العلاقات ولكنهم علمونا حسن المعاملة والاحترام ، لم يدرسوا الدين ولكنهم علمونا معنى الإيمان .. لم يدرسوا التخطيط ولكنهم علمونا بُعد النظر ، وكيف نبقى على الصديق ومن علمنى حرفاً،لم يدرسوا كتابة العقود فكلمتهم هي الرابط وهي العقد فعلمونا احترام الموقف والمبدأ والكلمة ، ليتنا نجمع اخلاقهم وعلمنا وندركها قبل فوات الاوان .
للأسف نحن نعيش أزمة القيم والمثل العليا، والسقف الذي لا يجوز تجاوزه، والحدود التي من المعيب الانحدار لما دونها. هي أزمة سببها الاسرة ، والمجتمع فأهدرت معها كل قيمة للأخلاق، وشوّهت قيم وأخلاقيات المجتمع المصرى ، ونزعت برقع الأدب، وتجاوزت كل المحرمات، لتفرض نماذج جديدة على المجتمع، الرداءة عنوانها، وقلة التربية أساسها.
ما وصلنا إليه من تفكك في قيم ومفهوم الأسرة والمجتمع ما نراة على الشاشة، ، وفى المدارس ، وفي الأغنية ، وأفلام المقاولات ،كل هذا لا بد أن ينعكس على الناس في تصرفاتهم وأخلاقهم.
حقاً وصدقاً مات " العيب " وقتلوا القيم والمواقف الجميلة التي تنعش الروح والقلب، بعد إن اسقطت الاسرة التربية من حساباتها، وتركوا أبناءهم للرياح تتقاذفهم، وتشكلهم كيفما تشاء، فهل من وقفة جدية حاسمة تعيد بناء النفوس والمجتمعات، كي نغسل العقول من جديد، لكن ب«الغسيل الإيجابي» هذه المرة؟